سياسة

الإخوان المسلمون: عودة أسطوانة المراجعات ومحاولات توريط وغياب الأولويات


لم تعرف جماعة الإخوان على امتداد تاريخها مراجعة حقيقية لسياساتها، فقد اعتادت في كل مظلومياتها على الإحالة الدائمة على الآخر، مع إنكار ما ترتكبه بشكل دائم، وفق نهج معتاد، لم تتخلَّ عنه أبداً.

في مناورة أخرى في هذا السياق، تحدّث المتحدث الرسمي باسم جبهة شباب الإخوان في تركيا، عباس قباري، عن وجود مراجعات داخل صفوف الجماعة، مدّعياً حدوثها خاصة على نطاق شباب الجماعة، لكنها، حسب زعمه، “لم تظهر لأنّ الجماعة ليست في موضع حركة، بسبب جمود الواقع السياسي”، مؤكداً أنّ “أثر تلك المراجعات سوف يظهر في حالة حصول حراك ثوري، وبشكل سوف يلمسه الجميع”! لكنه لم يوضح طبيعة هذا الارتباط بين المراجعة والثورة!

جدير بالذكر أنّ العلاقة بين قباري وقيادات الجماعة الهاربين إلى تركيا أقرب إلى التوتر، في ظلّ غضب المرشد المؤقت، محمود عزت، من تحركات قباري الفردية، عقب قيام الأخير بإجراء اتصالات مع عناصر الإخوان في الخارج، وحثّهم على عمل وقفة احتجاجية، أمام القنصليات المصرية احتجاجاً على تنفيذ أحكام الإعدام بحق قاتلي النائب العام، هشام بركات، في الوقت الذي تحاول فيه الجماعة التنصل من هذه الجريمة.

إخوان تونس.. هروب من الأولويات

أشرف رئيس مجلس نوّاب الشّعب التونسي، راشد الغنوشي، يوم الجمعة 3 تموز (يوليو) الجاري، على اجتماع مكتب مجلس النواب رقم 45 بقصر باردو، حيث تداول المكتب مشروع اللائحة التي قدّمها الحزب الدستوري الحر، وتهدف إلى تصنيف جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، ونجحت حركة النهضة بتحالفاتها في عدم تمرير اللائحة للجلسة العامة، بدعوى مخالفتها لمقتضيات خاتمة الفقرة الأولى من الفصل 141 من النظام الداخلي.

 من جانبها، أكدت رئيسة كتلة الدستوري الحر، عبير موسي، أنّ “مكتب المجلس قام بمخالفة أحكام الدستور والنظام الداخلي، بعد أن أصبح البرلمان تحت حكم المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين”، معلنة عن تنظيم وقفة احتجاجية أمام المسرح البلدي بالعاصمة.

وفي الوقت الذي يتطلّع الرأي العام التونسي لمشاريع سياسية عاجلة؛ تنتشل المواطن من الأزمات الحادة، تقدمت حركة النهضة بمشاريع قوانين لمجلس النواب، من ضمنها: مشروع قانون يتعلق بتثمين التراث الجيولوجي وحمايته، ومقترح قانون يتعلق بالمبادئ الرامية إلى ترسيخ اللغة العربية ودعمها وتعميم استخدامها، ومقترح قانون يتعلق بتنقيح بعض أحكام مجلة الجنسية التونسية، وكشفت تعليقات الشارع التونسي عن حالة من الاستياء، جرّاء تنكّر حركة النهضة لمطالبه الرئيسية، في ظل تصاعد أزمة الغلاء والوقود وتفاقم أزمة البطالة، والتي بلغت ذروتها في أحداث تطوان.

وعلى الصعيد التنظيمي، عقد مجلس شورى حركة النهضة دورته الأربعين، يومي السبت والأحد 27 و28 حزيران (يونيو) الماضي، وبعد التداول والنقاش خرج بيان الحركة، الذي أكّدت فيه على تجديدها دعم حكومة الوفاق في طرابلس، ما يعني حالة من الإصرار على شقّ الصف الداخلي، ومعارضة الموقف التونسي الرسمي الذي أكد عليه الرئيس قيس سعيّد، مؤخراً، وهو ما عبّر عنه عبد الكريم الهاروني، رئيس شورى النهضة، والذي قال صراحة: “من لا يقف مع الحكومة الشرعية في ليبيا، فإنّه يقف في صفّ الانقلابيين”، كما أكد الغنوشي أنّ “حكومة الوفاق الوطني هي الحكومة الشرعية في ليبيا، وهي الشرعية الوحيدة الموجودة”.

تصاعد حدّة الخطاب الإخواني في الجزائر

في الجزائر، عقد المكتب التنفيذي الوطني لحركة مجتمع السلم، الذراع السياسي للإخوان المسلمين يوم الثلاثاء 30 حزيران (يونيو) الماضي، اجتماعاً أكدت فيه الحركة موقفها الأيديولوجي تجاه لملف الليبي القائم حسب زعمها على الاعتراف بالشرعية، وحمّلت الحركة السلطات الفرنسية أزمات الشعب الليبي منذ البداية إلى الآن، وكذا الدول العربية التي وصفتها بـ”الراعية للفتن والمعادية لإرادة الشعوب”!

 وحاول البيان توريط الدولة الجزائرية في اتخاذ مواقف مماثلة، عبر التلويح بأنّ دعم “الشرعية”، كان وما يزال، هو موقف الجمهورية الجزائرية.

من جهة أخرى، واصلت حركة مجتمع السلم بياناتها المتتالية، حول ضرورة تعديل مسودة الدستور، وأجّلت مؤتمراً صحفياً كانت تعتزم تنظيمه في الأول من تموز (يوليو) الجاري، حول هذا الشأن، إلى الأسبوع المقبل، وقالت الحركة في بيان رسمي عقب اجتماع المكتب التنفيذي الوطني يوم 30 حزيران (يونيو) الماضي، إنّها أودعت، بملف دراسة مسوّدة الدستور، ما مجموعه 240 تعديلاً وإضافة و47 حذفاً، وكلها، وفق مراقبين، تنطلق من أرضية المشروع الأيديولوجي الإخواني.

إخوان المغرب وارتباك سياسي حاد

في المغرب، أيّدت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية الحاكم، الذراع السياسي للإخوان المسلمين، مطالبة الحكومة المغربية، في شخص رئيسها، سعد الدين العثماني، منظمة العفو الدولية بالإدلاء بما لديها من أدلة، على تأكيدها “قيام الحكومة بالتجسّس على مواطن مغربي، أو الاعتذار في إطار ما يفرضه نبل مهمّة الدفاع عن حقوق الإنسان، التي انتدبت المنظمة نفسها لها”، بحسب تعبير الحزب.

وكانت منظمة العفو الدولية أكدت، في 22 حزيران (يونيو) الماضي، أنّ حكومة العدالة والتنمية استخدمت تكنولوجيا برنامج بيغاسوس، التي طوّرتها مجموعة “إن.إس.أو” الإسرائيلية، في التجسّس على الصحفي عمر الراضي، الناشط في مجال حقوق الإنسان، والذي ينتقد ملف حقوق الإنسان في المغرب.

وعلى صعيد قضية مخالفة قوانين العمل، والمتهم فيها المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان والعلاقة مع البرلمان والمجتمع المدني، ومحمد أمكراز، وزير الشغل والإدماج المهني، قرر حزب العدالة والتنمية استمرار عضويتهما، رغم عدم تسجيل مستخدمين لديهما في مكتبيهما للمحاماة بصندوق الضمان الاجتماعي، حيث خلص تقرير لجنة النزاهة والشفافية بالحزب، إلى أنّهما “لم يخرقا قواعد النزاهة والشفافية المرتبطة بتدبير الشأن العام، ومقتضيات تحملهما لمسؤولياتهما العمومية”! بادّعاء أنّ هناك “ظروفاً حالت دون تسجيل المستخدمين في المكتبين، ولم يقصدا التهرّب الضريبي من هذه المخالفة”، وعليه فإنّ الحزب الإسلامي الحاكم قرّر ببساطة تجاهل أبسط قواعد المساءلة السياسية، والشفافية القانونية، لصالح اعتبارات داخلية خاصة بعدم تفكك الحزب.

وعلى جانب آخر، اعترفت اللجنة الإقليمية لحزب العدالة والتنمية، بإقليم بني ملال، بالوضعية المتدهورة للمركز الاستشفائي الجهوي ببني ملال، بسبب الضعف الكبير في الأطر والتجهيزات، ممّا يؤثر سلباً على مستوى خدماته الطبية، كما اعترفت اللجنة بضعف ومحدودية استفادة فئة عريضة من التلاميذ بالإقليم، من ساكني المناطق القروية والجبلية، من عملية التعلم عن بعد، بسبب عدم توفر الوسائل الضرورية وضعف أو انعدام شبكة الإنترنت.

ليبيا.. شركة تركية لتدريب المرتزقة

في ليبيا، كشف تقرير “أفريكا إنتلجنس” قيام القيادي الإخواني، فوزي بوكتف، بإبرام اتفاق أمني مع شركة “سادات” التركية للاستشارات الدفاعية، وبمقتضاه حصلت الشركة التركية على عقود تدريب المرتزقة والميليشيات المسلحة في ليبيا، استمراراً للدور المشبوه الذي تقوم به في ليبيا، حيث تنخرط الشركة في النشاط المخابراتي التركي، وتستثمر بشكل كبير في الحرب الليبية، عن طريق جلب وتدريب المرتزقة من الفصائل السورية والأجانب، بالإضافة إلى تمرير صفقات السلاح بين الشركات المختصة في تركيا وحكومة الوفاق.

استمرار تناقضات الإخوان في السودان

وفي السودان، تراجع الإخوان المسلمون فجر يوم 30 حزيران (يونيو) الماضي عن فكرة الخروج في تظاهرات دعا إليها المراقب العام، عوض الله حسن سيد أحمد، حيث قال: “نمتنع عن الخروج الآن مع أنّ الثورة حادت عن طريقها، ولم تلبِّ طموحات الثوار، وتحتاج إلى تصحيح…، لكنّ ظروف وباء كورونا، ومن مقام المسؤولية الأخلاقية وحرصاً على صحة الناس وسلامتهم والتزاماً بأخلاق المهنة، تدفعنا إلى طلب تأجيل الخروج”.

ويبدو أنّ الانتقادات الحادّة التي تعرّض لها المراقب العام كانت سبباً في هذا التراجع، بعد أنأن انتقد في منشور سابق الإجراءات الاحترازية لسلطات بلاده للحدّ من انتشار الوباء، رغم أنّها معمول بها عالمياً.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى