إعدام معارض في إيران.. تصعيد جديد ضد حركة الاحتجاجات

أعلنت وكالة ميزان، التابعة للسلطة القضائية في إيران، اليوم السبت، تنفيذ حكم الإعدام بحق مهران بهراميان، المتهم بقتل عنصر أمني خلال التظاهرات التي اندلعت عقب وفاة الشابة مهسا أميني عام 2022 في مؤشر جديد على تصعيد النظام الإيراني سياساته القمعية ضد الأصوات المعارضة.
ويأتي هذا الإعدام في وقت تتزايد فيه الانتقادات الدولية للسلطات الإيرانية بشأن توظيف القضاء كأداة لقمع الحراك الشعبي المتجدد، وسط تفاقم الأزمة الاقتصادية، وتراجع الثقة الشعبية بمؤسسات الدولة، لا سيما بعد الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي سجلت أدنى نسب مشاركة في تاريخ الجمهورية الإسلامية.
ووفق وكالة ميزان، فقد أُعدم بهراميان شنقًا بعد إدانته بالمشاركة في هجوم مسلح استهدف قوات أمنية في منطقة سميروم بمحافظة أصفهان في ديسمبر/كانون الأول 2022، ما أدى إلى مقتل عنصر أمني يُدعى محسن رضائي.
ويُعد إعدام بهراميان العاشر من نوعه، في إطار الأحكام القضائية الصادرة على خلفية التظاهرات الشعبية الكبرى التي انطلقت إثر وفاة مهسا أميني (22 عامًا)، التي احتجزتها شرطة الأخلاق بسبب “عدم التزامها بالحجاب الشرعي”.
وتحولت حادثة وفاتها إلى أكبر حركة احتجاجية تشهدها إيران منذ قيام النظام في 1979، ورفعت شعارات مركزية مثل “المرأة، الحياة، الحرية”، في تحدٍ غير مسبوق لهيمنة المؤسسة الدينية – الأمنية.
منظمات حقوقية عديدة، بينها منظمة العفو الدولية، أكدت أن محاكمات المحتجين تفتقد إلى شروط العدالة الأساسية، حيث تُنتزع الاعترافات تحت التعذيب، والضغط النفسي، والحبس الانفرادي الطويل، إضافة إلى التهديدات الموجهة لعائلات المعتقلين.
ووفقًا لشهادات موثقة، فإن عائلة بهراميان تعرضت لاستهداف مباشر، إذ حُكم على شقيقه فاضل بالإعدام أيضًا، بينما قُتل شقيقهم الثالث مراد بهراميان برصاص قوات الأمن خلال احتجاجات 2022.
وقالت منظمة العفو في تقرير سابق إن المحاكم الإيرانية تعتمد على اعترافات مفبركة ومكرهة، وتصدر أحكام الإعدام من دون منح المتهمين حق الدفاع أو الاستئناف الحقيقي.
ويصف مراقبون هذه الإعدامات بأنها وسيلة سياسية لتخويف الشارع ومنع أي تجدد للحراك الشعبي، في وقت تواجه فيه طهران تحديات داخلية خانقة، أبرزها الانهيار الاقتصادي، وتدهور العملة المحلية، وتصاعد البطالة، وتآكل الثقة الشعبية بالمؤسسات الحاكمة.
ويشير خبراء إلى أن النظام الإيراني يستخدم القضاء كأداة ردع، في ظل ضعف أدواته الأخرى بعد موجات العقوبات الدولية وتراجع النفوذ الإقليمي، إضافة إلى الانقسامات داخل النخبة السياسية، التي برزت بوضوح في سياق الانتخابات الأخيرة.
وتستعد منظمات حقوق الإنسان في أوروبا والولايات المتحدة لإطلاق حملة إدانة دولية جديدة ضد السلطات الإيرانية، على خلفية تصاعد الإعدامات بحق المتظاهرين السلميين.
في الوقت نفسه، تشهد المدن الإيرانية عودة تدريجية لحالات الاحتجاج الفردي والجماعي بسبب تردي الأوضاع الاقتثادية والاجتماعية ، خاصة في أقاليم مثل كردستان والأحواز وبلوشستان، والتي كانت بؤرًا مركزية لحركة 2022 الاحتجاجية.
ويرى مراقبون أن استمرار طهران في اعتماد نهج القوة والقمع بدل المعالجة السياسية، يعمّق من أزمتها الداخلية، ويهدد باستئناف موجات جديدة من الغضب الشعبي، قد لا تستطيع هذه المرة السيطرة عليها.