إنجاب الأطفال وتأثيره على الشيخوخة.. حماية أم استنزاف

على عكس الاعتقاد السائد بأن تربية الأطفال تسرّع الشيخوخة بسبب الضغوط والإرهاق. كشفت دراسة حديثة أن الأبوة والأمومة قد تحمي الدماغ من التراجع المعرفي وتعزز الروابط العصبية.
ووفقاً لدراسة أجرتها منظمة Rutgers Health وجامعة Yale، ونُشرت في مجلة Proceedings of the Natural Academy of Sciences بتاريخ 25 فبراير. فإن إنجاب الأطفال يعزز أنماط الاتصال بين مناطق الدماغ، والتي تميل عادةً إلى التراجع مع التقدم في العمر.
والمفاجأة أن هذه الفوائد لا تقتصر على الأمهات فقط، بل تشمل الآباء أيضاً. مما يعني أن التحولات الإيجابية ليست مرتبطة بالتغيرات الفسيولوجية للحمل، بل بالتجربة الأبوية ذاتها.
-
كيف ينعكس غضب الأهل على الأطفال؟ تأثيرات نفسية وسلوكية
-
سلوكيات غريبة لدى الأطفال الصغار تعتبر طبيعية
وقاية من الشيخوخة المعرفية
استند الباحثون إلى بيانات UK Biobank، وهي قاعدة بيانات طبية واسعة. حيث تم تحليل صور الدماغ لـ 37,000 شخص لدراسة تأثير النموذج الأسري على الاتصال العصبي.
وركّز البحث على كيفية تفاعل مناطق الدماغ المسؤولة عن الحركة، والإحساس، والروابط الاجتماعية.
والمفاجأة كانت بما أظهرته النتائج من أن الأشخاص الذين لديهم أطفال يتمتعون بقدرة أعلى على الربط بين هذه المناطق الدماغية، خاصةً تلك المعنية بالحركة والإدراك الحسي.
وعادةً، تتراجع هذه الروابط العصبية مع التقدم في العمر. لكن الدراسة وجدت أن إنجاب المزيد من الأطفال يعزز هذه الشبكات بدلاً من تآكلها.
وقال أفراهام هولمز، الأستاذ المشارك في قسم الطب النفسي والمؤلف الرئيسي للدراسة: “لاحظنا نمطاً واضحاً من التغيرات الوظيفية. حيث يرتبط عدد الأطفال بزيادة الاتصال العصبي في الشبكات الحركية والحسية.”
نظرة جديدة إلى الأبوة والأمومة
ما يجعل هذه الدراسة مثيرة للاهتمام هو أنها تناقض الفكرة الشائعة بأن الأبوة تزيد من التوتر وتؤدي إلى الشيخوخة المبكرة. بل على العكس يرى الباحثون أنها قد تكون مفيدة لصحة الدماغP لأنها تفرض “نشاطاً بدنياً متزايداً. وتفاعلات اجتماعية أوسع، وتحفيزاً معرفياً مستمراً.”
كما أظهرت الدراسة أن الآباء والأمهات الذين شملهم البحث لديهم مستويات أعلى من الروابط الاجتماعية، حيث يزورون أفراد العائلة بشكل أكثر تكراراً. ويتمتعون بشبكات دعم اجتماعي أوسع.
ويسعى الباحثون الآن لفهم كيفية تأثير الأبوة على الدماغ بشكل أعمق. وما إذا كان من الممكن اكتساب هذه الفوائد خارج نطاق العلاقات الأبوية التقليدية.