سياسة

الأكراد في سوريا.. بين الخيارات الصعبة والمستقبل المجهول


مع استمرار الصراع الذي يُمزق سوريا منذ أكثر من عقد، يُواجه الأكراد تحديات وجودية في خضم التغيرات الإقليمية والدولية، الإدارة الذاتية الكردية، التي تُمثل “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، تقف عند مفترق طرق حاسم بينما تُعيد الأطراف الدولية حساباتها، وتتنازع القوى الإقليمية السيطرة على المناطق السورية، في هذا السياق، تنبثق سيناريوهات عدة تتراوح بين التقويض الكامل لهذه الإدارة أو منحها حكمًا ذاتيًا محدودًا، وحتى احتمال اندماجها في الدولة السورية أو السعي وراء حلم إقامة دولة مستقلة، ومع ذلك، يظل الغموض سيد الموقف، حيث تتشابك المصالح الدولية مع المخاوف الأمنية التركية والانقسامات الداخلية في المناطق الكردية. 

التحديات الكبرى أمام الإدارة الذاتية الكردية

تُعاني الإدارة الذاتية الكردية، بقيادة “قسد“، من ضغوط متزايدة على مختلف المستويات. إذ تتعرض لتهديدات عسكرية مباشرة من الفصائل المسلحة المدعومة من تركيا، بجانب مخاطر داخلية مثل تصاعد التوترات مع المجتمعات العربية التي تعيش تحت إدارتها.  

من جانبه، يُشير اللواء محمد عبدالواحد، خبير الاستراتيجيات العسكرية، إلى أن “قسد” تُواجه خطر تقويضها نتيجة الهجمات المتكررة من الفصائل المدعومة من أنقرة. فضلًا عن التغيرات المحتملة في الموقف الأمريكي. 

وأضاف عبدالواحد أنه قد تتخلى واشنطن عن دعمها إذا ما اقتضت مصالحها الإقليمية ذلك، وهو ما سيُعزز موقع تركيا في شمال سوريا ويضعف الأكراد“.

إضافة إلى التحديات الخارجية، تتفاقم المشاكل الداخلية بين الأكراد والمجتمعات العربية في مناطق سيطرة “قسد“. 

إذ يرى محللون أن تلك الانقسامات تُهدد استقرار الإدارة الذاتية .وتفتح الباب أمام مزيد من التدخلات الإقليمية والدولية.

*السيناريوهات المستقبلية*

تتعدد الاحتمالات بشأن مستقبل الإدارة الذاتية الكردية، كل منها يحمل تداعيات سياسية وأمنية مختلفة، السيناريو الأول هو تقويض “قسد” بالكامل. ويقول عبدالواحد إن انهيار “قسد” قد يحدث إذا تخلت واشنطن عن دعمها، في ظل الضغط العسكري المستمر من تركيا والفصائل التابعة لها.

إلا أن عبدالواحد يوضح أن هذا السيناريو “ليس سهلًا” بسبب الموقع الاستراتيجي للإدارة الذاتية ودورها الحيوي في المعادلة السورية.  

أما السيناريو الثاني وفقًا للخبير الاستراتيجي، يأتي من خلال منح “قسد” حكمًا ذاتيًا على غرار إقليم كردستان العراق قد يكون حلًا وسطًا. مضيفًا أن أبرز الصعوبات هو معارضة تركيا هذا التوجه بشدة، معتبرة أن أي تعزيز للأكراد على حدودها يُشكل تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي.  

السيناريو الأخير هو الاندماج في الدولة السورية .ويُعتبر خيار الاندماج ضمن إطار الدولة السورية أمرًا ممكنًا، لكنه مشروط بوجود اتفاق سياسي شامل. 

وأضاف الخبير الاستراتيجي، اندماج المكونات السورية تحت مظلة واحدة قد يكون حلًا للخروج من الأزمة، لكنه يتطلب إرادة دولية وإقليمية مشتركة. موضحًا أن هناك سيناريو رابع ضعيف وهو إقامة دولة كردية مستقلة، مضيفًا، رغم ضعف احتمالية هذا السيناريو، يبقى خيارًا قائمًا. ومع ذلك، فإن تحقيقه يعني مواجهة رفض إقليمي ودولي واسع. خصوصًا أنه قد يُؤدي إلى مطالب انفصالية مشابهة لدى مكونات أخرى، مثل العلويين والدروز.

مبادرات التهدئة ومخاوف الأطراف

في محاولة لتخفيف حدة التوتر مع تركيا، اقترحت “قسد” إنشاء منطقة منزوعة السلاح في كوباني. إلا أن هذه المبادرة قوبلت بتشكيك واسع

من جانبه، يقول د. محمد المنجي، أستاذ العلوم السياسية، إن “المنطقة ليست سهلة التحكم، وتركيا ليست الطرف الوحيد القلق من تصاعد النفوذ الكردي. مؤكدًا أن الحل السياسي يظل بعيد المنال في ظل غياب رؤية موحدة بين الأطراف السورية وتدخلات القوى الكبرى التي تسعى للحفاظ على نفوذها.  

وأضاف المنجي يبقى مصير الأكراد في سوريا مرهونًا بالتوازنات الدولية والإقليمية. مضيفًا، مع استمرار النزاع وتزايد الضغوط، قد تشهد سوريا تحولات كبرى تعيد تشكيل المشهد السياسي والعسكري في المنطقة.

وتابع، بينما تظل خيارات الأكراد محدودة، فإن المستقبل يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف السورية والدولية على التوصل إلى تسوية شاملة تضع حدًا لهذا الصراع الذي أرهق الجميع.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى