سياسة

إخوان إيران.. خارج المذهب داخل السياسة


جماعة الدعوة والإصلاح في إيران هي من تمثل الإخوان المسلمين في الجمهورية الإسلامية، وقد تأسست في بداية انتصار ثورة الخميني العام 1979 على يد مجموعةٍ من الدعاة الإخوان، وعلى رأسهم ناصر سبحاني، ورموزها في كل المحافظات التي يقطنها أهل السنة في إيران.

ولا تحمل جماعة الإخوان أيّ مشاعر سلبية أو عدائية من منطلق أيديولوجي أو عقدي تجاه الشيعة الإثني عشرية مثلما هو الحال عند نظرائهم في التيار السلفي.

البداية أردنية عراقية

 

وفق ما ورد في موقع “إخوان أون لاين” فإنّ بداية إنشاء الجماعة كان من العراق، حين نشأ حزب التحرير الإسلامي، قادماً من الأردن، بعد أن تأسس على يد الشيخ النبهاني، ونظراً لعدم وجود تنظيم جامع لشباب الشيعة في العراق، فقد انتمى شباب شيعيون إلى هاتين الجماعتين (الإخوان والتحرير)، بدوافع إسلامية بحتة، ومنهم الذين نشطوا في ما بعد في داخل حزب الدَّعوة، الذي تأسس العام 1959، ومنهم: محمد عبد الهادي السُبيتي، الذي صار، في ما بعد، قيادياً في حزب الدعوة، وقيل إنّه نشط في حزب التحرير وجماعة الإخوان معاً، والطبيب جابر العطا الذي كان يعيش بالنَّجف، ولمّا ذهب إلى بغداد تأثر بفكر “الإخوان”، وانطلق معهم في دعوتهم وانتظم في كشافتهم، والشَّيخ عارف البصري، وأخوه عبد علي البصري، والشَّيخ سُهيل السَّعد، وعبدالمجيد الصَّيمري، وعبدالغني شُكر مِن أهل النَّاصرية، وهادي شعتور.

وورد عن الشيخ نعمان السَّامرائي، في موقع “البينة” للأبحاث، قوله: إنّ والد القيادي في حزب الدعوة الشيخ السبيتي كان إخوانيا، وإنّ السَّيد طالب الرِّفاعي، وهو أحد أبرز مؤسسي حزب الدَّعوة الإسلامية، قال: “لما كان السُّبيتي ينشط ضمن الإخوان المسلمين يأتيني بنشراتهم، وكنت أقرؤها كلها، وأنا بالكاظمية، فصارت عندي خميرة إسلامية سياسية، وبحكم ترددي على أحمد أمين تكوّنت لي علاقة معهم، كنت شاباً معمماً مِن النَّجف، وفي ذلك الوقت كنت في العشرين مِن عمري، وهناك تعرفت بجابر عطا على الرَّغم من أننا نحن الاثنين مِن النَّجف، وكنت أراه، لكنه كان حينها يميل إلى حزب الاستقلال القومي.. إن أوّلَ تعرّفنا إلى الإسلام السِّياسي كان عن طريق الإخوان، وهم أرضيتنا في العمل السِّياسي”.

ويتابع الشيخ نعمان السَّامرائي أنّه لما نشأ حزب الدعوة الشيعي العراقي، “كانت لجنة التثقيف تعتمد في التربية والتكوين لأعضائها على كتب جماعة الإخوان، ومنها مطالعة كتب سيَّد قطب، “معالم في الطَّريق”، و”في ظلال القرآن”، ومؤلفات أبي الأعلى المودودي، مؤسس تنظيم الجماعة الإسلامية بباكستان، وكانت مسألة الحاكمية، والحكومة الإسلامية، التي كتب فيها المودودي، وبعده سيد قطب، موجودة حسب المنطق السّني في أهداف الحزب”.

في تصريحات نشرتها صحيفة الشرق الأوسط السعودية في أيلول (سبتمبر) 2013، اعترف نوري المالكي، الأمين العام لحزب الدعوة، الذي أصبح رئيساً سابقاً لوزراء العراق فيما بعد، أنّ علاقة حزب الدعوة بالإخوان هي علاقة “قديمة ووثيقة وهي مستمرة حتى اليوم”، موضحاً أنه كان عضواً في حزب الدعوة الذي كان يرتبط بعلاقات وثيقة مع جماعة الإخوان.

كما قال في فيديو باليوتيوب إنّ “كثيراً من قيادات حزب الدعوة، وكثيراً من قياداته السابقين، سواء الذين كانوا مع المرجع الديني محمد باقر الصدر أو حتى من قبل، كانت لهم علاقات بجماعة الإخوان”، مؤكداً أنّه يقرأ كتب سيد قطب، والدكتور محمد عمارة.

ويقول علي الكوراني، نقلاً عن وكالة أنباء براثا العراقية في شباط (فبراير) 2014، إنّ “حسن البنا وسيد قطب ومحمد قطب، كانوا من أهم الشخصيات المحبوبة عند قيادة حزب الدعوة وأوساط دعاته، وأعجبني في حسن البنا قوة شخصيته، وقدرته الفكرية والقيادية، وكيف صنع جماعة عالمية، وبدأ مشروعه من الصفر، حتى أقام تنظيماً دولياً”.

وأضاف: “كنا ندرِّس كتب سيد قطب وشقيقه محمد قطب في الحلقات، وبعد مدة درسنا كتب السيد باقر الصدر، إلى جانب مختارات من كتب الإخوان المسلمين”.

الهيكل التنظيمي لجماعة الإخوان الإيرانية

قبل سقوط نظام صدام حسين بأعوام قليلة أنشأ آية الله الخالصي، جماعة الإخوان العراقية، على نفس طريقة الإخوان المسلمين المصرية، في نفس الوقت الذي تأسست جماعة الإخوان السنية في إيران نفسها، تحت اسم “جماعة الدعوة والإصلاح”.

تتكون جماعة الإخوان بإيران من: المؤتمر العام، الشورى المرکزي، والمراقب العام، الهيئة التنفيذية المرکزیة، اللجنة الإدارية، وهيئة الرقابة والتحكيم، ويبلغ أعضاء “الشورى المركزي” للجماعة 11 عضواً أصلیاً و3 احتیاطیین، ویتم اختیارهم بالتصويت الخفي، ویجب أن یحصلوا علی ثلث أصوات أعضاء المؤتمر العام، ومدته القانونية 4 سنوات وفقا للتقويم الإيراني.

ومن أهم شروط العضوية بالجماعة أن يكون العضو إيرانياً، ودفع حق العضویة بمقدار 2% من معدل الدخل الفردي شهریاً، والالتزام بحقوق الأخوة الإیمانیة وواجباتها، واجتیاز المراحل التربویة، وليست له عضویة في الأحزاب والجماعات السیاسیة الأخرى.

والجماعة تنتشر في إيران بشكل عام وخاصة بمناطق السنّة، ومقر الجماعة بالعاصمة طهران، كما أنّ لها فروعاً في مختلف المحافظات، أهمها كرمنشاه، التي تعد ثقل جماعة الإخوان، وكردستان إيران، وخرسان، وفارس، وشيراز، وللجماعة تواجد ضعيف في إقليم سيستان بلوشستان شرق إيران، الذي غلب عليه الفكر السلفي.

ووفق مركز المزماة للبحوث يتشكل “الشورى المركزي” الحالي لجماعة الإخوان من المراقب العام لجماعة الإخوان بإيران، “المرشد” عبد الرحمن بيراني، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس من كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة طهران، ويدرس القانون بجامعة الخرطوم، ويعاونه سعد الدين صديقي، نائب.

وفي موقع جماعة الإصلاح الإيرانية، فإنّ الأمين العام الحالي هو عبد الرحمن بيراني، وهدفها: “نيل رضوان الله وتحقيق الرفاهية الشخصية والاجتماعية في ضوء القرآن والسنة”، وتزعم الجماعة أنّها مستقلة ولا تتبع تنظيم الإخوان الدولي، لكنها مؤمنة بأفكاره.

تقول الجماعة في رسالة تعريفية بموقعها إنّها “تشكيل مدني يعمل ضمن الفكر الإسلامي بهدف المحافظة على معتقدات وهوية أهل السنة في إيران، وتوفير أسباب التنمية للحياة الفردية والاجتماعية للشعب الإيراني، في ضوء الاعتقاد بالكرامة الإنسانية والحرية والعدالة والتسامح والقيم الأخلاقية من أجل إيجاد مستقبل أفضل للمواطنين والبلاد”.

رموز جماعة الدعوة والإصلاح في إيران

 

ناصر سبحاني، هو المرشد الروحي لإخوان إيران، وأحد كبار ومؤسسي جماعة الدعوة والإصلاح، ولد العام 1951 في قرية (دوريسان) التابعة لمدينة (باوه) في محافظة كردستان إيران، وبعد إكمال دراسته المتوسطة تحول إلى دراسة العلوم الشرعية ودرس على يد بعض العلماء في إيران وحصل على الإجازة العلمية، وفور انتصار الثورة في إيران زار الخميني وعدداً من رجال الدين عدة مرات، وأوصل لهم مطالب الشعب الكردي.

أما أحمد مفتي زاده فهو رئيس التجمع في الحركة الإسلامية في إيران، ولد العام 1933 في أسرة دينية، وكان والده وعمه من كبار علماء كردستان إيران، قام بتأسيس مكتبة للعلوم القرآنية ما جعل العديد من الشباب السنيين يلتفون حوله، وكان أحد المفكرين السنيين المؤثرين بين أكراد إيران، عرف بدوره القیادي في مطالبته بحقوق الكرد القومیة وحقوق السنة الدینیة في إیران في عصر الثورة، حُبس مفتي زاده وعدد من أنصاره في فترة محمد رضا بهلوي العام 1979، بعدما أصبحت حرکته السياسية معروفة للسلطات المحلية، ولکن تم إطلاق سراحهم بعد أقل من شهر من الاعتقال.

وشهدت الجماعة في الآونة الأخيرة، خاصة بعد تنصيب عبدالرحمن بيراني، أميناً عاماً عليها العام 1991 تراجعاً شعبياً بسبب سكوتها عن مطالب أهل السنة وسيرها مع مطالب النظام.

وأعضاء الشورى المركزي هم سعيد صديقي عبد الهادي، نائب المراقب العام ومسؤول لجنة التربية والتعليم بالشورى، من مواليد 1968 في محافظة فارس جنوب إيران، ويقيم حالياً بمدينة شيراز، وهو حاصل على الماجستير في العلوم السياسية، ومحمد علي نور، مسؤول اللجنة الاجتماعية، من مواليد 1959 محافظة سيستان بلوشستان ويقيم حالياً في محافظة خراسان، وهو حاصل على بكالوريوس في الفيزياء، وبور أحمد، مسؤول لجنة التخطيط السابق بالجماعة، وعضو لجنة التعليم حالياً، من مواليد 1974، محافظة كرمنشاه، وحاصل على دكتوراه في التاريخ والحضارة الإسلامية، ويعمل أستاذاً جامعياً.

العلاقة مع التنظيم الدولي

مع ازدياد علاقة الإخوان بالسلطات الإيرانية، أصبحت من غير الموثوق بها في الشارع السنّي الإيراني، وهو ما أدى إلى أن تكون حركة “جند الله” وهي الحركة التي تتبع أيديولوجية الجهاد المسلح لاستقلال إقليم “سيستان بلوشستان” عن إيران وتقدم نفسها مدافعاً عن أهل السنة بمختلف قومياتهم داخلياً وخارجياً.

وفي محاولة لسحب الإخوان البساط من تحت “جند الله” في الساحة الداخلية، أو في العالم العربي والإسلامي، سرب المراقب العام للإخوان بإيران خبراً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008 عن تجميد إخوان المسلمين في إيران عضويتهم في التنظيم الدولي للإخوان، وذلك احتجاجاً على مساندته النظام الإيراني في أكثر من مناسبة.

وأرجع سبب التجميد إلى استياء إخوان إيران الشديد، لمناصرة الإخوان في مصر وقيادات التنظيم الدولي للنظام الإيراني، الذي ما يزال يصر على مطاردة إخوان إيران والتنكيل بهم، الأمر الذي دعا الرئيس المعزول محمد مرسي، عضو مكتب إرشاد جماعة الإخوان الأم في مصر وقتها، إلى أن يؤكد أنه ليس هناك أي تجميد أو مقاطعة من قبل الإخوان لتنظيم الجماعة الأم، قائلاً: “لم يصلنا أي شيء عن هذه المقاطعة”.

المصالح بين الجماعة ونظام الملالي هي علاقة تاريخية قديمة، منذ أن شارك البنا في إنشاء دار التقريب، وجاء نواب صفوي الثوري الإيراني مؤسس حركة “فدائيان إسلام” إلى القاهرة زائراً حسن البنا، ليخطب في أتباع الجماعة، ويعلن بعد ذلك، “ﻣﻦ أراد أن ﻳﻜﻮن ﺟﻌﻔﺮﻳﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً ﻓﻠﻴﻨﻀﻢ إلى ﺻﻔﻮف اﻹﺧﻮان”.

والقاسم المشترك الذي يجمع بين إيران والإخوان هو ما يُعرف بالأممية الإسلامية؛ إذ إنّ كلاً منهما لا يعترف بالقومية العربية ولا بالحدود السياسية بين الدول الإسلامية، وترى طهران أنّ أي تحسن في علاقاتها مع مصر سيكون على حساب النفوذ الإقليمي القوي لدول مجلس التعاون الخليجي، وخاصة السعودية، ونظراً لما تلعبه مصر من دور محوري وأساسي في الوطن العربي والشرق الأوسط باعتبارها أكبر دولة عربية ولموقعها الجغرافي المهم، تسعى إيران إلى إيجاد بديل استراتيجي لسوريا، التي تعلم أن نفوذها فيها إلى انحسار طال الوقت أم قصر، ولن يكون هذا بغير الإخوان.

نقلا عن حفريات

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى