أعلنت إسرائيل أنها قتلت قائد الوحدة الجوية التابعة لحزب الله في جنوب لبنان في ضربة جوية بعد ساعات من إعلانها أنه قاد هجوما على قاعدة عسكرية في شمال الدولة العبرية، وهو ثاني اكبر مسؤول ميداني يتم اغتياله بعد يوم من تصفية وسام الطويل القائد العسكري البارز في قوة الرضوان التابعة للجماعة اللبنانية.
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري إن علي حسين برجي قائد الوحدة الجوية للحزب المدعوم من إيران قاد العشرات من الهجمات بطائرات مسيرة على إسرائيل.
وأبدى حزب الله اللبناني اليوم الثلاثاء عدم رغبته في توسيع المواجهة مع إسرائيل في موقف معلن يتناقض مع التهديدات التي أطلقها أمينه العام حسن نصرالله في خطاباته الأخيرة التي تلت اغتيال الرجل الثاني في حركة حماس في الضاحية الجنوبية معقل الحزب، لكن تصفية قائدين عسكرين بارزين في غضون يومين تطرح تساؤلات عمّا إذا كانت الجماعة ستحافظ على قواعد الاشتباكات أم ستذهب إلى توسيع المواجهة.
وقال نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله في كلمة أذاعها التلفزيون اليوم الثلاثاء إن الحزب لا يريد توسيع الحرب لكن إذا فعلت إسرائيل ذلك “سنواصل المقاومة وسنجعلها أقوى وسنسلحها أكثر وستبقى على جهوزية دائمة”.
وردد تقريبا نفس الكلام الذي أطلقه نصرالله منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الثاني وهو الذي توعد بردّ مزلزل إن قامت إسرائيل بأي عمل عسكري في لبنان.
وقتل في الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان ما يزيد عن 130 من عناصر حزب الله بينهم قادة كبار يتقدمهم نجل محمد رعد رئيس كتلة الحزب البرلمانية وصولا إلى القيادي العسكري ومنسق العمليات بين الحزب وإيران وسام الطويل وهو أحد القادة المقربين من قائد فيلق القدس الإيراني الراحل قاسم سليماني.
وتلقى حزب الله أيضا ضربة موجعة في معقله بالضاحية الجنوبية حين اغتالت إسرائيل الرجل الثاني في حماس صالح العاروري. وكان رد الحزب أقل بكثير مما هو متوقع ما اثار أسئلة حتى في الداخل اللبناني الذي كان يتوجس من أن ينجر للحرب.
لكن حزب الله الذي لم يخرج عن قواعد الاشتباك واكتفى برد محدود بمنطق قصف بقصف، اختار على ما يبدو أن لا يكرر سيناريو حرب العام 2006 والتزم على ما يبدو بأوامر إيرانية بعدم توسيع نطاق الحرب.
وكانت إيران قد أعربت قبل فترة عن عدم رغبتها في توسيع المواجهة واكتفت بتحريك وكلائها وزجت بجماعة أنصار الله الحوثية في المعركة من خلال عمليات في البحر الأحمر لم تؤثر على مسار الحرب في غزة ولم تعدل موازين القوى.
وقال حزب الله إن طائراته المسيرة استهدفت مقر قيادة المنطقة الشمالية التابعة للجيش الإسرائيلي في صفد وذلك ردا على اغتيال العاروري واغتيال وسام الطويل القيادي الكبير في الحزب.
وشارك آلاف المشيعين جنازة الطويل في جنوب لبنان، ولُف نعشه بعلم حزب الله الأصفر أثناء حمله في شوارع قريته.
ولعب الطويل وهو ضابط في قوة الرضوان الخاصة التابعة لحزب الله، دورا قياديا في توجيه عمليات حزب الله في جنوب لبنان وتم إيفاده سابقا إلى سوريا حيث دعمت الجماعة دمشق في الحرب الأهلية.
وذكر حزب الله أن الطويل شارك أيضا في هجوم عبر الحدود على إسرائيل عام 2006 تم خلاله أسر جنديين إسرائيليين، مما أشعل الحرب السابقة بين الجانبين.
وقال مصدر مطلع على عمليات حزب الله إن هذه هي أول مرة يتم فيها استهداف صفد الواقعة على بعد 14 كيلومترا من الحدود أثناء العمليات القتالية، لكن الأضرار تعتبر محدودة مقارنة بالضربات الإسرائيلية التي أودت بحياة العشرات من عناصر الحزب.
وقال متحدث باسم الجيش الإسرائيلي إن قاعدة في الشمال تعرضت لهجوم جوي لكن دون وقوع أضرار أو خسائر في الأرواح. ولم يحدد المتحدث مكان الواقعة على وجه الدقة.
ووقعت معظم أعمال العنف في المنطقة الحدودية حيث أطلق حزب الله النار على المواقع الإسرائيلية باستخدام الصواريخ وغيرها من الأسلحة، بينما شنت إسرائيل غارات جوية ومدفعية.
وكان اغتيال العاروري هو المرة الأولى التي تضرب فيها إسرائيل الضاحية الجنوبية لبيروت التي يسيطر عليها حزب الله خلال هذا الصراع. ولم تؤكد إسرائيل أو تنف قتل الرجل الثاني في حماس، لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي قدم الشكر لرئيس الموساد على انجاز نوعي. وقال حزب الله إن الوابل الصاروخي الذي أطلقه يوم السبت كان أيضا ردا على مقتله.
وقالت كانديس أرديل المتحدثة باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) “شهدنا في الأيام القليلة الماضية ضربات أكثر وأعنف وهو توجه مثير للقلق”.
وتقول إسرائيل إنها تعطي فرصة للدبلوماسية لمنع حزب الله من إطلاق النار على سكانها في الشمال وإبعاده عن الحدود، محذرة من أن الجيش الإسرائيلي سيتخذ إجراءات لتحقيق هذه الأهداف.
وقالت مصادر محلية إن مقاتلي حزب الله الثلاثة الذين لاقوا حتفهم اليوم الثلاثاء قُتلوا في ضربة جوية استهدفت سيارتهم في بلدة الغندورية بجنوب لبنان.
وقال الجيش الإسرائيلي في بيان إن قواته الجوية هاجمت أهدافا لحزب الله في كفر كلا وفريقا للمسيرات تابعا للجماعة في مكان آخر بجنوب لبنان.
وتخوض إسرائيل وحزب الله أكثر الأعمال القتالية دموية بينهما منذ 17 عاما بعد أن هاجمت حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) إسرائيل انطلاقا من غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
وأجبر العنف عشرات الآلاف من الأشخاص على الفرار من جانبي الحدود اللبنانية والإسرائيلية وأثار مخاوف من تصاعد الصراع.
من جهته قال نجيب ميقاتي رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية لمسؤول كبير في الأمم المتحدة اليوم الثلاثاء إن لبنان مستعد لإجراء محادثات بشأن الاستقرار على المدى الطويل على حدوده الجنوبية مع إسرائيل.
وأوضح مكتب ميقاتي في بيان أنه اجتمع مع جان بيير لاكروا وكيل الأمين العام للأمم المتحدة. لعمليات السلام في بيروت للتأكيد من جديد على “استعداد لبنان للدخول في مفاوضات لتحقيق عملية استقرار طويلة الأمد في جنوب لبنان” على طول الحدود مع إسرائيل. مضيفا “إننا طلاب استقرار دائم وندعو إلى حل سلمي دائم، ولكن في المقابل تصلنا تحذيرات عبر موفدين دوليين من حرب على لبنان”.
وتابع “الموقف الذي أكرره لهؤلاء الموفدين هو: هل أنتم تدعمون فكرة التدمير؟ .وهل ما يحصل في غزة أمر مقبول؟”
ولم يحدد بيان ميقاتي نوع المفاوضات التي سيكون لبنان منفتحا عليها. بما في ذلك ما إذا كانت مباشرة أم عبر الوساطة.
وفي العام الماضي طرح المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين .احتمال إجراء محادثات حول رسم الحدود البرية بين إسرائيل ولبنان. بعد أن توسط في اتفاق عام 2022 الذي يرسم الحدود البحرية بين الطرفين.
ويعرف الخط الفاصل الحالي بين البلدين باسم الخط الأزرق، وهو الحدود التي رسمتها الأمم المتحدة وتمثل الخط الذي انسحبت إليه القوات الإسرائيلية .حين غادرت جنوب لبنان في عام 2000.