سياسة

ارتطام مراكب الأحلام القطرية


مع تصاعد أزمة قطر في المنطقة وتزايد حلقات عزلتها العربية والدولية جراء سياستها الداعمة للإرهاب، بدأت أذرع التنظيم الدولي للإخوان بدول المنطقة تفقد صوابها كلما اقتربت نهايتها وانهياراتها، وقد وفرت الدوحة للتنظيم على مدار السنوات الماضية الملاذ الآمن والدعم المادي واللوجستي في الدول العربية لتمكينه من الوصول للحكم.

وبالتزامن مع تحركات الكونغرس لتضييق الخناق على الإمارة الراعية للإرهاب، وقيام الدوحة بسياسات تسهيل المصلحة الإسرائيلية، ودعمها للقوى المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، وعلى الرغم من أن قطر تعتمد تماماً على أمريكا لتحقيق أمنها، إلا أنها على مدار أكثر من عشرين عاماً قد تبنت بشكل منهجي عدداً من السياسات ليس فقط التي فشلت في تعزيز مصالحها، بل في قضايا كثيرة قامت بتقويضها بشكل فعال، ولائحة الاتهام ضدها طويلة للغاية لسردها بالكامل وتُدينها إقليمياً ودولياً بما يكفي.

وتورط النظام القطري في مخططٍ واسع النطاق للتجسس الإلكتروني في الولايات المتحدة، وهناك شخصيات طالها الاستهداف في إطار هذا المخطط، ومن بينهم مسؤولون ودبلوماسيون ونشطاء حقوقيون عرب وغربيون، وكذلك مسؤولة سابقة في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية.

الوثائق التي جمعها محامو رجل الأعمال الأمريكي البارز إليوت بريودي الذي كان بدوره ضحيةً للقرصنة القطرية – وبرويدي هو أحد كبار جامعي التبرعات السابقين للحزب الجمهوري، فضح على مدار الأعوام الماضية دعم الدوحة للإرهاب-، تفيد بأن قطر استخدمت عملاء سابقين بالمخابرات الأمريكية لتنفيذ عملية تجسس إلكترونية عام 2018م، استهدفت خوادم بريده الإلكتروني الشخصي والبريد الخاص بالعمل، ومعلومات بريده الإلكتروني تسربت لاحقا للإعلام لتشويه سمعته وتحقيق مصالح الدوحة في أمريكا.

وتُظهر الوقائع أيضاً أن مؤامرة الدوحة في هذا الصدد شملت مئات الأشخاص من جنسياتٍ مختلفة، تعرضت حسابات البريد الإلكتروني الشخصية والمهنية الخاصة بهم، لعمليات سطو وتجسس واختراق.

ولمّا أبرمت قطر صفقة شراء أسلحة بقيمة ثلاثة مليارات دولار، تشمل طائرات هجومية من طراز أباتشي ومعدات هجومية ذات صلة، قدم عضو الكونغرس راند بول عريضة ترفض بيع الأسلحة الهجومية لها، خصوصاً في هذا التوقيت الدقيق في منطقة الشرق الأوسط، وطبقا للقانون الأمريكي فإن الإدارة الأمريكية بحاجه إلى موافقة الكونغرس في صفقات بيع الأسلحة.

وحلم النظام القطري أن يكون عضواً في حلف شمال الأطلسي، وجاء الرفض بعدم قبوله لأن الدخول في عضوية الحلف يقتصر على الولايات المتحدة وأوروبا، ويضم 29 بلداً واستناداً إلى البند العاشر لمعاهدة واشنطن، فإن الدول الأوروبية هي الوحيدة التي يمكنها الانضمام إلى الناتو.

وما يدعو للقناعة التامة التي لا تحتمل الجدل والتأويل معاً، أن من حق الدول العربية الاعتراض على بيع أسلحة لقطر، فكانت دعوة عضو الكونغرس الأمريكي تيد يوهو محط اهتمام أعضاء الكونغرس في جلسة استماع حول تحديد الطوارئ التي يجب أن يحددها الكونغرس لبيع أسلحة لدول بعينها، معتبراً بهذا الصدد وطبقا للقانون الأمريكي أن بيع الأسلحة “قد يهدد حلفاءنا في المنطقة”، وأنه رصدت ست مجموعات إرهابية مختلفة في الشرق الأوسط تتعاون مع تنظيم داعش، وبيع الأسلحة في هذا التوقيت ليس حلاً، ومن خلال متابعات سابقة في عهد الرئيس أوباما، أثبتت أن الأسلحة القطرية ذهبت لجهات غير معلومة. 

والدوحة تحاول التلاعب بورقة الأوضاع الإنسانية في غزة، فبعد رفض عربي وفلسطيني واضح لصفقة القرن جاء العمادي مسؤول قطر بالقطاع ليمارس دوراً غريباً لإحياء الخطة على حساب الشعب الفلسطيني، ولكي تثبت لواشنطن أنها ذات تأثير في المنطقة، فالواضح أن قطر بعد عزلتها عربياً ودولياً تريد أن تقدم للولايات المتحدة شيكاً على بياض لإرضائها من خلال إحياء وقبول صفقتها المشبوهة على حساب القضية القومية، مقابل أن تغير أمريكا موقفها من أزمات النظام القطري مع دول الجوار. 

وزيارات تميم إلى واشنطن المتكررة، لنيل رضا الرئيس ترامب وتكاليفها ذات أموال طائلة، وإعادة ترميم قاعدة العديد الأمريكية في الدوحة تجاوزت ثمانية مليارات دولار، عدا عن الأموال التي دفعتها الدوحة بغية إرضاء تل أبيب لقاء تحويل القضية الفلسطينية لشيء من الذكريات المنسية، وما قدمته مشيخة قطر لترامب من أموال تأتي في سياق تحسين صورة نظامها أمام الإدارة الأمريكية، والرأي العام العالمي.

وشكلت زيارة أردوغان للدوحة مؤخراً صفعة مذلة، ضمن سلسلة الصفعات التي يتلقاها حكام قطر من الرئيس التركي، وكانت بمثابة إهانة مزرية لهم وصفاقة مَهينة وضِيعة، اتضحت مراميها في أثناء “الاستقبال واللقاء” أنها تعكس مدى عربدته وتخبطه إبّان انهياراته في الشمال السوري وعلى الأرض الليبية، ولن يكون بمقدور النظام القطري التخلي عن تبعيته، طالما ظل مرتهناً لسياسات السلطان الواهم. 

وفي حال جفّت أموال قطر، وبقيت على غيّها، وعنادها الداعم للمتطرفين، وعما أحدثته من تخاذل مهين وأدوار تآمرية وتحريضية البالغة بتأثيراتها على مصالح المنطقة والأمن القومي العربي، ماذا سيقول ترامب لأمير المشيخة التي شاخت بمفاهيمها؟ والقول فيما بعد: أنتم الداعمون للإرهاب في العالم وسلوككم غير مقبول إطلاقاً وهذا إنذار لكم!.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى