سياسة

اتفاق الرياض.. توحيد الجبهة اليمنية


الاتفاق بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي -الذي تم التوصل إليه ضمن حوار جدة برعاية السعودية- خطوة تصب في مصلحة العمل على إنقاذ اليمن من “الانزلاق لحرب أهلية”، وخطوة باتجاه توحيد الجبهة اليمنية الداخلية في مواجهة الإرهاب الحوثي وتوابعه من تنظيمي القاعدة وداعش، والتي ينظر إليها الحوثي بأنها “طوق نجاة”، ومن ثم تحاول هذه الأطراف العمل على توظيف حالة الانقسام الداخلي لما يخدمها ويصب في مصلحة إنقاذها، فمن جهة تحاول مليشيا الحوثي الإرهابية الاستفادة من حالة الانشغال بين الأطراف اليمنية في ترتيب صفوفها وأوضاعها للخروج من حال الإنهاك النفسي والعسكري التي تعيشها، ومن جهة اخرى يحاول تنظيم داعش العودة إلى الواجهة والعمل على استغلال حالة التوتر الأمني في المحافظات الجنوبية “لخلق الأرضية الخصبة للعودة”، وهو ما نشاهده عبر الإيعاز من قبل تنظيم داعش  لخلاياه الإرهابية بالقيام بعمليات إرهابية، كما حدث في نهاية شهر أغسطس، عندما تبنى تنظيم داعش الإرهابي مسؤوليته عن الهجوم الإرهابي الذي استهدف قوات الحزام الأمني في عدن جنوبي اليمن.

يأتي “اتفاق الرياض” لكي يعزز ويرسخ مبدأ الشراكة بين كل الأطراف والقوى الفاعلة على الأرض في مواجهة الإرهاب الحوثي، الذي ينص على حكومة كفاءات من 24 وزيراً مناصفة بين المحافظات الشمالية والجنوبية، ومن ثم يأتي هذا لكي يقطع الطريق أمام محاولات الهيمنة والسيطرة الإخوانية على الحكومة اليمنية والعمل على تسييرها وفق ما يخدم مصالحها، والعمل على إبقائها في زاوية ضيقة منغلقة عن كل القوى والأطراف الفاعلة على الأرض، التي أسهمت في مواجهة الحوثي والقاعدة وداعش.

إن “اتفاق الرياض” الذي يرسخ مبدأ الشراكة يأتي لكي يلغي سياسات الهيمنة على الحكومة اليمنية، والعمل على إقصاء القوى الجنوبية التي أسهمت في استعادة ودعم الشرعية اليمنية، ومن ثم يؤكد أهمية الشراكة، وأهمية حفظ حقوق الجنوبيين وتقدير دورهم الفاعل في جهود استعادة الدولة، ويقطع الطريق أمام محاولات إعادة إنتاج السياسات القديمة القائمة على “هضم حقوق الجنوبيين”، التي كانت السائدة في طريق تعامل النظام اليمني السابق.

“اتفاق الرياض” لم يكن ليتم التوصل إليه لولا الحكمة السياسية للمملكة العربية السعودية ودورها القيادي “كقائدة للتحالف العربي”، والتي شددت في تعاطيها مع “الخلاف اليمني” منذ البداية على أهمية الجلوس على طاولة الحوار بين كل الأطراف اليمنية، كما جاء نتيجة قدرة السعودية وتأثيرها السياسي في إذابة جليد الاختلافات، والعمل على تقريب وجهات النظر بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، واستطاعت الدفع باتجاه الوصول إلى وجهة نظر متقاربة، ومن ثم فإن ما قامت به السعودية من التوصل “لاتفاق الرياض” وإنجاز الحوار بين كافة الأطراف اليمنية هو انتصار للتحالف العربي بجانب الانتصارات التي تتحقق على الأرض، والذي يهدف إلى الحفاظ على الجهود المبذولة على الأرض، والحفاظ عليها أمام أي محاولة حوثية تهدف لاستغلال حالة الانقسام الداخلي بين كل الأطراف المنضوية تحت لواء الشرعية اليمنية، للقفز على الإنجازات والمكتسبات التي تحققت خلال الفترة الماضية.

إشراف السعودية على تنفيذ “اتفاق الرياض” عبر تشكيل التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية “بقيادة السعودية” على تشكيل لجنة مشتركة لتنفيذه هو خطوة مهمة لضمان تنفيذ الاتفاق، خاصة في ظل ما تمتلكه المملكة من مكانة وما تحظى به من ثقة لدى كافة الأطراف اليمنية، ومن ثم فإن إشراف الرياض على تنفيذ الاتفاق سوف يضع كافة الأطراف اليمنية تحت مجهر “التحالف العربي”، مما سيحد من وجود حالات “تعنت وعرقلة” تقود لإجهاضه والعبث بالجهود المبذولة التي قادت له، وضمان استمرارية بقاء “حالة تقارب وجهات النظر”، وهو ما سوف يكون له انعكاسه على الأرض اليمنية، وتكثيف الجهود بين كل الأطراف اليمنية في دحر الحوثي.

يجب أن يتمخض عن “اتفاق الرياض” عملية تطهير واسعة داخل الشرعية اليمنية، والتخلص من الأصوات التي تسير باتجاه حالة التوافق بين كل الأطراف اليمنية، والتي برزت منذ اليوم الأول في “أحداث عدن” تهاجم دول التحالف العربي، وتسعى للتشكيك بأهداف التحالف العربي، وتهاجم الجنوبيين، والتي واصلت النهج نفسه عقب التوصل “لاتفاق الرياض” عبر انتهاج لغة الرفض تجاه مخرجات حوار جدة، ولغة التهديد بعرقلة تنفيذ هذا الاتفاق، ومن ثم فإن عملية “تطهير الشرعية من هذه الأصوات” هو بداية حقيقية لتنفيذ بنود الاتفاق، وقطع الطريق أمام من يحاول إعادة الوضع إلى حالة التناحر التي كانت الحالة السائدة “ما قبل حوار جدة واتفاق الرياض”.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى