أوجلان بين السجن والصراع: رؤية جديدة للسلام؟

دعوة سلام قد تكسر عتمة سجنه وتنهي صراعا بدأه قبل 4 عقود في منعطف قد لا يقلب فقط مسيرة «العدو الأول» لتركيا بل مسار نزاع بالغ التعقيد.
نداء تاريخي يعيد الزعيم الكردي عبد الله أوجلان، المسجون قبل 25 عاما، إلى دائرة الضوء في تركيا، وقد يمهد الطريق لصفقة يودع معها القضبان.
واليوم الخميس، دعا أوجلان حزبه العمال الكردستاني إلى إلقاء السلاح وحل نفسه، في إعلان تاريخي صدر بإسطنبول.
وقال في الإعلان الذي أعده من زنزانته الانفرادية في سجنه بجزيرة إمرالي حيث يقضي عقوبته منذ توقيفه عام 1999: “على جميع المجموعات المسلحة إلقاء السلاح وعلى حزب العمال الكردستاني حل نفسه”.
-
لقاء مع أوجلان: وفد كردي يثير تساؤلات حول صفقة محتملة
-
أردوغان يدعو الحكومة السورية الجديدة للتعاون في مواجهة القوات الكردية
وأضاف أوجلان: “أدعو إلى إلقاء السلاح، وأتحمل المسؤولية التاريخية لهذه الدعوة”.
وتأتي هذه الدعوة بعد أربعة أشهر من عرض أنقرة السلام على أوجلان البالغ 75 عاما.
ومنذ سجنه، كانت هناك محاولات لوقف النزاع المستمر منذ عام 1984 والذي خلف أكثر من 40 ألف قتيل.
وانهارت الجولة الأخيرة من المحادثات وسط أعمال عنف عام 2015.
وتوقفت الاتصالات إثر ذلك حتى أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما عرض زعيم حزب الحركة القومية دولت بهجلي على عبد الله أوجلان بادرة سلام مفاجئة، طالبا منه نبذ العنف، وهي خطوة أيدها الرئيس رجب طيب أردوغان.
-
الأكراد ينتصرون على أردوغان في معركة البطون الخاوية من أجل رفع العزلة عن أوجلان
-
أردوغان يعلن دعمه لمبادرة تهدئة مع المتمردين الأكراد
فمن هي هذه الشخصية البارزة التي تعود بقوة للواجهة اليوم؟
في عام 1949، ولد «عدو أنقرة الأول»، كما يلقبه إعلام محلي، ومؤسس حزب العمال الكردستاني الساعي لإقامة دولة كردستان.
وعلى مر الوقت، لاقى هدف الحزب تأييدا واسعا بالأوساط الكردية، وهو ما دق ناقوس الخطر بأروقة الحكومة التركية التي رأت في أوجلان وحزبه خطرا يهدد الأمن القومي، ولذلك قامت بحظره في عام 1980.
وبمواجهة ذلك، دخل أوجلان إلى سوريا بالعام نفسه، وبعدها بأربع سنوات، بدأ الحزب بالقيام بعمليات عسكرية في تركيا وإيران، ضمن هدفه بإقامة وطن للأكراد.
-
أكبر حليف لأردوغان يطرح تعديل الدستور لتمديد فترة حكمه
-
بتهمة “إهانة” الرئيس..سجن المعارض الكردي صلاح الدين دميرتاش
اعتقال
بقي أوجلان في سوريا، هناك حيث ظل متواريا عن الأنظار، لكن في عام 1998، اتهمت أنقرة دمشق بدعمها لحزب العمال الكردستاني، وهددتها باجتياح أراضيها في حال إصرارها على دعم الزعيم الكردي.
وبناء على ذلك، لم يكن أمام أجلان من حل سوى مغادرة سوريا والتوجه إلى أوروبا، وهناك حاول الحصول على اللجوء السياسي لكن مسعاه مني بالفشل، وانتهى به الأمر في قبضة المخابرات التركية.
ففي منتصف شباط/فبراير عام 1999، وجد أوجلان نفسه في طائرة خاصة، معصوب العينين ومقيد اليدين، برفقة عناصر إستخبارات تركية خاصة، تنقله من العاصمة الكينية نيروبي إلى أنقرة.
وجرى ذلك عبر عملية إستخباراتية معقدة، شاركت فيها المخابرات التركية والإسرائيلية والأمريكية والكينية، وعندها شعر أوجلان أن السماء ضاقت بأحلامه، وأن معتقل إيمرالي التركي بات بمثابة القدر الذي يحكم سنوات عمره المتبقية.
-
السجن 10 سنوات لرئيس تحرير قناة تركية معارضة
-
إردوغان ذاهب بتركيا إلى الانشطار لا إلى الدولة العثمانية!
حكم بالإعدام
بعد محاكمته، صدر بحقه حكم بالإعدام، لكن حين ألغت تركيا عقوبة الإعدام في العام 2002، تحول الحكم إلى السجن مدى الحياة.
ولم تمنع سنوات السجن الطويلة من أن يبقى أوجلان على رأس حزب العمال الكردستاني، بل بالعكس حولته الزنزانة إلى بطل ورمز لدى الأكراد.
وفي عام 2000، جاء المنعطف الثاني بمسار الحزب، حيث أعلن نهاية ما يسميه بـ«الكفاح المسلح»، في تغيير لسياسته قاد نحو بدء المفاوضات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
واليوم، يعود أوجلان للواجهة مجددا ليستقطب الأضواء في عتمة زنزانته، مادا جسور سلام تنتظر موافقة حزبه لتتحول لمنعطف يرسم محطة جديدة بمسار تركيا.