سياسة

إما الإنسان أو الإخوان


طالعت الأسبوع الماضي مقالا ممتازا لصديقي نديم قطيش، تناول مقارنة متميزة وواقعية بين المشروع الإيراني في المنطقة.

الذي يعتبر الخراب والدمار والفقر والعوز أبرز مخرجاته؛ أينما حل. والمشروع الحضاري المتنوع الخادم للإنسانية المتمثل في الإمارات الذي ينجب العمران والتقدم والتنمية.

كانت فكرة صديقي في المقال لماحة ومبدعة، وكانت تلك المقارنة تجد شواهدها على الأرض واقعاً معيشاً.

واستثمارا للفكرة، وتوسيعا لأفقها أتناول خلال هذه الأسطر ما هو أوسع من ذلك، وما أعتبره أنا شخصياً أخطر من المشروع الإيراني، وهو المشروع الإخواني، حيث إنه أوسع انتشارا وأكبر دعما والأكثر قدرة تدميرية وتخريبية، والأشد تمرنا على الاختفاء والعمل السري.

إيران رغم خطورتها لا تنكر علنا دعم أجنحتها، بغض النظر عن نوعية هذا الدعم، سواء كان دعما بالسلاح أو المال.

أما الإخوان فهم تنظيم متطرف، يعمل في السر، ويعتمد أسلوب التقية يعبث بعقول الشباب، ويستلهم رؤاه من فكر إرهابي متطرف، وهو التنظيم الذي سبب دماراً كبيراً في عالمنا العربي.

ورغم كونه تلقى ضربات مزلزلة في الفترة الأخيرة في مصر وتونس وليبيا، غير أنه لم يتبخر ولم يختفِ، بل عاد لأخطر مراحله وهي مرحلة العمل السري، في إطار دورة كمون لا تلبث أن تعلن عن نفسها عن طريق تنفيذ عملية إرهابية في مكان ما.

ومن أهم المتغيرات التي ضاعفت خطورة تنظيم الإخوان توظيفه للوسائل التكنولوجية والفضاءات الرقمية التي غزت العالم وحوّلته إلى قرية واحدة، خصوصاً وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن أهم أدوات التخفي وقلب الحقائق لدى هذا التنظيم كونه غير صادق مع منتسبيه أو من يستهدفهم من عامة الناس، إذ يوهم الجميع أنه يعمل من أجل أهداف دينية أخروية تقوم على أسس شرعية، والحقيقة أنه على العكس من ذلك تماماً فأغراضه دنيوية محضة وأسسه مادية بحتة، وآلياته براغماتية صرفة.

يشحن الإخوانُ الشبابَ بخطاب يستبطن ثنائية الأجر والوزر، ليكونوا مستعدين لتفجير أنفسهم والانضمام لتنظيمات إرهابية تهدف إلى الإفساد في الأرض وحرق الأخضر واليابس.

مراحل دورة الحياة عند الإخواني، تمر في البداية بمحطة شحن عاطفته الدينية برسم صورة سوداء عن حال الأمة كما يقولون وضرورة تحرير فلسطين وتلبية نداء أمهات أفغانستان والعراق والحكم بما أنزل الله إلى غير ذلك من أهداف هي أبعد ما تكون عن أهدافهم الحقيقية، وهو لحظتها أمام أحد خيارين: إما أن يلتحق بتنظيمات إرهابية أو يفرغ تلك الشحنة في محيطه الاجتماعي.

أما المرحلة الثانية فهي التعاطف مع تنظيم الإخوان كشكل من التعويض عن عدم قدرته على الموت في سبيل الطاغوت. المرحلة الأخيرة: يكثف فيها التنظيم التواصل مع الضحية لإقناعه بأن الانضمام للجماعة والعمل السياسي معها أعظم من الجهاد في سبيل الله.

وبهذا يحصل الشخص على أعلى طموحاته، حيث يصبح وهو الضحية الذي لا يدري؛ مجاهداً في سبيل الإخوان؛ وهو يخال نفسه مجاهداً في سبيل الله، نتيجة عملية غسل الدماغ الممنهجة.

يمكن أن نطرح سؤالاً لنا الحق فيه؛ لماذا يعادي تنظيم الإخوان بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية؛ والواقع أنهم يتشدقون بأنهم إخوان في الإسلام، ولماذا يعادون مصر الكنانة التي هي خير الأجناد، وهي مهد الحضارة وقوة العرب؟

ولماذا يعادون الإمارات بلاد الشيخ زايد التي مدت يد العون لجميع العرب والمسلمين، ورفعت رأس العرب عاليا بإنجازاتها العلمية والاقتصادية؟ الجواب بكل بساطة؛ هو أنهم تنظيم يأتمر بأوامر أعداء العرب، زرع ليكون خنجراً في خاصرة العرب، منفذاً لأجندات الأعداء .

تنظيم يعادي العلم والتقدم والثورة الصناعية والاستثمار في الإنسان .

الإنجازات الاقتصادية الكبيرة في مصر لا يراها الإخوان الحاقدون؛ والثورة التي يقودها الأمير محمد بن سلمان في السعودية يرونها كفراً بواحاً، أما الإمارات فيسقطون مغشياً عليهم كأنما تخبطهم الشيطان من المس عند ذكرها.

لم يذكر التاريخ ولا الواقع أن دولة خمسينية في العالم حصلت على برنامج نووي ومسبار يدور بالمريخ سوى الإمارات.

السر في ذلك هو إيمان قادة الإمارات بالإنسان كقيمة وغاية ووسيلة وهدف، تستحق أن تسخر لها جميع المقدرات للتمتع بحياة سعيدة في أمن وأمان بعيداً عن التطرف والعنف والإرهاب.

الإمارات تؤمن بأن الله استخلف الإنسان في الأرض ليعيش ومن حوله بسلام وأمان متصالحاً مع نفسه وإخوته مهما كان لونهم أو عرقهم أو دينهم، وهذا ما نجده متجسداً على أرض الواقع في دولة تأسست على عقيدة الشيخ زايد التي تتخذ من الاستثمار في الإنسان ومد يد العون له أساسا قويا ومنطلقا للوصول لجميع الأهداف .

هما خياران لا ثالث لهما، إما أن نتمسك بإنسانيتنا ونعمل من أجل الإنسان، ونستثمر فيه ونسخر كل مقدراتنا لأن يعيش حياة كريمة في أجواء من البهجة والتسامح مع الآخر.

وإما أن يسيطر علينا الإخوان بفكرهم المتطرف العنيف الطارد للحضارة والسلم والأمن المحرض على العنف والإرهاب.

عندما نواصل الاستثمار في الإنسان يضمحل تنظيم الإخوان ويذوب وبذلك نقطع رأس الأفعى ونقوي مفهوم الدولة الوطنية التي يعيش تحت رايتها الجميع بعيداً عن الأيديولوجيا المتخلفة.. فلنحارب الإخوان بالاستثمار في الإنسان كما تفعل الإمارات.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى