سياسة

اتهامات لعميد مسجد باريس الكبير بالارتباط بالنظام الجزائري


يواجه عميد مسجد باريس الكبير شمس الدين حفيظ، من أصل جزائري، انتقادات بتوظيف المؤسسة الدينية لخدمة النظام الجزائري والتحريض ضد معارضي سياسات الرئيس عبدالمجيد تبون، وهو ما نفاه حفيظ، فيما ذهب بعض النشطاء إلى حد اتهامه بالوقوف وراء الحملة التي نفذها عدد من المؤثرين على مواقع التواصل الاجتماعي ضد حملة #مانيش_راضي التي أطلقها نشطاء جزائريون احتجاجا على تدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، مطالبين بوضع حد لحكم العسكر.

واتهم الناشط السياسي الجزائري شوقي بن زهرة في مقابلة مع قناة “سي نيوز” الفرنسية إدارة المسجد الكبير بباريس بشنّ حملات تهديد ضد المعارضين الجزائريين في الخارج ودعم دعوات عنف عبر مؤثرين موالين للنظام، معتبرا أن هذه المؤسسة الدينية تحولت إلى أداة لتنفيذ سياسات تهدف إلى زعزعة استقرار فرنسا، وفق موقع “تليكسبريس”.

وتضم فرنسا العديد من المعارضين الجزائريين الذين لجؤوا إليها هربا من الملاحقة القضائية في بلادهم، في قضايا وصفتها منظمات حقوقية بـ”المفبركة”، لا سيما بعد ارتفاع وتيرة القمع منذ وصول تبون إلى السلطة، ويشكّل هؤلاء كابوسا مؤرقا للنظام الجزائري، خاصة وأنهم من أبرز داعمي هاشتاغ #مانيش_راضي، فيما نشر بعضهم خلال الآونة الأخيرة على مواقع التواصل الاجتماعي فيديوهات تحث مواطني بلادهم على النزول إلى الشارع للاحتجاج على الأوضاع المتدهورة وذهب بعضهم إلى حد رفع شعارات تطالب بإسقاط النظام.

وكان الأمن الفرنسي قد اعتقل خلال الأيام القليلة الماضية ثلاثة مؤثرين جزائريين يعيشون في مدن بريست وغرونوبل ومونبلييه بتهم تتعلق بالتحريض على العنف والقتل في الجزائر وفرنسا بعد أن نشروا فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي تضمنت تهديدات لمعارضي النظام الجزائري. 

وألقي القبض على كل من يوسف زازو وعماد تانتان ومؤثر آخر لم تدل السلطات الفرنسية بمعلومات عنه، فيما يواجه الموقوفون عقوبات سجنية والترحيل من الأراضي الفرنسية.

بدوره أوضح الناشط والإعلامي الجزائري وليد كبير أن “شمس الدين حفيظ يتمتع بدعم مالي مباشر من النظام يصل إلى 2.5 مليون يورو، إضافة إلى مكافآت شخصية مقابل الدفاع عن أجنداته والترويج للطروحات الانفصالية لجبهة بوليساريو” المدعومة من قبل الجزائر في إطار مساعيها لإطالة أمد النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية.

ومن جانبه نفى حفيظ كافة الاتهامات بتوظيف المؤسسة الدينية في خدمة النظام الجزائري، واصفا الانتقادات التي وجهها له الناشط بن زهرة بأنها “أكاذيب وتحريض” كما نعته بـ”المدوّن المغمور”.

بدوره أكد المعارض الجزائري عبدو سمار المقيم في فرنسا أن “مسجد باريس الكبير تحول إلى أداة للدعاية ودعم سياسات الرئيس تبون“، مشيرا إلى أن النظام الجزائري يضخّ ملايين اليوروهات سنويا لفائدة هذه المؤسسة الدينية، وفق المصدر نفسه.

وكشف سمار أن المسجد انتفع بامتيازات من بينها عقود حصرية لشهادة “حلال” للحوم المستوردة، لافتا إلى أن إدارة المؤسسة الدينية تحوم حولها شبهات تتعلق بعدم الشفافية المالية وغياب الرقابة على طريقة التصرّف في الأموال.

وهي ليست المرة الأولى التي يواجه فيها النظام الجزائري اتهامات بملاحقة معارضيه والنشطاء والحقوقيين في الخارج من خلال إطلاق حملات تهدف إلى تخوينهم واتهامهم بأنهم عملاء لدول معادية، أما في الداخل فتجمع التقارير على أن وضع الحريات يزداد قتامة، فيما تؤكد منظمات حقوقية أن البلاد تحولت إلى “زنزانة” للأصوات المعارضة لسياسات تبون.

وفي سياق متصل نددت الجزائر اليوم الثلاثاء بما وصفته بـ”تدخل سافر وغير مقبول” في شؤونها الداخلية، تعقيبا على مواقف للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشأن الكاتب الموقوف بوعلام صنصال الذي يحمل جنسية البلدين، أثارت جدلا واسعا في البلاد.

وكان الرئيس الفرنسي اعتبر الاثنين أن الجزائر “تسيء لسمعتها” برفضها الإفراج عن بوعلام صنصال، وهي قضية تثير منذ أسابيع توترا مع باريس.

وقالت وزارة الخارجية في بيان نشرته عبر منصة إكس “لقد اطلعت الحكومة الجزائرية باستغراب شديد على التصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي بشأن الجزائر، والتي تهين، في المقام الأول، من اعتقد أنه من المناسب الإدلاء بها بهذه الطريقة المتهاونة والمستهترة”.

وشددت على أن “هذه التصريحات لا يمكن إلا أن تكون موضع استنكار ورفض وإدانة لما تمثّله من تدخل سافر وغير مقبول في شأن جزائري داخلي”، معتبرة أن “ما يقدمه الرئيس الفرنسي زورا وبهتانا كقضية متعلقة بحرية التعبير، ليست كذلك من منظور قانون دولة مستقلة وذات سيادة، بل يتعلق الأمر بالمساس بالوحدة الترابية للبلاد، وهي جريمة يعاقب عليها القانون الجزائري”. ويثير توقيف بوعلام صنصال توترا منذ أسابيع بين الجزائر وفرنسا.

وقال ماكرون الاثنين أمام سفراء فرنسا المجتمعين في قصر الإليزيه “الجزائر التي نحبها كثيرا والتي نتشارك معها الكثير من الأبناء والكثير من القصص، تسيء إلى سمعتها، من خلال منع رجل مريض بشدة من الحصول على العلاج”.

وتابع “نحن الذين نحب الشعب الجزائري وتاريخه، أحث حكومته على إطلاق سراح بوعلام صنصال”، مضيفا أن هذا “المناضل من أجل الحرية… محتجز بطريقة تعسفية تماما من قبل المسؤولين الجزائريين”، فيما يأتي الجدل بشأن بوعلام صنصال وسط توتر بين البلدين بشأن قضايا عدة.

وأودع بوعلام صنصال (75 عاما)، المعروف بانتقاده للسلطات الجزائرية، السجن منذ منتصف نوفمبر/تشرين الثاني بتهم تتعلق بتهديد أمن الدولة، ونقل إلى وحدة علاج طبي منذ منتصف الشهر الماضي.

وتحدث الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لأول مرة عن توقيفه في 29 ديسمبر/كانون الأول، واصفا إيّاه بـ”المحتال المبعوث من فرنسا”.

وأوقف مؤلف كتاب “2084: نهاية العالم” في 16 نوفمبر/تشرين الثاني في مطار الجزائر العاصمة، ووُجهت اليه تهم بموجب المادة 87 مكرر من قانون العقوبات والتي تعدّ “فعلا إرهابيا أو تخريبيا (…) كل فعل يستهدف أمن الدولة والوحدة الوطنية والسلامة الترابية واستقرار المؤسسات وسيرها العادي”.

وبحسب صحيفة “لوموند” الفرنسية، فإن السلطات الجزائرية انزعجت من تصريحات أدلى بها صنصال لموقع “فرونتيير” الإعلامي الفرنسي أكد خلالها أن أراضي مغربية انتُزعت من المملكة في ظل الاستعمار الفرنسي لصالح الجزائر، استنادا إلى معطيات ووثائق تاريخية تثبت صحة المسألة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى