سياسة

أوروبا تواجه الإسلام السياسي.. أخيراً!


كشف الهجوم الإرهابي الأخير الذي وقع في فيينا وقبله الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها فرنسا ودول أوروبية أخرى عن ثغرات في المنظومتين الأمنية والقانونية في دول الاتحاد الأوروبي التي تقيم فيها جاليات مسلمة مسالمة، بينها إسلاميون متشددون استفادوا إلى حدّ كبير من تلك الثغرات لتنفيذ مخططاتهم الإرهابية في القارة العجوز. 

المتطرف الذي نفذ هجوم نيس الأخير قدم من إيطاليا التي وصل إليها بشكل غير قانوني ومنها إلى فرنسا ببطاقة هوية مزورة ونفذ الهجوم بعد ساعات قليلة من وصوله. وأحد الإرهابيين في اعتداء فيينا خضع في السابق لبرنامج إعادة تأهيل المتطرفين ثم أفرجت عنه السلطات النمساوية ولكنه لاحقا انضم لمجموعة مسلحة وشارك في الاعتداء الإرهابي، وذلك يعني أن أوروبا بحاجة لإجراءات أمنية مشددة لسد هذه الثغرات الأمنية. 

أما من الناحية القانونية، فإن أوروبا اليوم تكتوي بقوانين الحريات التي أتاحت لجماعات الإسلام السياسي التمدد والاستقطاب والتجنيد ونشر التطرف تحت غطاء جمعيات خيرية أو إسلامية أو تحفيظ القرآن وتدريس اللغة العربية، ومن خلال عشرات الأئمة في المساجد الذين يحرضون على العنف والكراهية ويتعاطفون مع الجماعات الجهادية الإرهابية، وذلك يعني أن هناك قصوراً وتقصيراً في المتابعة والمراقبة في الدول الأوروبية وأن القوانين الضامنة للحريات التي هي روح أوروبا لم تأخذ في اعتبارها أن هناك مَن يمكن أن يستثمرها لضرب السلم والاستقرار فيها. 

من جانب آخر، لا ننسى أن ما تشهده المجتمعات الأوروبية اليوم من صدام مع تيارات الإسلام السياسي المتطرف ليس فقط نتاج عقود من التراخي والتساهل والإهمال، بل أيضاً بسبب الاستخدام السياسي لتلك التيارات من قبل بعض الحكومات الأوروبية. جماعات الإسلام السياسي كانت تحظى بدعم أطراف حزبية وسياسية في أوروبا، خاصة اليسارية منها، وقد أسهم ذلك في حماية نشاطها طيلة السنوات الماضية، وثبّت وجودها، ثم لاحقاً تم تبنيها مخابراتياً وتهيئتها لاستلام الحكم في العالم العربي بعد ما سُمي “الربيع العربي”، ولكن هذه الجماعات فشلت في القيام بذلك، وحتى اليوم لا يزال الجزء الأكبر منها مقيماً في أوروبا. 

بعد الحوادث الإرهابية الأخيرة، يبدو أن أوروبا بدأت تدرك خطورة احتضان جماعات الإسلام السياسي على أمنها واستقرارها وتماسك مجتمعاتها ودولها، فقد طالب المستشار النمساوي سيباستيان كورتس أوروبا بمحاربة الإسلام السياسي، وقال إن تياراته تهدّد الحرية في أوروبا، وشدد على أن الإسلام السياسي يُعد “أيديولوجية تشكل خطرا على نموذج العيش الأوروبي”، بينما أكد وزير الداخلية الألماني هورست زيهوفر أن الاجتماع المقبل لوزراء داخلية الاتحاد الأوروبي سيركز على “الهجمات الإرهابية الإسلاموية”، وذلك يؤكد أن المعركة الأوروبية المقبلة ستكون ضد جماعات الإسلام السياسي لا ضد الإسلام كما يحاول أتباعهم تصويرها، وهذا الفرق الذي يجب التنبه له. 

عن العين الإخبارية

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى