إجماع الشعب الليبي على طرد المحتل التركي
تفاقمت العمليات الإجرامية التي تنفذها مليشيات السراج ومرتزقة أردوغان على مدينة ترهونة من حصار وتجويع وقطع الكهرباء وشبكات الاتصال وحرمانهم من الوقود، بهدف تركيع المواطنين الذين رفضوا وقاوموا بكل ضراوة واستبسال المحتل التركي، عدا عن العمليات العدوانية والاعتقالات العشوائية في صبراته وصرمان على أساس الهوية السياسية، وإحراق وتدمير منازل المدنيين، واستلاب حقوقهم وإطلاق سراح عدد من السجناء والمحتجزين الجنائيين.
والصراع في ليبيا هو صراع دولي، لوجود قوى كبيرة لها مصالح استراتيجية، ولها تابعون وحلفاء يتدخلون معها، ما أدى إلى تداخل وارتباك الأوضاع، وأن التدخل التركي في ليبيا ودعمها لحكومة السراج عليه علامات استفهام كثيرة، ومن المؤكد أن هذه الدول لها موقف من إرسال مجموعات مسلحة مدعومة تركياً، لكن غضت الطرف الدول الكبرى وأشاحت بوجهها عما تقوم به تركيا.
والمرتزقة الذين أرسلهم اردوغان في حالة نفسية سيئة نتيجة الهزائم المتتالية ووقوع عشرات القتلى في صفوفهم بما في ذلك الضربات الموجعة التي تتلقاها مليشيات السراج، وفشلت في إحراز أي تقدم أمام بسالة وبطولات القوات المسلحة الليبية التي تمكنت من هزيمة الإرهاب في بنغازي والهلال النفطي ودرنة ووسط البلاد، وأقاصي الجنوب ونشرت الطمأنينة ولم تغفل أيضاً عن إعادة بناء ذاتها واستعادة مقدراتها واستكمال جاهزيتها، وتقهقرت مرتزقة أردوغان، حيث يعيشون أوضاعا مزرية، وأن المجموعات المتطرفة التي أرسلها لم تكن على دراية كافية بقوة وحدات الجيش الوطني الليبي، وأفصح عدد كبير من المسلحين السوريين عن ندمهم من القدوم إلى ليبيا، معتبرين أنفسهم أن النظام التركي ورطهم في القتال على الأرض الليبية، داعين الراغبين في المجيء أن يتراجعوا عن قرارهم لأن الوضع ليس لصالحهم إطلاقاً.
ذلك يفتح عدداً من الاحتمالات لما ينتاب تفاعلات الأزمة الليبية، مما جعلها غارقة في الفوضى والصراعات بفعل الانقسام السياسي ما بين الأطراف الليبية، وسمح هذا الانقسام مزيداً من تدخل القوى الكبرى التي لعبت دوراً كبيراً في الوضع القائم لأجل تحقيق مصالحها، ولا يمكن التعويل كثيراً على حكومة السراج غير الدستورية التي فشلت في معالجة الملف الأمني الشائك والمعقد بتهديداته على أمن واستثمارات الدولة، فيما المليشيات التابعة له والمدعومة تركياً تحتوي على تنظيمات راديكالية معروفة وبعضها كان داخل تنظيم ما يسمى الدولة الداعشية ومن القاعدة وبعض القيادات المتطرفة التي تدربت في تركيا.
لقد اتخذ المجلس الأعلى لمشايخ وأعيان ليبيا قرار إغلاق حقول النفط احتجاجاً على سيطرة التنظيمات المتطرفة ممثلة بالإخوان على مؤسسة تصدير النفط، وامتثالاً لإجماع القبائل الليبية والقوى الشعبية أوقفت تدفقات الأموال الذاهبة للمرتزقة والمليشيات التابعة لحكومة السراج المتآمرة على سلامة البلاد، وتعددت المطالب الشعبية وانطلقت الحملات الوطنية رافعة شعار كلنا متحدون لطرد المحتل التركي، فكان اجتماع مجلس مشايخ ترهونة بحضور ممثلين عن ثلاث وستين قبيلة بتعداد سكاني يتجاوز الربع مليون نسمة تأييداً ودعماً للقوات المسلحة الوطنية ولدحر المحتل التركي.
وفي الوقت الذي دعا فيه مجلس النواب الليبي لسحب الاعتراف بحكومة السراج عربياً ودولياً يستمر النظام التركي بعمليات نقل مئات الإرهابيين لدعم المليشيات المتطرفة في طرابلس، فيما بلغ الوضع المأساوي الذي يعيشه الشعب الليبي ذروته، ولم يدع أمامه إلا الإعلان عن إسقاط ما يسمى بالاتفاق السياسي وما نتج عنه من تنصيب غير مشروع لهذه العصابة المجرمة ممثلة بحكومة فايز السراج التي تشكلت برعاية الأمم المتحدة، وحسب اتفاق الصخيرات الذي وقع في المغرب 17 كانون الأول 2015م ولمدة عام قابلة للتمديد مرة واحدة.
العمليات الإجرامية في العديد من المناطق الليبية تعد جرائم حرب، وقد حزمت القوى الشعبية أمرها، ورأت أنه لن تسمح بعد الآن للجماعات الإرهابية ابتزاز مؤسسات الدولة تحت تهديد السلاح، وأصرت القوى الشعبية والقبلية على تفويض المشير حفتر القائد العام للقوات المسلحة بضبط الحدود ودحر جذور الإرهاب وتحقيق السيادة الوطنية، وتشكيل حكومة جديدة والسيطرة على مؤسسات الدولة وإنهاء علاقة العالم بحكومة السراج المتآمرة.
إن دعوة المشير حفتر التي أطلقها أمام الشعب الليبي لإسقاط ما يسمى بحكومة السراج غير الدستورية وتفويض المؤسسة المؤهلة والقادرة على قيادة المرحلة المقبلة وفق إعلان دستوري يصدر عنها تأتي انسجاماً مع مواقف الجيش الليبي الوطني لبناء الدولة المدنية، وإدارة شؤونها والتعبير عن الإرادة الحرة لتصحيح المسار وإعادة الأمور إلى نصابها، ومطمئناً الليبيين بأن القوات المسلحة ستكون في الموعد لتنفيذ قرارات الشعب الليبي، وستواصل عمليات تطهير كامل الأراضي الليبية، وأن المجلس الرئاسي دمر الاقتصاد ونهب أموال الشعب، وتحالف مع المليشيات وسخر موارد النفط لدعمها، وفرط بسيادة الدولة الوطنية.
نقلا عن العين الإخبارية