بعد أيام من اتهام حركة النهضة الإخوانية، بالضلوع في عمليات اغتيال استهدفت معارضين عبر جهاز سري للتجسس والاغتيالات، كشفت وسائل إعلام فرنسية عن انطلاق دعوات تونسية لحل الحركة لخرقها قانون الإرهاب. وخلال مؤتمر صحفي عقدته بتونس، الأربعاء، اتهمت لجنة الدفاع في قضية اغتيال عضوي الجبهة الشعبية، شكري بلعيد ومحمد البراهمي، حركة النهضة باغتيال المعارضين التونسيين عبر تنظيم سري عام 2013، (خلال فترة حكم الحركة الإخوانية)، وقالت اللجنة إن العديد من الوثائق الخطيرة التي يرجح ارتباط حركة النهضة بالملف مودعة في غرفة سوداء بوزارة الداخلية. وقالت مجلة لونوفل أوبسيرفاتير الفرنسية، أن اتهامات لجنة الدفاع في قضية اغتيال عضوي الجبهة الشعبية بلعيد والبراهمي أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط السياسية التونسية، التي اجتمعت على ضرورة حل حركة النهضة، موضحة أنه بعد نحو 5 سنوات من الاغتيالات السياسية لاثنين من قادة اليسار التونسي، لا يزال السؤال مطروحاً مَن قتل شكري بلعيد ومحمد البراهمي؟ وأشارت المجلة إلى أنه رغم أن محققي الشرطة لم يتوصلوا إلى نتائج رسمية، فإن لجنة الدفاع عن المعارضين المقتولين توصلت إلى نتائج موثقة بأدلة عن ضلوع حركة النهضة خلال وجودها في السلطة آنذاك، بعملية الاغتيال، واصفة تلك المعلومات المؤكدة بوثائق وشهادات بالمزلزلة التي يمكن أن تغير الخريطة السياسية في تونس خلال فترة قريبة جدا. وأطلقت الأحزاب التونسية، بحسب المجلة، دعوة إلى الثورة على النهضة، واصفين إياها بالفصيل الإجرامي، وقال عضو بائتلاف الجبهة الشعبية (يسار)، لم تسمه، أن النهضة منظمة سرية إجرامية تتحمل المسؤولية هذه الجرائم. سلطت الوثائق، بحسب لونوفل أوبسيرفاتير الفرنسية، الضوء على أنشطة أحد عناصر حركة النهضة يدعى مصطفى خضر، عثرت الشرطة التونسية في منزله على عديد من الوثائق التي تتعلق بسياسة الاغتيالات، والتي سرقت من وزارة الداخلية فيما بعد. كما عثرت الشرطة التونسية في منزل خضر على كاميرات خفية داخل أقلام وماسحات ضوئية متطورة، وقارئات بطاقات ممغنطة، تم ضبطها ونقلت إلى فرقة مكافحة الإرهاب، بحسب المجلة الفرنسية. ومن بين أنشطة حركة النهضة المشبوهة، أشارت المجلة إلى أن جهازا أمنيا خاصا داخل الحركة قام بعمليات تجسس على شخصيات سياسية تونسية، كما تجسست أيضا على عديد من السفارات الأجنبية. في غضون ذلك جاء في تقرير الهيئة أن من أدوار هذا الجهاز الخاص بناء منظومة أمنية موازية واستقطاب القضاة وتتبع العسكريين، إضافة إلى التعاون مع فرع تنظيم جماعة الإخوان الإرهابي في مصر، وأدوار أخرى تتعلق بالحصول على معلومات عن المؤسسة العسكرية الجزائرية وشركة غازها، ومحاولة اختراق سفارة الولايات المتحدة بهدف التجسس. حل الحركة ووفقاً للمجلة الفرنسية، فإن تلك الاتهامات أثارت جدلاً واسعاً ودعوات لحل حركة النهضة، فيما اعتبرت الأحزاب المكونة للجبهة الشعبية أن هذه الوثائق خطيرة، وأنه يجب فتح تحقيق. من جانبها، دعت النائبة البرلمانية في الحزب الحاكم نداء تونس (وسط) فاطمة مسعدي، إلى ضرورة حل الحركة. وتساءلت مسعدي، في منشور على حسابها الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: بعد كل الأدلة والوثائق التي قدمها اليوم فريق الدفاع في قضية اغتيال شكري بلعيد ومحمد البراهمي، وشبهة تورط حركة النهضة وتنظيمها السري في الاغتيالات، هل ستقوم الحكومة بحل حركة النهضة اعتمادا على قانون مكافحة الإرهاب وتهمة تكوين جماعة للقيام بعملية إرهابية أم ستقوم بحل حزب حركة النهضة (الذراع السياسية للحركة) اعتمادا على خرقه لقانون الأحزاب؟ بدوره، دعا رئيس الحركة الديمقراطية، أحمد نجيب الشابي، في تصريحات لإذاعة شمس إف إم رئيس الحكومة التونسية ووزيري العدل والداخلية، إلى تقديم توضيح بحقيقة تلك المعلومات. مؤسس حركة تونس إلى الأمام، ماهر قعيدة، قال لقناة فرانس 24 الفرنسية: أظن أن هناك دولة عميقة، وأن الأجهزة مخترقة، موضحاً أن الذين ساعدوا 10 آلاف تونسي ليذهبوا للقتال في سوريا.. هناك جهاز ساعدهم. ولفتت المجلة إلى أن السياق السياسي في البلاد يبدو أكثر هشاشة، قبل عام من انتخابات تشريعية ورئاسية، سيطرت النهضة فيها على الغالبية البرلمانية، وسط مخاوف من إعادة تولي النهضة السلطة، مشيرة إلى أن العديد من السياسيين يرغبون في المضي قدماً في التحقيقات في عملية الاغتيالات 2013. إلى ذلك، أشارت صحيفة ليبراسيون الفرنسية عقب تلك الاتهامات إلى ضرورة طلاق التحالف الحزبي، بين نداء تونس (الحاكم) وحركة النهضة، تحت عنوان طلاق التونسيين. وتساءلت الصحيفة.. من فيهما سيترك الآخر أولاً؟ يشار إلى أن المحامي التونسي شكري بلعيد (48 عاما) المعارض الشرس لحركة النهضة، اغتيل بالرصاص في 6 فبراير 2013 أمام منزله بحي المنزه شمال العاصمة، ما شكل صدمة لدى التونسيين، وخلق حينها أزمة سياسية حادة استقال على أثرها رئيس الوزراء حمادي الجبالي (حركة النهضة) من منصبه. وتبنى اغتيال بلعيد (يسار)، وكذلك اغتيال النائب المعارض محمد البراهمي (قومي عربي) في 25 يوليو/تموز 2013، متطرفون على صلة بتنظيم داعش الإرهابي. وأعلنت السلطات التونسية آنذاك أنها قتلت القاتل المفترض كمال القضقاضي. ومنذ عملية الاغتيال يشير أقارب بلعيد إلى مناطق ظل وإرادة سياسية وضغوط لعدم كشف الحقيقة بشأن مدبري الاغتيال.