تبدو إيران ماضية في طريق مصير محتوم، تحاول الفكاك منه عبر الخديعة تارة، والوهم تارة أخرى، غير أن تهورها الاستراتيجي من جهة، وتصديرها الأزمات إلى الخارج من جهة أخرى، لا ينقذها من القدر الذي بات منقوشا على حجر .
يوما تلو الآخر تهتز صورة الملالي في أعين الإيرانيين، لا سيما بعد إخفاقهم الكارثي في مواجهة فيروس كورونا، لا من باب التشفي نشير إلى ذلك لا سمح الله، فهذه ليست شيمة إنسانية، بل إشارة مؤكدة إلى أن الجمهورية التي شغلت نفسها طوال أربعة عقود، بتصدير الثورة إلى الخارج، الدولة التي تفاخر وتجاهر بأنها تتحكم في أربع عواصم عربية، غير قادرة على تدبير نظام صحي يستنقذ مواطنيها من لحظة قدرية مرضية، ليسقط منها حتى الساعة أكثر من ثلاثة آلاف صرعى الفيروس، ويصاب أكثر من ستين ألفا من أبنائها .
بل لعل الأكثر إثارة أن الكيان الذي يدبر المؤامرات في الإقليم، صباح مساء كل يوم، غير قادر على توفير الحماية الصحية لرئيس البرلمان علي لاريجاني، الذي قضى من جراء كورونا، هو والعضو في مجلس خبراء القيادة هاشم بطحائي، ناهيك عن نواب وسفراء ومسؤولين كبار من رجال الدولة .
أمران يستدعيان الوقوف أمام مشهد إيران الأخير، ومن ثم التساؤل: “إلى متى تهرب إيران، وهل قصص هروبها هذه لا تزال تصدق شرق الأرض أو غربها؟
القصة الأولى موصولة بالقرض الذي طلبته الحكومة الإيرانية من صندوق النقد الدولي، ويبلغ خمسة مليارات دولار، ويهدف إلى تعزيز الإجراءات الإيرانية الصحية لمكافحة وباء كورونا .
هل أرادت إيران من وراء هذا الطلب إظهار الأثر القاسي للعقوبات الأميركية المفروضة عليها، من جراء برنامجها النووي، الماضية فيه رغم كافة الظروف المحيطة بها؟
حاول الملالي استغلال أزمة كورونا، للتأثير في الداخل الإيراني، إذ لم يعد أحد في الإقليم يصدق أي تصريح رسمي إيراني، وحتى تركيا التي تغزل غزلا سيئا على المتناقضات مع إيران، توقفت عن التعاطي معها بعد أزمة الوباء الأخير .
لكن الشاهد أن هذه المحاولة قد فتحت على الحكومة الإيرانية المغرقة في ضلالها أبوابا كانت بكل تأكيد وتحديد في غنى تام عنها، أبواب داخلية وأخرى خارجية، كشفت عن معادلة الكذب والزيف الإيرانيين معا .
كان أول رد على طلب إيران قرضا من صندوق النقد الدولي قد جاء على لسان مايك بومبيو، وزير الخارجية الأميركي، والذي أشار على حكومة طهران بأن تسعى إلى خامنئ وأمواله ليستنقذ إيران، والمعروف أن وزارة الخزانة الأميركية، كانت قد أشارت إلى أن مرشد الثورة الإيرانية، والذي يتشدق بمحاربة الطاغوت، ويكافح الإمبريالية الأميركية، يمتلك ما يفوق على 200 مليار دولار، وربما ضعف هذا الرقم، ما وضع الملالي في مأزق قاتل امام اعين شعبهم في الداخل .
الامر الاخر هو ان طلب القرض هذا تم مجابهته من المعارضة الإيرانية الهاربة من وجه الشمولية الإيرانية الداخلية، والتي وضحت أرقام الاحتياطيات المالية الإيرانية، ففي ديسمبر كانون اول الماضي كان البنك المركزي الإيراني يشير إلى أن الاحتياطيات الإيرانية قد بلغت 117 مليار دولار دولار .
إلى أين يمكن ان توجه إيران المليارات الخمسة التي تطلبها من صندوق النقد الدولي؟
يبدو أنها تفكر في استخدام الاموال الدولية لتمويل مشروعاتها العسكرية، أو هكذا تتخيل، والدليل ما اشارت إليه مجلة فوربس الأميركية الشهيرة على لسان محرر شؤون الفضاء والدفاع فيها “إتش آي سوتون”، والذي حذر في تقرير أخير له من أن النظام الإيراني، ماض في غيه سادرا، عبر بناء غواصات ومدمرات، ما يشكل تهديدا جديدا لحرية الملاحة في الخليج، وربما في الوقت نفسه يخدم اغراض الدعاية الداخلية .
هل لدى إيران الاموال الطائلة إذن لإنفاقها على بناء مدمرات بحرية، وقطع بحرية مختلفة، تسعى من خلالها ولا شك في ذلك إلى إعاقة الملاحة في منطقة الخليج العربي، وربما يخيل إليها مرضا، أنها قادرة للوصول إلى ما هو أبعد من ذلك؟
الشاهد أن ما جاء به الصحافي الأميركي لم يكن من عندياته، اذ اكده القائد البحري الاميرال ” أمير راستجاري “، رئيس مؤسسة الصناعات البحرية بوزارة الدفاع الإيرانية في مقابلة حديثه له مع وسائل اعلام محلية، ما يعني أن الامر بالفعل حقيقة ولو قاربت من الجنون .
لدى الإيرانيين إذن فائض مالي كبير ينفق على اسلحة جديدة، ما يعكس شهوة قلب إيران في الاستعداد للمزيد من العسكرة، وليس مد اليد إلى سلام في المنطقة .
علامة استفهام مثيرة هنا تطل برأسها من نافذة الأحداث: “هل حقا تمتلك إيران تكنولوجيا صناعية تتيح لها بناء اسلحة حديثة كالغواصات والمدمرات والطائرات، أم أن الأمر برمته استمراء للكذب الإيراني، ومحاولة إبقاء الرأي العام الإيراني الداخلي في دائرة النفوذ والخضوع مرة وإلى الابد؟
كاتب تقرير الفوربس يشكك في قدرات النظام الإيراني، حيث رجح ان القوارب الجديدة، ربما تكون نسخا أكبر حجما لتصبح في حدود 2000 إلى 3000 طن، وهو ما يتشابه مع 3 غواصات طراز “كيلو” بالفعل روسية الصنع، وتوجد بالفعل في الخدمة .
هل تخدع إيران نفسها أم شعبها أم العالم الخارجي؟
في تقرير موازٍ لمجلة ناشيونال انترست الرصينة، فإن كل سفينة بحرية حربية اقتنتها إيران خلال السنوات الأخيرة، هي في أفضل أحوالها تحسين طفيف على نفس تصميم الطرادات التي اعتمد عليها الجيش الإيراني لقرابة خمسين عاما .
اعتادت المنظومة الدعائية الإيرانية الترويج لأسلحة جديدة، ثم يوما تلو الأخير يتبين أنها مجرد أسلحة وقطع أجنبية قديمة تعود إلى عصر الشاه، تم تدويرها واستخدامها مجددا بعد إضافة تعديلات طفيفة .
هل يتذكر القارئ آخر فضيحة إيرانية في هذا المجال؟
من أتاه حديث المقاتلة “الصاعق”، والتي زعم الإيرانيون قبل عامين تقريبا، أنها صناعة محلية، ثم تبين لاحقا أنها ليست سوى إنتاج معاد للطائرة الأميركية إف -5؟
إيران لا تتعلم من دروس التاريخ ..الكذب لا يفيد.
نقلا عن العين الإخبارية