سياسة

الإخوان تحت مطرقة موسكو.. صراع المصالح الأمنية يعيد شبح التصنيف الإرهابي


في خضم الاضطرابات الإقليمية التي تتسم بتصاعد نفوذ الجماعات العابرة للحدود، يجد تنظيم “الإخوان المسلمين” نفسه مجدداً في قلب المجهر الدولي. لكن هذه المرة يأتي تجديد الضغط من جبهة غير تقليدية تاريخياً هي روسيا الاتحادية، حيث أعادت موسكو أخيراً تسليط الضوء بقوة على التنظيمات المصنفة إرهابية، وفي طليعتها جماعة الإخوان التي أدرجتها على قوائمها السوداء منذ عام 2000، في خطوة تكشف عن تعميق لـ “الخناق” الأمني والسياسي حول هذه الجماعة الممتدة عالمياً.

ووفق تحليل لـ (سكاي نيوز)، تكتسب هذه المراجعة الروسية أهمية بالغة، ليس فقط لتأثيرها المحتمل على أنشطة التنظيم، بل لكونها مؤشراً على تحوّلات في استراتيجية الكرملين تجاه ملف الإسلام السياسي.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يُصنّف فيها التنظيم ضمن قوائم الكرملين الخاصة بالجماعات المتطرفة؛ إذ يعود القرار الروسي بإدراج “الإخوان المسلمين” على لوائح الإرهاب إلى مطلع الألفية وتحديداً عام 2000. 

وارتبط بشكل مباشر بالاستراتيجية الروسية لمواجهة التهديدات الأمنية الداخلية، خصوصاً في منطقة القوقاز، حيث اعتبرت الأجهزة الأمنية التنظيم جزءاً من شبكة إيديولوجية أوسع قادرة على تغذية التطرف وتقويض استقرار جمهورياتها.

ومع أنّ هذا التصنيف ظل قائماً لأعوام، إلا أنّ “التشديد الأخير للخناق” يترافق مع تصاعد ملحوظ في التهديدات الأمنية العالمية، وهو ما دفع موسكو إلى إعادة تفعيل هذا التصنيف سياسياً واستخباراتياً. هذا التجديد في التركيز لا يعني بالضرورة إطلاق حملة عسكرية مباشرة، بقدر ما يترجم إلى تكثيف للتعاون الأمني واللوجستي مع العواصم التي تعتبر الجماعة تهديداً مباشراً لها. ويشمل ذلك تضييق الخناق على أيّ مصادر تمويل أو أنشطة لوجستية قد تطال الأراضي الروسية أو مناطق نفوذها، بما في ذلك دول آسيا الوسطى وشمال أفريقيا.

ويرى خبراء في شؤون الجماعات المتشددة أنّ الخطوة الروسية لا تنفصل عن الرغبة في “إظهار المواءمة مع الشركاء الإقليميين الرئيسيين في مكافحة الإرهاب”، وأنّ موسكو تسعى لاستثمار هذا التصنيف في أجندتها الجيوسياسية الأوسع.

الأثر المباشر لهذا التحرك قد يتمثل في تقليص المساحات العملياتية والمالية المتاحة للجماعة في محيط النفوذ الروسي، وهو ما يزيد من عزلتها الدولية. ويُتوقع أن يدفع هذا الموقف المتشدد التنظيم إلى مراجعة استراتيجياته وربما اللجوء إلى مزيد من التخفّي والعمل السرّي في تلك المناطق. وبالنسبة إلى حلفاء روسيا الإقليميين، الذين تصنف غالبيهم تنظيم  “الإخوان” إرهابياً، فإنّ الموقف الروسي يمثل دعماً سياسياً لخطواتهم.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى