سياسة

إرهاب الأنظمة أم حرية الشعوب


يصبح الخوف على الإنسان وحقوقه أمراً مشروعاً وملحاً، أكثر من أي وقت، حين يكون الأمر متعلقاً بمصير الآلاف بل الملايين من المعارضين الذين يقفون بجرأة قل نظيرها، وبصدورهم العارية، في وجه أعتى الأنظمة الإرهابية التي لا تتورع عن القتل والقمع بأبشع الطرق، معتمدةً على أجهزتها البوليسية المجرمة، وأبواقها الإعلامية المزيفة للحقائق، المصادرة لأدنى حرية في التعبير أو تقرير المصير.

ويصبح التصريح بهذا الرأي لزاماً علينا، وعلى كل إعلامي وكاتب حر شريف، حين استعادة حقيقة المجزرة الشنيعة التي ارتكبها النظام الإيراني في العام 1988، والمتمثلة في إعدام 30 ألف سجين سياسي، معظمهم من أعضاء منظمة مجاهدي خلق والتي جرى تنفيذها بأوامر مباشرة من الخميني، بعد إرساله لجنة إلى السجون الإيرانية المتواجد داخلها سجناء لأسباب سياسية عرفت حينها باسم لجنة الموت.

وأن يمر مثل هذا الرقم المرعب مرور الكرام، في إعلامنا العربي أو الإعلام العالمي، لهو مصيبة في حد ذاتها، فكيف للعقل البشري أن يتخيل الإعدام المباشر لهذا العدد من سجناء الرأي الذين لم يُسجنوا لجريمة أو جناية، بل لأنهم تمسكوا برأيهم المخالف لنظام الملالي وسلطة الخميني، ولم يوقعوا رسالة ندم على ما اقترفوه من اعتقاد حر.

إنها مأساة الإنسانية جمعاء في عدم قيامها بالدور المطلوب في مواجهة وتعرية الأنظمة الدكتاتورية والإرهابية أيا كان لونها وجنسيتها، وإنها مأساة منطقتنا على وجه الخصوص، مع نظامين عريقين في الإرهاب، داعمين للتطرف، مهددين للأمن الإقليمي والسلام العالمي، لا يعرفان إلا لغة واحدة هي لغة الدم، ولا يعرفان وسيلة للحوار إلا بكواتم الصوت.

فالمجزرة الإيرانية التي تعد جريمة ضد الإنسانية، يعود الفضل في تذكير البشرية بها، إلى المؤتمر الذي عقدته المعارضة الإيرانية، السبت 22 أغسطس عبر الإنترنت، تحت شعار “الإعدام آلية البقاء في نظام الملالي”، سيظل الحساب فيها معلقاً، كما إبادة الأرمن الجماعية، وكما جرائم النظامين ومرتزقتهما حول العالم، من أول معتقل في تركيا وقبلها إيران، إلى آخر ضحية اغتيال بكاتم صوت في البصرة أو بغداد، أو تعز اليمنية، إذ لا يغيب عن بالنا أنه في تركيا وحدها سجن ما يزيد على 50 ألف شخص بناء على اتهامات ملفقة منذ محاولة الانقلاب في 2016، ومنذ ذلك التاريخ قامت الحكومة بتجديد قانون الطوارئ ثلاث مرات، وأصدرت قانون الإرهاب والذي بموجبه اعتقلت الآلاف من الأتراك من المدنيين والعسكريين، كما أزالت الإجراءات الوقائية لحماية المحتجزين ضد سوء المعاملة والتعذيب، بالإضافة إلى إطالة فترة السجن، فضلاً عن أنها عملت على تقليص حقوق السجناء في إجراء محاكمة عادلة مثل حق السجناء في توكيل المحامين.

إنه إرهاب الأنظمة مقابل حرية الشعوب، المعادلة التي لا بد لطرف فيها من الانتصار مهما طال الزمن وتوالت الأعوام، وحينها فقط، سيكون الثمن السقوط الكلي للنظام، بأجهزته، وأبواقه، وقياداته، وأتباعه، وقيام نظام متناغم مع شعبه ومطالبه المشروعة في حرية التعبير والعيش بكرامة دون خوف، واللحاق بركب التنمية التي طال تخلفه عنها، بذريعة النصر الإلهي المنتظر.

نقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى