تسعى إيران إلى استنساخ نموذج حزب الله الإرهابي في كل من سوريا والعراق، وهو ما يظهر جليا في اعتمادها على مليشيات أجنبية وشباب طائفي في حرب بالوكالة تخوضها بسوريا، وخدمة أجندتها المزعزعة لاستقرار المنطقة.
وقالت إميلي بورتشفيلد، نائب مدير مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط، التابع لمجلس الأطلسي، إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضاعفت خلال الأسابيع الأخيرة من موقفها ضد دور إيران المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، معتبرة أن تصريحات جون بولتون مستشار الأمن القومي الأخيرة بأن واشنطن ستبقى في سوريا ما دامت إيران قد فعلت -من خلال وكلائها ومليشياتها- تحول رئيسي في السياسة الأمريكية في سوريا، وفق تحليل نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأمريكية.
وأشارت إميلي إلى أن إدارة ترامب فرضت بالفعل 17 جولة من العقوبات المتعلقة بإيران، واستهدفت 147 من الأفراد والكيانات المرتبطة بطهران، لإرغام النظام الإيراني على التخلي عن أنشطته الإقليمية. وذكرت أنه في 16 أكتوبر الماضي، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على شبكة مالية تدير مليارات الدولارات، وتدعم قوة مقاومة الباسيج، وهي مجموعة شبه عسكرية تجند وتدرب الأطفال الجنود في فيلق الحرس الثوري الإيراني لدعم الجهود المبذولة لمساندة نظام الرئيس السوري بشار الأسد، من بين عدة أنشطة خبيثة أخرى.
والشبكة المعنية، وفقا لتحليلات وزارة الخزانة الأمريكية، وهي شبكة بونياد تافون باسيج، وتترجم مؤسسة الباسيج التعاونية، توظف شركات صورية لتخفي ملكية الباسيج، وتتحكم في مجموعة متنوعة من المصالح التجارية التي تقدر بمليارات الدولارات في صناعات السيارات والتعدين والمعادن والصناعات المصرفية الإيرانية، وارتأت أن المحصلة النهائية هي أن الثروات الإيرانية الهائلة يتم إنفاقها بعيداً عن الشعب الإيراني، لتعزيز طموحات النظام الإيراني إقليميا، وانتهاكات حقوق الإنسان والأنشطة المزعزعة للاستقرار في سوريا.
ولفتت الباحثة الأمريكية إلى أن فرض عقوبات على مؤسسة الباسيج التعاونية خطوة ملحوظة في حملة الضغط الاقتصادي التي تشنها الولايات المتحدة، تستوجب نظرة عن كثب إلى قوة الباسيج نفسها ودورها في توسيع نطاق نفوذ إيران، موضحة أن قوات الباسيج هي منظمة شبه عسكرية تطوعية تعمل في إطار الحرس الثوري، وتعتبر واحدة من عناصر الأمن الداخلي الرئيسي للنظام، وهي بمثابة ملحق للقوات البرية في سوريا التي يقودها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الذي ينفذ عمليات إيران خارج الحدود الإقليمية.
ووفقا لنائب مدير مركز رفيق الحريري للشرق الأوسط التابع للمجلس الأطلسي الأمريكي، تجند وتدرب قوات الباسيج منذ عام 2015 مقاتلين متطوعين من الشباب الإيراني، قبل إدراجهم في قائمة انتظار للانتشار في سوريا موضحة أن بعض هؤلاء المتطوعين تحركهم دوافع طائفية، إلى جانب امتيازات مثل توفير أماكن للدراسة في الجامعات، والوصول إلى الوظائف الحكومية والمعاملة التفضيلية؛ وهي أمور مرغوبة للغاية في ظل اقتصاد متراجع، حيث يعاني نحو ثلث الشباب الإيراني من البطالة.
وفي عام 2015، قدر الخبراء أن 7 آلاف من أعضاء الحرس الثوري، ومتطوعي الباسيج يعملون بالفعل في سوريا، بينما أشار محللون إلى زيادة مشاركتهم في القتال. ولفتت الكاتبة إلى أنه من بين عدة تقارير عن سقوط ضحايا إيرانيين في سوريا خلال السنوات الأخيرة، كشف أحد مسؤولي الباسيج أن 50 طالبا إيرانيا متطوعا قتلوا في الصراع السوري بين نوفمبر وديسمبر 2016.
وبالإضافة إلى الإيرانيين، يجند الباسيج أيضاً مهاجرين أفغانا، بينهم أطفال لا تتجاوز أعمارهم الرابعة عشرة، للانضمام إلى لواء الفاطميون، وهو مليشيا تضم مقاتلين أفغاناً تحت إشراف الحرس الثوري في سوريا. وتشير مصادر إخبارية محلية إلى أن عدد الأفغان الذين يقاتلون من أجل نظام الأسد يتراوح بين 10 و20 ألفا، بينما ذكرت مصادر أخرى أن عدد الأفغان يتراوح بين 10 و12 ألفا؛ الكثير منهم تحفزهم وعود بوضع الإقامة القانونية، وفقا لما ذكرته مصادر لمنظمة هيومان رايتس ووتش.
وأكدت إميلي أن مليشيات المتطوعين على غرار الباسيج توفر خيارا اقتصاديا لمشاركة المعلومات الاستخبارية، والمساعدة في عمليات مكافحة التجسس، ومكافحة الإرهاب، والردع، وتطوير الدعم الشعبي، منوهة بأن إيران تتبع نموذج حزب الله الذي تغلغل في لبنان من أجل دمج قوة فيلق القدس وقوة الباسيج مع مليشيات محلية في سوريا من خلال توفير الخدمات الأمنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية، ما أوجد الدعم أو على الأقل التسامح مع أنشطتها.
واختتمت بالإشارة إلى أن الحرس الثوري والباسيج يعملان مع المليشيات العراقية الموالية لإيران التي انتشرت في سوريا؛ لدعم نظام الأسد، بالإضافة إلى شبكة من المقاتلين الأجانب من أفغانستان وباكستان لخدمة أجندة طهران.