سياسة

إدارة الانتخابات الجزائرية تكشف نظامًا مترهلاً وتثير الجدل حول الإصلاحات


أفاد تقرير لمجلة “وورلد بوليتيك ريفيو” الدولية المتخصصة في التحليل السياسي إن النظام العسكري في الجزائر أصبح يقوم بتنظيم الانتخابات فقط لتعيين رئيس يريده الجيش بينما يواصل الجنرالات الحكم من وراء الكواليس دون جهد لإثبات مصداقيتها، مشددا على أن نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاسية هو علامة واضحة أخرى على أن الجزائريين لا يوافقون على الطريقة التي يتم حكمهم بها، وبمجرد إعلان نتائج الانتخابات، تحطمت مصداقية النظام.

وقالت المجلة في تقرير لها الثلاثاء أنه عندما صوت الجزائريون لانتخاب رئيسهم الجديد في 7 سبتمبر/أيلول، لم يتوقع سوى القليل منهم أن تكون النتائج حتمية. ولم يكن من المستغرب، في اليوم التالي، أن تعلن اللجنة الانتخابية في البلاد أن الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، البالغ من العمر 78 عامًا، قد فاز بإعادة انتخابه، حيث تشير الأرقام الأولية إلى حصوله على أكثر من 94 بالمائة من الأصوات.

وحصل منافسا تبون، عبد العالي حسن الشريف من حركة المجتمع والسلام وهو حزب إسلامي ويوسف أوشيش من جبهة القوى الاشتراكية، على ما يزيد قليلاً عن 3 في المائة و2 في المائة من الأصوات، على التوالي.

وقال محمد شرفي، رئيس هيئة مراقبة الانتخابات الجزائرية، يوم الاقتراع إن مستوى متوسط ​​”الإقبال المؤقت” تجاوز 48 بالمائة. لكن بعد يوم واحد، كشفت معلومات إضافية عن تناقضات كبيرة من شأنها أن تضع مستوى الإقبال على التصويت عند 25 في المئة في أحسن الأحوال، الأمر الأمر الذي لم يدفع شريف وأشيش فقط إلى الطعن في صحة إحصائيات الوكالة الوطنية المستقلة للانتخابات، بل أيضاً تبون.

التناقضات الصارخة في الأرقام الأولية للانتخابات ترسم صورة لنظام استبدادي غير قادر على الاتفاق على أفضل السبل لإخفاء عدم شعبيته بشكل فعال

وعندما أُعلنت النتائج الانتخابية النهائية في 14 سبتمبر/أيلول، ضاعفت الوكالة الوطنية للانتخابات عدد الأصوات التي تم الإدلاء بها، مما جعل معدل الإقبال يتجاوز 46 في المائة، وأعلنت تبون الفائز الرسمي بنسبة 84.3 في المائة من الأصوات.

في كل الأحوال، لن يصدق سوى عدد قليل من الجزائريين أرقام النظام. لقد فقدوا منذ فترة طويلة الثقة في التصويت كوسيلة لاختيار قادتهم أو أي جانب من جوانب كيفية حكمهم. وتؤكد الانتخابات المزعومة الأخرى ذات الإقبال المنخفض ببساطة على خيبة أمل الجزائريين من حكم الجيش خلف واجهة ديمقراطية مفروضة.

وبحسب المجلة فإن التناقضات الصارخة في الأرقام الأولية التي نشرتها الوكالة الوطنية للانتخابات ترسم صورة لنظام استبدادي أصبح إما متقاعسا للغاية في تزوير الانتخابات أو غير قادر على الاتفاق على أفضل السبل لإخفاء عدم شعبيته بشكل فعال.

لقد تم تصميم السياسة الانتخابية في الجزائر منذ فترة طويلة من الأعلى إلى الأسفل باعتبارها أداءً للمعايير الديمقراطية، مما يسمح للنظام أو السلطة بإدامة نفسها. وتُستخدم الانتخابات الرئاسية فقط لتعيين سياسي يحظى بموافقة الجيش لرئاسة الحكومة.

وأضاف التقرير إن الارتباك الذي شاب الانتخابات الرئاسية الجزائرية الأخيرة، وخاصة عملية الإعلان عن النتائج، تؤكد بأن النظام العسكري في الجزائري أصبح ضعيفا ويائسا في الوقت نفسه،

وهذا يفسر نسبة المشاركة البالغة 46 في المائة التي أبلغت عنها الوكالة الوطنية للانتخابات في نسختها النهائية لنتائج انتخابات هذا العام، والتي تمثل ظاهريًا تحسنًا مقارنة بمستويات المشاركة التي تم الإبلاغ عنها والتي بلغت 40 في المائة في أول فوز انتخابي لتبون في عام 2019. لكن كلا الرقمين كانا من نسج خيال النظام، وأصبح الجزائريون أقل ميلاً للمشاركة في العمليات الانتخابية التي يديرها حكامهم المستبدون.

إن شكوى المرشحين الثلاثة، بما في ذلك تبون، من الافتقار إلى الشفافية والتناقضات في النتائج الانتخابية. جعلت الأمور أكثر سريالية هذه المرة: فقد تم التلاعب بالانتخابات بشكل علني لدرجة أن حتى “الفائز” الذي عينه النظام بدا غير مرتاح للنتائج التي تم الإبلاغ عنها في البداية.

كما أشار التقرير إلى أن العديد من الرؤساء الجزائريين السابقين، حاولوا تقليص “وزن الجيش والأجهزة الأمنية في النظام الحاكم. لكنهم فشلوا جميعًا. ومن المرجح أن يكون أحدهم على الأقل، محمد بوضياف، الذي اغتيل بسبب ذلك”.

وهدأت وتيرة الحراكات الاجتماعية في الجزائر في السنوات الأخيرة في البلاد. لسبيبين، الأول يتعلق بالقمع المتزايد من طرف الجيش. إضافة إلى منع التجمعات وظهور وباء كورونا، والسبب الثاني يتعلق بـ”موجة الإنفاق الاجتماعي” الذي يقوم به النظام لفائدة الشعب بسبب “ارتفاع أسعار الطاقة العالمية”. واستفادة الجزائر من هذا الارتفاع.

ولكن بالرغم من ذلك، فإن خيبة الأمل تسود الشعب الجزائري، في ظل خمس سنوات أخرى مقبلة يرأس فيها تبون البلاد. ولا سيما أن النظام ليس لديه أي خطة حقيقية لمعالجة تحديات البلاد.

وأدى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الثلاثاء اليمين الدستورية في الجزائر العاصمة بحضور كبار المسؤولين في الدولة وممثلي الهيئات العليا في الأمة. استعدادا لبدء مهامه رئيسا للجزائر لعهدة ثانية.

وكانت الانتخابات الرئاسية الأخيرة في البلاد، قد أثارت جدلا كبيرا. ليس فقط بالارتباك والتناقض الذي شاب النتائج، بل أيضا بسبب تحكم النظام العسكري. ومنع عدد من المرشحين ذي الشعبية الكبيرة للتنافس أمام عبد المجيد تبون. وتم الاكتفاء بمرشحين لا يحظيان بشعبية كبيرة، وهما عبد العالي شريف حساني، مرشح حركة مجتمع السلم، ويوسف أوشيشن مرشح جبهة القوى الاشتراكية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى