سياسة

اتهامات أميركية لمصرف الرافدين بتمويل الحوثيين عبر تعاملات مشبوهة


 

 اتهم عضو في الكونغرس الأميركي، جو ويلسون، إلى مصرف الرافدين، أحد أبرز البنوك الحكومية العراقية، بإجراء تعاملات مالية مع جماعة الحوثي المدعومة من إيران في اليمن، وهي جماعة مصنفة أميركياً كـ”منظمة إرهابية”.
وفي منشور عبر حسابه على منصة “إكس” (تويتر سابقًا) يوم الجمعة، كتب النائب الجمهوري ويلسون أن “مصرف الرافدين العراقي، المملوك للدولة، يشارك في معاملات مالية لصالح الحوثيين، وهي منظمة إرهابية. لدينا اسم نطلقه على مثل هذه الدول: الدول الراعية للإرهاب”. مضيفا “سأعمل على قطع التمويل عن العراق في تشريع المخصصات المالية القادمة”، داعياً وزارة الخزانة الأميركية إلى فرض عقوبات مباشرة على المصرف.

وهذه التصريحات أثارت قلقاً واسعاً بشأن مستقبل العلاقات المالية بين العراق والولايات المتحدة، في ظل اعتماد بغداد الكبير على الغطاء المالي الأميركي، خاصة ما يتعلق بإدارة احتياطياتها من العملة الأجنبية وعائدات النفط الموجودة في مصارف أميركية.
ويُعد جو ويلسون من أبرز الأصوات المتشددة داخل الكونغرس تجاه أي نشاط مالي أو سياسي يُشتبه بعلاقته بإيران، وكان قد أطلق تهديدات مشابهة الشهر الماضي ضد الحكومة العراقية، متهماً إياها بـ”دعم الميليشيات الموالية لإيران” عقب سلسلة هجمات بطائرات مسيرة استهدفت منشآت نفطية ومواقع استراتيجية في إقليم كردستان العراق.
واتهامات ويلسون لمصرف الرافدين ليست الأولى من نوعها، إذ سبق أن واجهت مؤسسات مالية عراقية اتهامات مماثلة بشأن علاقتها بجهات مدعومة من إيران. ففي العام الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على مصرف “الهدى” العراقي بتهمة العمل كقناة مالية لغسل الأموال وتمويل الجماعات المسلحة، كما تم اقتراح فصله عن النظام المالي الأميركي بالكامل، ما شكل سابقة خطيرة في العلاقة المالية بين البلدين.
وعلى خلفية تلك الإجراءات، منعت واشنطن في يوليو/تموز 2023 14 بنكاً عراقياً من التعامل بالدولار ضمن حملة لمكافحة الاستخدام غير المشروع للعملة الأميركية في السوق العراقية، التي يُعتقد أنها تُستخدم من قبل طهران للالتفاف على العقوبات المفروضة عليها.
وتواجه المنظومة المالية في العراق تحديات مستمرة فيما يخص الشفافية والرقابة، خاصة مع تشابك الاقتصاد الرسمي وغير الرسمي، وسيطرة قوى سياسية وفصائل مسلحة مدعومة من إيران على مفاصل حيوية في السوق العراقية.
وتتهم واشنطن تلك الأطراف بتسهيل عمليات تهريب الدولار من العراق إلى إيران عبر شبكات مالية معقدة. كما تشير تقارير أميركية إلى أن إيران تستخدم بعض البنوك العراقية كواجهة لتجاوز العقوبات، وهو ما دفع الولايات المتحدة إلى تشديد الرقابة على التحويلات المالية بالدولار داخل العراق.
وفي هذا السياق، سعت الحكومة العراقية، بقيادة محمد شياع السوداني، إلى طمأنة الجانب الأميركي عبر حزمة إجراءات تضمنت تشديد القيود على سوق العقارات، والتي تُعد من أبرز القطاعات المستخدمة في غسل الأموال. فُرض سقف على التحويلات العقارية بلغ 500 مليون دينار عراقي، ثم تم تخفيضه لاحقًا إلى 100 مليون، إلا أن النتائج لا تزال محدودة بحسب تقارير اقتصادية.
وفي ظل هذه المعطيات، فإن أي عقوبات أميركية محتملة على مصرف الرافدين ستكون لها تبعات اقتصادية واسعة النطاق، ليس فقط على البنك ذاته، بل على النظام المصرفي العراقي بأكمله، الذي يعتمد بشكل كبير على الربط مع النظام المالي الدولي عبر الدولار الأميركي.
ويمتلك العراق أكثر من 100 مليار دولار من الاحتياطيات الأجنبية في الولايات المتحدة، تُستخدم لضمان الاستقرار النقدي وتمويل الواردات. وأي تهديد مباشر لهذه الأصول أو تشديد في القيود على التحويلات قد يؤدي إلى اضطرابات مالية داخلية.
وتكشف الأزمة المتصاعدة بين واشنطن وبغداد بشأن مصرف الرافدين عن عمق أزمة الثقة بين الجانبين، خاصة في ما يتعلق بالملف المالي والتدخلات الإيرانية. وبينما تسعى الحكومة العراقية إلى الحفاظ على توازن معقد بين شركائها في طهران وواشنطن، فإن الضغوط الأميركية المتزايدة تضع النظام المالي العراقي أمام اختبار حاسم قد تكون له تداعيات اقتصادية وأمنية طويلة الأمد.

 

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى