سياسة

إيران تحاول التكيف مع الأوضاع في سوريا وتلقي المسؤولية على الأسد


تسعى إيران إلى التنصّل من الدعم الذي قدمته للرئيس السوري بشار الأسد طيلة سنوات النزاع، ما مكنه من قلب الأمور لصالحه، من خلال تحميله مسؤولية الأزمة السورية واتهامه بتجاهل نصائحها، فيما يبدو أن طهران تعمل على التكيف مع الوضع الجديد في سوريا بعد سقوط نظام الأسد وفقدانها حجز الزواية في نفوذها في المنطقة.   

وكتبت وكالة “فارس” للأنباء في انتقاد لم يكن ليتصوره أحد قبل أيام قليلة أن بشار الأسد “لم يصغ جيدا إلى نصائح الجمهورية الإسلامية”. وتقيم دمشق وطهران علاقات مميزة منذ فترة طويلة بعد تقارب باشره الرئيس السابق حافظ الأسد حتى قبل قيام الثورة الإسلامية في إيران.

وتعززت هذه الروابط خلال الحرب العراقية – الإيرانية (1980 – 1988) عندما كانت سوريا البلد العربي الوحيد الذي وقف إلى جانب طهران في وجه الرئيس العراقي السابق صدام حسين.

وأرسى هذا القرار أسس شراكة استراتيجية عرفت ذروتها مع الدعم المالي والعسكري الإيراني لمساندة جيش بشار الأسد خلال الحرب الأهلية السورية والنزاع المعقد في هذا البلد.

ولخص التلفزيون الإيراني العام الوضع بقوله “أحداث سوريا تفتح فصلا جديدا”، موجها انتقادا إلى الأسد بعدما سيطرت فصائل المعارضة بقيادة هيئة تحرير الشام على السلطة والمعروفة بقربها من تركيا.

وتجد إيران نفسها مضطرة إلى الحفاظ على توازن دقيق جدا في موقفها حيال سوريا معولة على الراوبط التاريخية بين البلدين مع السعي إلى النأي بنفسها عن الرئيس المخلوع الذي استحال مصدر إحراج لها بعدما كان صديقا كبيرا.

وكانت طهران تصف الفصائل الموالية لتركيا بأنها “إرهابية” في بداية هجومها المباغت والخاطف، لتقول عنها لاحقا إنها “معارضة” على وقع تقدمها السريع باتجاه العاصمة دمشق وسيطرتها على السلطة.

وحاول وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي تبرير ذلك الأحد بقوله “بعض المعارضين لا ينتمون إلى جماعات إرهابية” وأضاف في تحول طفيف في الموقف الرسمي “لقد شجعنا على النقاش بين حكومة بشار الأسد والمعارضة” .

وأورد جزء كبير من الصحف الإيرانية صورة غير إيجابية عن بشار الأسد الاثنين، فيما ذهبت صحيفة “هم ميهن” إلى حد القول إن الأسد كان على رأس “نظام استبدادي وقمعي”.

وعنونت صحيفة “إيران” الحكومية “خيار الشعب السوري” في حين خرجت صحيفة “طهران تايمز” الصادرة بالإنكليزية، بعنوان “غسق في سوريا”.

ويشكل سقوط حكم آل الأسد الذين قادوا سوريا مدة نصف قرن، ضربة قوية لإيران التي استثمرت سياسيا وماليا وعسكريا في هذا البلد الذي باتت مصالحها فيه مهددة.

وقال قائد هيئة تحرير الشام أبومحمد الجولاني إن الأسد ترك سوريا “مرزعة للأطماع الإيرانية ونشر فيها الطائفيةوالفساد”.

ويقول الأستاذ الجامعي مهدي زكريان الخبير في العلاقات الدولية ومقره في طهران إن “على إيران للحفاظ على نفوذها في سوريا أن تغير سياستها بشكل جذري”.

والأحد تعرضت السفارة الإيرانية في دمشق لأعمال تخريب ما كان ليتصورها أحد في هذا البلد الحليف. وفي أول تعليق لها بعد سقوط حكم الأسد، قالت إيران إنها تتمنى مواصلة “العلاقات الودية” مع سوريا مشددة على أن “تاريخا طويلا” يجمعهما، إلا ان بيان الخارجية الإيرانية شدد على أن ذلك سيكون في جزء منه رهنا بـ”تصرف الأطراف” على الأرض.

وخسرت إيران بسقوط بشار الأسد حلقة رئيسية في “محور المقاومة” في مواجهة إسرائيل في وقت يبدو فيه أن الحرب المفتوحة الأخيرة مع الدولة العبرية أضعفت حليفها الرئيس حزب الله في لبنان.

ويضم “محور المقاومة” المدعوم من إيران، فصائل مسلحة متحدة في مواجهتها إسرائيل مثل حركة حماس في قطاع غزة وفصائل شيعية في العراق والحوثيين في اليمن.

وأكد عراقجي أن “محور المقاومة سيتواصل حتى من دون سوريا”، إلا أن وكالة “فارس” ذكرت أن إيران “ستواجه لا محال مزيدا من الصعوبات”.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى