سياسة

الإفراج عن الرهينة الإيطالية يكشف استمرار قطر لتمويل للإرهاب


جرى أخيرا تحرير الرهينة الإيطالية، سيلفيا رومانو، من خلال جهود استخباراتية تركية، وبفدية قطرية، تم دفعها لحركة الشباب الصومالية الإرهابية، المرتبطة بفهد ياسين، رئيس الاستخبارات الصومالية، المعروف بعلاقاته بتنظيم القاعدة ونظام الدوحة.

وهذه الواقعة تحمل تعقيدا وتشابكا على أرض الواقع في الصومال، غير أنها تلتقي عند حلف الشر القطري التركي وعملائه بالصومال، وقد دفع هذا التعقيد أثارته من جديد تقارير إعلامية حول دور قطر وتركيا في إطلاق سراح الفتاة الإيطالية، سيلفيا رومانو، من قبضة حركة الشباب الصومالية الإرهابية، مما أعاد تسليط الضوء على الدور القطري المتنامي في تمويل الإرهاب تحت ما يسمى بتحرير الرهائن، والدور التركي الداعم له.

وجاء كل هذا في الوقت الذي يتواصل التحقيق  في الدعوى القضائية التي أقامها المصور الصحفي الأمريكي ماثيو شيرير، والذي تم خطفه في سوريا نهاية 2012 من قبل جبهة النصرة الإرهابية، ضد مصرف قطر الإسلامي متهما إياه بتمويل خاطفيه.

ويتصاعد الرفض العالمي لتمويل الإرهاب تحت ذريعة تحرير الرهائن، بين الدعوى القضائية التي ينظرها القضاء الأمريكي والتساؤلات المثارة في إيطاليا حول الدور المشبوه لقطر وتركيا في تحرير الرهينة الإيطالية.

وأعلن من جهته رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي يوم السبت الماضي، بأنه قد جرى إطلاق سراح المتطوعة الإيطالية الشابة، التي اختطفت في أواخر العام 2018 من دار للأيتام في كينيا، غير أنه ألمح إلى أن إطلاقها تم بعملية استخباراتية وليس مقابل فدية مالية.

وطالب في المقابل حزب أخوة إيطاليا اليميني الحكومة الإيطالية بالكشف عن تفاصيل تحرير عاملة الإغاثة الإيطالية، والتي قضت 18 شهرا تحت قبضة حركة الشباب الصومالية الإرهابية.

فيما دعا رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالحزب كارلو فيدانزا رئيس الوزراء الإيطالي إلى ذكر أي تفاصيل تتعلق بدور الاستخبارات التركية في عملية تحرير المختطفة رومانو، وأشار إلى أن إيطاليا اضطرت إلى دفع فدية مالية كبيرة لحركة الشباب والاعتماد على الوساطة التركية.

وفي الوقت الذي تضاربت الأنباء حول الجهة التي قامت بدفع الفدية، والتي تقدر بنحو مليون ونصف المليون يورو، فقد كشفت تقارير إعلامية بأن الحكومة القطرية بما لها من صلات مع حركة الشباب والكيانات الإرهابية في الصومال هي من قامت بدفع الفدية، غير أن صحيفة كوريير ديللا سيرا الإيطالية أشارت إلى أن الحكومة الإيطالية هي التي دفعت الفدية المالية.

في حين قام الإعلام الإيطالي بطرح علامات استفهام حول دور قطر، والتي تربطها مصالح اقتصادية كبيرة مع الصومال، والتي عملت على استكمال المفاوضات النهائية.

وأشارت بعض الصحف الإيطالية إلى أن قطر كان لها دوراً في ملف عاملة الإغاثة الإيطالية، ولفتت إلى أن المفاوضات النهائية تمت في الدوحة، غير أن الحكومة الإيطالية هي من دفع الفدية التي تقدر بمليون ونصف المليون يورو مقابل إطلاق سراح سيلفيا رومانو.

هذا وذكرت من جانبها صحيفة لاريبوبليكا الإيطالية بأنها أجرت مقابلة مع المتحدث باسم حركة الشباب، علي محمد راجي (دهري)، حيث أكد أن الحركة أخذت فدية مالية من الحكومة الإيطالية للإفراج عن العاملة الإغاثية الإيطالية سيلفيا رومانو التي كانت محتجزة لدى حركته.

كما أشار إلى أن حركة الشباب ستستخدم المبالغ التي حصلت عليها في ما وصفها بالعمليات الجهادية في الصومال ومنطقة الشرق الإفريقي وأضاف: جزء من المبالغ سيصرف إلى اشتراء السلاح لاستعماله في العمليات الجهادية.

إلى ذلك، قامت المعارضة الإيطالية بانتقاد دفع الفدية لحركة الشباب واعتبرت ذلك تشجيعا للإرهابيين، وأثارت أسئلة حول الدور المشبوه للمخابرات التركية التي يبدو بأنها لعبت دور الوسيط بين الحكومة الإيطالية والخاطفين.

رفض عالمي

إن مسألة دفع فدية مقابل إطلاق سراح الرهينة وإعلان الخاطفين بأن جزءا من المبلغ سيخصص لشراء السلاح أثارت جدلا أوروبيا واسعاً، وبذلك قال الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، ردا على شكوك حول دفع فدية لإطلاق سراح الفتاة الإيطالية خلال مؤتمر صحفي افتراضي: نعم بالتأكيد ستكون مشكلة ولكن بصراحة ليس لدينا مزيد من المعلومات.

قطر وتركيا.. وعملاء الشر

إن الدور الذي لعبته تركيا وقطر في الإفراج عن الرهينة الإيطالية المحتجزة عند حركة الشباب الإرهابية، والتي ترتبط بدورها  بفهد ياسين، رئيس الاستخبارات الصومالية، المعروف بعلاقاته بتنظيم القاعدة ونظام الدوحة وقد عمل في السابق بقناة الجزيرة، سلط الضوء على خطورة الدور الذي يقوم به هذا الحلف في الصومال والعبث بأمنه.

وأعرب من جهته منتدى الأحزاب الوطنية المعارض في رسالة بعثها الشهر الماضي إلى رئيس الجمهورية محمد عبد الله فرماجو ورئيس مجلس الشعب محمد مرسل شيخ عبد الرحمن ورئيس مجلس الشيوخ عبدي حاشي عبد الله ورئيس الوزراء حسن علي خيري عن قلقه تجاه المعلومات الكثيرة في هذه الأيام التي تتحدث عن علاقات وتعاون بين وكالة الاستخبارات والأمن القومي برئاسة فهد ياسين، وبين حركة الشباب الإرهابية، مما أثار الشكوك لدى الشعب الصومالي.

ويشار بأن فهد ياسين المعروف بعلاقاته بتنظيم القاعدة ونظام الدوحة يتولى رئاسة الاستخبارات الصومالية، كما أشار المنتدى إلى أنه يعتقد أنه لا يمكن الاستخفاف بتلك المعلومات نظرا للخطورة التي يشكلها ذلك على الأمن القومي.

كما طالب المنتدى بالتحقيق بخصوص ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي من الاتصالات بين قيادة وكالة الاستخبارات وحركة الشباب وتقديم نتائج ذلك إلى الشعب الصومالي، داعيا إلى منع استخدام المواقع الرسمية لوكالة الاستخبارات في أغراض خاصة لتضليل الشعب الصومالي وتضخيم عناصر من حركة الشباب لتحقيق مصالح خاصة، ودعا أيضا إلى إبعاد السياسيين الذين لهم أهداف خاصة من قيادة الوكالة وإسناد قيادتها إلى الخبراء في مجالي الأمن والاستخبارات.

وحذر خبراء في وقت سابق من محاولات تركيا ضم مقديشو إلى المحور التركي القطري الإرهابي من دون النظر مليا في ظروف وواقع البلاد الهش، فيما أشار مختصون إلى أن محاولات أنقرة لضم مقديشو للحلف التركي-القطري، واستخدامها في صراعتها الإقليمية ستفاقم من تأزم الأوضاع في البلاد.

تمويل الإرهاب.. سجل أسود

وفي حال ما إذا كانت قطر دفعت الفدية بنفسها أو كانت وسيطا لدفعها أو تعاونت مع تركيا لتحقيق هذا الهدف، فإن الأمر سيان وإن سجلها الأسود في تمويل الإرهاب تحت ذريعة تحرير الرهائن يعزز تلك الشكوك.

إن تنظيم الحمدين يقوم باستخدام أموال وثروات الشعب القطري المغلوب على أمره لدعم وتمويل الإرهاب، ومن أهم الجماعات الإرهابية التي تم تأكيد تورط تنظيم الحمدين في دعمها، جبهة النصرة في سوريا التي ظهر زعيمها أبو محمد الجولاني على شاشة الجزيرة القطرية مسبقا وحزب الله في لبنان وحركة الشباب في الصومال.

وقامت قطر في أبريل 2017 بعقد صفقة مع حزب الله، الذي قام بدور الوسيط، للإفراج عن 26 صيادا، من ضمنهم عدد ينتمي للأسرة الحاكمة، وتم اختطافهم أثناء رحلة صيد على الحدود السورية-العراقية في يناير 2016، وقد دفعت أكبر فدية في التاريخ لجماعات إرهابية بلغت مليار دولار.

ومن ضمن هذه الجماعات والأفراد، هناك كتائب حزب الله في العراق، والتي قامت بقتل عسكريين أمريكيين باستخدام عبوات ناسفة، والجنرال الإيراني قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الذي قتل في غارة أمريكية يناير الماضي، وكذا هيئة تحرير الشام، التي كان يطلق عليها اسم جبهة النصرة عندما كانت فرعا لتنظيم القاعدة في سوريا.

بينما في مصر، قدمت قطر شيكا على بياض للإخوان، وهي العباءة التي تظلل العديد من الجماعات الإرهابية، فيما تذكر عدة تقارير إلى أن حجم التمويل القطري المبدئي للإرهاب قد وصل نحو 65 مليار دولار منذ عام 2010 حتى 2015.

دعاوى قضائية

ورفع مصور صحفي أمريكي في يناير الماضي، كان قد خُطف في سوريا نهاية عام 2012 من قبل جبهة النصرة الإرهابية، دعوى قضائية بالمحكمة الفيدرالية بفلوريدا ضد مصرف قطر الإسلامي حيث اتهمه بتمويل خاطفيه.

وتعتبر هذه أول دعوى قضائية تتهم فيها مؤسسة قطرية بدعم الإرهاب خلال عام 2020، لتضاف بذلك إلى سلسلة قضايا سابقة حول العالم تواجه فيها الدوحة وبنوكها اتهامات مماثلة.

وكشفت من جهتها صحيفة التايمز البريطانية، في أغسطس الماضي، عن تقديم بنك بريطاني مملوك لقطر خدمات مالية لمنظمات إنجليزية عديدة مرتبطة بمتطرفين، وقد جرى تجميد حسابات بعض عملاء مصرف الريان القطري خلال حملة أمنية، وبعد مرور يومين على ذلك كشفت الصحيفة ذاتها بأن بنكا قطريا آخر هو بنك الدوحة الذي يملك مكتبا في لندن يواجه اتهامات بتحويل أموال إلى جماعة إرهابية في سوريا، حسب دعوى قضائية تنظر أمام المحكمة العليا في لندن.

وكشفت نفس الصحيفة، في تقرير نشرته على موقعها الإلكتروني، بأن شقيقين ثريين يواجهان اتهامات بأنهما استغلا حسابات في بنك الدوحة وذلك لتحويل مبالغ كبيرة من المال إلى جبهة النصرة، التابعة لتنظيم القاعدة الإرهابي، خلال الحرب السورية.

وفي الأخير، فإنه ومع مواصلة قطر سياساتها الداعمة للإرهاب، تتمسك دول الرباعي العربي ( السعودية والإمارات والبحرين ومصر) بموقفها من مقاطعة قطر، حتى ترجع الدوحة عن سياساتها الفاضحة، مع العمل مع المجتمع الدولي على إحباط كافة سياساتها ومؤامرتها بهذا الشأن.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى