استهداف “نطنز”.. رسائل لواشنطن وطهران


انتهت الأسبوع الماضي الجولة الأولى من المفاوضات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران في فيينا.

شاركت فيها جميع الأطراف الموقعة على اتفاق 2015، فرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا، هذا الاجتماع بين واشنطن وطهران وإن كان بشكل غير مباشر أطلق مساراً تفاوضياً، إذا سار فيه كل شيء على ما يرام، سيؤدي في نهاية المطاف إلى عودة الولايات المتحدة إلى الاتفاق النووي وبدء رفع العقوبات عن إيران، في مقابل عودة إيران إلى التزام نص الاتفاق.

وقبل أيام من استئناف الأسبوع الثاني من المفاوضات، وبعد أيام من إعلان واشنطن عن استعدادها لإلغاء بعض العقوبات التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب، وإعلان طهران إفراجها عن ناقلة نفط كورية جنوبية احتجزتها لإرغام سيؤول على الإفراج عن 7 مليارات دولار من العائدات الإيرانية التي جمدتها كوريا الجنوبية بسبب العقوبات الأمريكية، تعرضت المنشأة النووية الإيرانية في نطنز لتفجير يعتقد أن مصدره إلكتروني أدى إلى خراب كبير وفق التقارير الصحفية الأولية، وتزامن التفجير مع وصول وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إلى إسرائيل.

منشأة نطنز النووية كانت هدفاً لهجمات متكررة، سواء كانت هجمات إلكترونية أم اعتداءات مباشرة؛ إذ استُهدفت للمرة الأولى في هجوم سيبراني إلكتروني ضخم عام 2010 شنته أمريكا وإسرائيل، واستهدف هجوم آخر “نطنز” في يوليو الماضي، وترافقت مع هذه الهجمات سلسلة من الاغتيالات التي استهدفت العلماء النوويين الإيرانيين طوال العقد الماضي، والتي كان آخرها قتل العالم الإيراني البارز فخري زاده في نوفمبر الماضي، ومع ذلك ظل النظام الإيراني غير قادر على حماية منشآته النووية وعلمائه البارزين، على الرغم من علمه باستهداف خصوم إيران هذه الأصول المهمة، وهو ما يعني فشلاً استخباراتياً ذريعاً.

على الرغم من محاولة المسؤولين الإيرانيين التخفيف من حجم الضرر الذي أصاب “نطنز”، وإعلانهم رفع تخصيب اليورانيوم إلى 60٪، فإن استهداف المنشأة النووية الرئيسية لإيران يحرمها من ورقة تفاوضية مهمة تتمثل في تهديداتها بأن تصبح “دولة نووية” وأنها تقترب كل يوم أكثر من معدلات تخصيب أعلى؛ إذ يبدو النظام الإيراني غير قادر على حماية منشآته النووية أو الحيلولة دون تعطيلها، ما يجعل الفرصة سانحة أمام المفاوضين الأمريكيين لإعادة التفاوض من موقع قوة أكبر في المفاوضات المقبلة إذا أرادت إدارة بايدن ذلك.

الأمر المهم في حادثة “نطنز” أنها كانت بمثابة رسائل لواشنطن وطهران بأنّ الشرق الأوسط اليوم لا يشبه ذاك الذي كان عليه في زمن الرئيس أوباما، فالتغيرات في المنطقة بين 2015 و2021 كبيرة ومؤثرة خاصة أن لإسرائيل قدرتها على الاحتفاظ بأجندة خاصة بها فيما يتعلّق بإيران، ويبدو أنها قررت فرض الأمر الواقع في الملف النووي، ومواجهة أي تساهل أمريكي في هذا الشأن، وهذا التحدي الإسرائيلي لا يخص الإدارة الأمريكية وحدها، بل هو تحدٍّ لإيران من المرشد إلى الحرس الثوري مروراً بكل أتباع إيران من المليشيات المسلحة.

Exit mobile version