استراتيجية ردع الحوثي: خطوة حاسمة نحو إنهاء الميليشيات الانقلابية
خطوات استراتيجية جديدة للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا لتحقيق السلام الإقليمي في أعقاب تحول مليشيات الحوثي لخطر دولي على ملاحة العالم ومصادر الطاقة.
وانطلقت استراتيجية الردع هذه من الأمم المتحدة عندما دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي المجتمع الدولي والإقليمي “لضرورة النهج الجماعي لدعم الحكومة اليمنية وتعزيز قدراتها المؤسسية في حماية مياهها الإقليمية، وتأمين كامل ترابها الوطني”.
وتجمع القوى الرئيسية في اليمن شمالا وجنوبا، على هذه الاستراتيجية التي برزت أكثر في حديث نائب رئيس المجلس الرئاسي، رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، وتتضمن “ضرورة المزج بين الاحتواء والردع للحوثيين، وخنقهم عسكريا واقتصاديا بما في ذلك استعادة سواحل البلد على البحر الأحمر”.
يأتي ذلك في ظل متغيرات دولية تجاه الحوثيين من شأنها أن تجعل “تبني استراتيجية ردع متكاملة ضد المليشيات والتنظيمات الإرهابية” يحظى بتأييد واسع دوليا وإقليميا وتحقيق السلام وتأمين التجارة البحرية ومصادر الطاقة ودول الجوار من مشروع التمدد الحوثي.
خبراء ومراقبون تحدثوا لـ”العين الإخبارية” عن إمكانية تحقيق هذه الاستراتيجية والخطوات المدروسة التي يجب التنبه لها ضمن النهج الجماعي الذي يتطلب تنسيقا من الأسفل إلى الأعلى وكذا التحديات أمام تنفيذها.
خطوات ملحة
طرح الخبراء والمراقبون عدة خطوات لتعزيز الثقة الدولية والإقليمية باستراتيجية الردع المتكاملة للشرعية كممثل لدولة ذات عضوية في الأمم المتحدة، وكحكومة معترف بها تراعي مصالحها والمصالح الإقليمية والدولية.
من بين هذه الخطوات، ضرورة وضع فرضيات تشمل “كل الأعمال الحوثية التي لا يمكن استبعاد وقوعها على كل المستويات، والاستفادة من التجارب السابقة لكل مستوى مع ملاحظة الدور الإيراني في تحديث مسارات الجماعة وذلك لتغطية كافة الشواغل المستقبلية”.
كما يقترح الخبراء “تضمين الاستراتيجية على كافة المستويات الدولية والمحلية نهج جماعي في المسارات الإعلامية، والاقتصادية، والعسكرية والأمنية والدبلوماسية مع انخراط الحكومة اليمنية بمساندة عربية مع الجانب الأمريكي والغربي في معالجة مخاوف قطبي التحالف”.
بالتوازي، يوصي الخبراء بضرورة التحرك وحمل ملف “مواجهة سياسات القمع الجماعي للحوثيين” سواء للمجتمع المدني والمنظمات الأممية أو الاختطافات الجماعية لمختلف فئات الشعب وهي مظلومية عامة ومشتركة بحاجة لجهد يمني واسناد عربي لمحاصرة الحوثي وعزله دوليا.
ووفقا لمراقبين، فأن الجهات الدولية غالبا تثير مخاوف إنسانية تجاه الحل العسكري، وهو ما يجعل الحكومة اليمنية أمام تضمين استراتيجية ردعها خيار غير مباشر يخص القدرة في تفتيت الجماعة من الداخل ماديا ومعنويا وتأطير الجهد الشعبي وغيره لزعزعة توازن الجماعة كخطوة أولى للردع المباشر بالمعركة الخاطفة.
كما من شأن التنسيق مع السعودية والإمارات ودول التحالف العربي والدولي التحرك لمعالجة المخاوف اليمنية والإقليمية مع روسيا بشأن خطط تسليح الحوثيين كون ذلك يهدد التجارة البحرية العالمية ومصادر طاقة العالم، وذلك يحتاج لجهد دبلوماسي بجانب قوة النفط لتحقيق السلام الإقليمي، وفقا للخبراء.
فرص النجاح
ويرى وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة تعز اليمنية الدكتور عبدالقادر الخلي لـ”العين الإخبارية” إن تحقيق الاستراتيجية الجديدة يبدأ “بتشكيل تحالف دولي فعال يضم القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي، بجانب الدول العربية لتثبيت الاستقرار باليمن، كمقدمة للسلام الإقليمي”.
وأكد أن عمل هذا التحالف سيشمل الدعم العسكري بالتدريب المتخصص والأسلحة المتقدمة لتمكين الحكومة اليمنية من حماية سواحلها واستعادة الأراضي من الحوثيين، بجانب تأمين الملاحة الدولية من التهديدات الحوثية مع تسخير ضغط دبلوماسي مكثف على إيران بعقوبات اقتصادية ودبلوماسية أكثر صرامة.
كذلك سيعمل الحلفاء على بناء قدرات الحكومة اليمنية أمنيا وعسكريا وتعزيز الثقة الشعبية بالشرعية والعمل على استئناف تصدير النفط والغاز، وردع أي اعتداءات للحوثي وكذا تعزيز الدبلوماسية الدولية الفعالة للمجلس الرئاسي في مختلف محافل العالم لفضح الانتهاكات الحوثية.
وأشار إلى أن الاستراتيجية ستكون بحاجة للبناء على القرارات الأممية والسعي لإصدار قرارات أخرى تدعم التحرك اليمني لاستعادة كل الأراضي من قبضة الحوثي وذلك جنب إلى جنب مع العقوبات الاقتصادية على الحوثيين وتجفيف مصادر تمويلهم من إيران، ومكافحة تهريب الأسلحة والموارد للجماعة المدعومة إيرانيا.
وأكد أن “دعم توافق الجبهة اليمنية الداخلية في معسكر الشرعية يعد مفتاح نجاح الاستراتيجية وتحقيق السلام الإقليمي” مع تنفيذ كل هذه الخطوات بمرونة، والأخذ بعين الاعتبار تعزيز التعاون مع المجتمع الدولي لضمان تحقيق الأهداف الوطنية والإقليمية المشتركة.
التحديات
وأشار أستاذ العلوم السياسية بجامعة تعز اليمنية لعدة تحديات من شأنها الوقوف أمام تنفيذ الاستراتيجية أبرزها:
* الأولويات الدولية تجاه معالجة الملفات وربط أزمة اليمن بكلفات أخرى وهو وضع يستغله الحوثيون لإضعاف خصومهم وإطالة أمد الحرب مع اكتساب متدرج للاعتراف الداخلي والدولي بسطوة الجماعة.
* يعقد دعم إيران المستمر للحوثيين بالسلاح والمال ضمن محورها بالمنطقة تنفيذ النهج الجماعي.
* الانقسام الداخلي في معسكر الشرعية مما يتطلب معالجته وتوحيد الصف وتوجيه بوصلته أكثر نحو عمق نفوذ الحوثيين، وبالمثل التحديات الاقتصادية كضعف الموارد المالية والخدماتية للحكومة اليمنية وتتطلب تنويعها واستعادة تصدير النفط.
* انخراط الأمم المتحدة لتبني مقاربة متوازنة بحثا عن التسوية والتي ظلت تعطل الخطوات الحاسمة ويمكن معالجتها من مستويات أعلى لدى المجتمع الدولي في ظل استمرار مليشيات الحوثي شن هجماتها البحرية والعابرة.