سياسة

اغتيال السنوار ونصر الله.. هل يحمل ترتيبات جديدة للمنطقة؟


بعد أكثر من عام من الملاحقات والعمل الميداني والاستخباراتي للجيش الإسرائيلي على أرض غزة، قُتل زعيم حماس، ومدبر هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 يحيى السنوار.

وقبل اقتحام جنوب لبنان، وفيما تترقب الأوساط التهاب المواجهات بين إسرائيل وحزب الله، قُتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في تفجير ضخم استهدف مركز قيادة حزب الله واستخدمت فيه قذائف خاصة باختراق التحصينات.

قُتل نصر الله كما عاش في حصن منيع لا يعرف أحد موقعه، تحت الأرض بـ 14 طابقا، ولم تنشر أي صور لجثمانه، وكما أحاطت إطلالته بهالة من السرية، ظل مكان دفنه سرا من أسرار حزب الله.

أما السنوار، فقُتل صدفة، إذ فوجئت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ذاتها، أنه بين 3 عناصر مُسلحة طاردتها قوة إسرائيلية في حي تل السلطان في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.

نصر الله تطلب قتله عملية استخباراتية دقيقة، لم تخل من الخداع الذي ربما شارك فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نفسه، بالمغادرة إلى الأمم المتحدة، للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومن نيويورك أمر بالتنفيذ وتابعه.

أمين عام حزب الله، كلف إسرائيل 85 طنا من المتفجرات القادرة على اختراق التحصينات، فيما السنوار احتاج دانة دبابة ميركافا وبعض الرصاصات، وهو الرجل الذي اتخذ قرارا، تسببت تداعياته في إطلاق حرب إقليمية طالت لبنان، وربما تتجاوزها إلى أقطار أخرى.

الاختراق الاستخباراتي كلمة السر

واتفق اللواء خالد عكاشة، مدير المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، وعضو المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب، واللواء عادل العمدة، المستشار بالأكاديمية العسكرية المصرية للدراسات العليا والاستراتيجية، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في أن الفارق بين مقتل السنوار ونصر الله يتمثل بالأساس في “الاختراق الاستخباراتي”.

وأكد العمدة، أن إسرائيل استغلت الظرف الدولي الراهن أفضل استغلال من أجل فرض خططها وترتيباتها، ووافقه عكاشة، في أن إسرائيل أحكمت مسوغات قيامها بشن حرب مفتوحة على لبنان، وتطوير مواجهتها مع إيران ممثلة في حزب الله إلى مستوى متقدم، يتجاوز بمراحل دورهما فى الحرب على غزة.

وقال عكاشة إن البعد الاستخباراتي دائما يكون حاسما في الوصول لقيادات التنظيمات بشكل عام، خصوصا توافر المعلومة المؤكدة والموثوقة حول التوقيت الزمني ومكان تواجدها الممكن لتنفيذ العملية والإطار الذي تكون القوات المهاجمة قادرة على تنفيذ العملية بشكل ناجح، وكل هذه المستلزمات ظهرت بشكل واضح في مقتل حسن نصر الله أكثر من يحيى السنوار.

وأضاف: “هذه العناصر كلمة السر فيها المعلومة الاستخباراتية، وتم تطبيقها بشكل جيد في عملية نصر الله، أما السنوار فالمعلومة المتوافرة لم تكن متكاملة، وتعلقت فقط بوجود عناصر القسام في هذا المربع المستهدف، وهو أمر اعتيادي يحدث يوميا في إطار الحرب على مدن قطاع غزة”.

وأوضح أن مقتل نصر الله وقادة حزب الله قبله وبعده، بهذه الطريقة، يشير إلى أن إسرائيل تمكنت من اختراق حزب الله منذ فترة طويلة، تتجاوز بدء حرب غزة، إذ ظلت تراكم المعلومات وخرائط التحركات وأمور كثيرة جدا، حتى بدأت في عمليات تمهيدية “لغزو لبنان”.

وأشار إلى أن مقتل السنوار يوضح أن الإسرائيليين لم يستطيعوا إحداث اختراق مؤثر في بنية “حماس” وعناصرها الرئيسية، إذ ارتكنت في استهدافهم إلى “العشوائية أو تفاصيل العمل العسكري الشامل الذي يجري في قطاع غزة، ومن ثم فإن حماس بدت أكثر قدرة على التماسك والإحكام الأمني وأكثر ذكاء وصلابة، ومن ثم يُتوقع أن تستمر تلك المعادلة”.

قتل نصر الله .. وإيران الجديدة

واعتبر عكاشة أن مقتل نصر الله أتي ضمن “حرب إسرائيلية مستعرة لاستثمار التراجع الإيراني المؤقت، بالضغط بأقصى ما يمكن على الساحة اللبنانية بسحق قدرات حزب الله الذراع الأقوى لإيران، والأكثر تهديدا للمصالح الإسرائيلية المباشرة”.

ولاحظ أن تلك العملية تزامنت مع “إعداد الرئيس الإيراني لجدول أعماله في نيويورك للظهور بإيران جديدة نسبيا، في الجمعية العامة للأمم المتحدة وأمام شاشات الإعلام الدولية، وعلى الجانب الآخر دفعت إسرائيل بكل قوة لتنفيذ عملية كبرى في لبنان”.

ورأى أن “هذه الانقلابات المتسارعة في الأحداث، دفعت إيران دون شك لمراجعة مسارها، وتنفيذ ضربة مباشرة لإسرائيل، والبحث عن عودة جديدة لعقائدها السابقة، إذ تعكف على ترميم انكشافات السمعة التي تضررت بشدة داخل صفوف أذرعها، والثغرات الأمنية الفادحة، لكن في الوقت ذاته حرصت على إبلاغ الولايات المتحدة بالضربة مسبقا، تعبيرا عن استشعارها بإحباط وخذلان كبيرين، وضمانا لترك مساحات ولو ضيقة من الأبواب التي تعلم يقينا أنها ستحتاج لطرقها طوال الوقت”.

قتل بالصدفة مقابل قرار سياسي

من جهته، أكد اللواء عادل العمدة،أن مقتل نصر الله كان “خيانة بالأساس”، فما كان لإسرائيل أن تصل إليه إلا عبر خيانة.

لكن مقتل السنوار، في رأي العمدة، لا يحمل أي مفاجآت، فالرجل كان يعلم أنه سيستهدف، وأن دوره قادم لا محالة في ظل “احتلال إسرائيل لقطاع غزة وسيطرتها الكاملة عليه”.

وأشار إلى أن “إسرائيل لا تسعى من البداية إلى الوصول إلى الرهائن، ولكن تتطلع إلى تدمير البنية التحتية الاجتماعية في قطاع غزة، وما الرهائن إلا ذريعة للوصول إلى هدف تدمير القطاع، ضمن مخطط أكبر في الإقليم، تهجير الفلسطينيين أحد عناصره”.

ولفت إلى أن “استمرارية الضرب والقصف بصورة عشوائية هي التي أدت إلى مقتل السنوار، الاستهداف الإسرائيلي في قطاع غزة عشوائي ولذلك قُتل السنوار بالصدفة، أما في لبنان، فقتل حسن نصر الله تم بقرار له أهداف سياسية لتنفيذ مخطط إسرائيلي في الإقليم”.

ورأى أن “استراتيجية التعاطي مع التنظيمات المسلحة في المنطقة تبدلت منذ مقتل قائد فيلق القدس قاسم سليماني في العراق، والآن العالم منشغل بنزاعات تأخذ الطابع الدولي، ووجدت إسرائيل الفرصة لتنفيذ أهدافها”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى