سياسة

أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت تثير قلق الضباط الإسرائيليين في الخارج


 تحول إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت إلى كابوس يلاحق عسكريين شاركوا في الحرب على قطاع غزة منذ 14 شهرا، وفق إعلام عبري.
وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصدرت المحكمة المذكرتين بحق نتنياهو وغالانت، بتهمتي ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين في غزة.
وقالت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية اليوم الأربعاء إن الجيش الإسرائيلي يقدر أن إصدار المحكمة هاتين المذكرتين “سيعطي زخما لاعتقالات وإجراءات قضائية بأنحاء العالم ضد كبار ضباط الجيش وحتى الجنود النظاميين والاحتياط الذين شاركوا بالحرب في غزة”.
وكشفت أن بعض الضباط والجنود اضطروا في الأسابيع الأخيرة على الفور إلى مغادرة دول كانوا يزورنها، خوفا من إجراءات قضائية بحقهم.
وتابعت “حدد الجيش الإسرائيلي مؤخرا نحو 30 حالة تم فيها تقديم شكاوى واتخاذ إجراءات قضائية ضد ضباط وجنود بالجيش شاركوا في الحرب بغزة، وكانوا يعتزمون السفر إلى الخارج، لكن تم تحذيرهم لتجنب السفر خشية اعتقالهم أو استجوابهم في الدولة التي يريدون زيارتها”.
وأضافت “قيل لثمانية منهم على الأقل، بينهم جنود انطلقوا بالفعل في رحلة إلى قبرص (الرومية) وسلوفينيا وهولندا، أن يغادروا على الفور بسبب المخاطر”.
ولفتت إلى أنه “في الجيش الإسرائيلي لا يُمنع الجنود والضباط بشكل منتظم ودائم من السفر إلى الخارج حتى حاليا، لكنهم يقومون بصياغة تقييم المخاطر لكل جندي يقدم استمارة طلب سفر، مع التركيز على الجنود والقادة الذين شاركوا بحرب غزة”.
وتابعت أن “هذه السياسة تزايدت مؤخرا جراء الزخم العالمي ضد إسرائيل، في ظل إصدار مذكرتي الاعتقال غير المسبوقتين بحق نتنياهو وغالانت”.
ولا تملك المحكمة الجنائية الدولية عناصر شرطة لتنفيذ قرارها، لكن الدول الـ124 الأعضاء فيها أصبحت ملزمة قانونا باعتقال نتنياهو وغالانت إذا دخلا أراضيها، وتسليمهما إلى المحكمة لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقيهما.
وأضافت “كان مطلوبا من الجنود والضباط الامتناع عن نشر صور ومقاطع فيديو لهم وهم يشاركون بحرب غزة، حتى لا يتم استخدامها كدليل ضدهم في أي تحقيق جنائي، بزعم ارتكاب جرائم حرب”.
وأردفت “بعد أن فعل الكثير منهم ذلك تم إعداد “قوائم سوداء” بشأنهم من جانب نشطاء في عشرات المنظمات المناصرة للفلسطينيين تعمل بشكل رئيس من أوروبا ولكنها منتشرة ضمن شبكة من النشطاء بجميع أنحاء العالم”.
وفسرت الصحيفة الطريقة التي يعمل بها النشطاء الدوليون المؤيدون للفلسطينيين في ملاحقة الجنود والضباط الإسرائيليين، موضحة “إضافة إلى نشر أسماء وصور الجنود عبر الإنترنت، تراقب هذه المنظمات أيضا منشوراتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، على أمل أن ينشروا قصصا عن إجازتهم في بلجيكا أو زيارتهم إلى فرنسا أو رحلة إلى الولايات المتحدة أو الهند مثلا”.
واستطردت “وفي تلك اللحظة يتم تقديم شكوى ضدهم إلى النيابة المحلية في الدولة التي يزورنها أو التماس إلى المحكمة للتحقيق معهم وتأخير مغادرتهم”.
وتابعت “ولهذا السبب، يُطلب من العسكريين الذين أبلغوا عن سفرهم إلى الخارج تجنب نشر مواقعهم في العالم، لكن رغم التحذيرات، إلا أن العديد منهم لم يحذفوا منشورات حول مشاركتهم في حرب غزة”.
ووفق الصحيفة فإن “الإجراءات التي تهدد جنود الجيش وضباطه في ساحة القانون الدولي هي القرارات الجنائية المحلية، التي قد تبدأ بحقهم بعد وضع أسمائهم على القوائم السوداء للمنظمات المناصرة للفلسطينيين، أو المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي”.
وقالت “يقدر مكتب المدعي العام العسكري أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان لن يتعامل مع الجنود أو القادة الصغار، لأنهم نفذوا تعليمات تلقوها في ساحة المعركة”.
واستدركت “لكن ثمة مخاوف من أن تتخذ المحكمة الجنائية الدولية إجراءات ضد كبار الضباط الذين قادوا القوات، مثل قادة الفرق وقائد القيادة الجنوبية (غزة) أو قائد القوة الجوية، وبالتأكيد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي”.
ونقلت الصحيفة عن الجيش الإسرائيلي تعليقه “يمكن أن تستند الإجراءات الفردية ضد الجنود وصغار الضباط الذين يسافرون حول العالم إلى حكم المحكمة الجنائية الدولية، مع أسباب الحكم وما تُسمى الأدلة التي تم جمعها من الإنترنت ووسائل الإعلام”.
وأضاف الجيش “إذا تم القبض على جندي أو ضابط بالخارج أو طُلب منه المثول للاستجواب أو شعر أنه ملاحق أو يتم تصويره، فستقدم إسرائيل المساعدة القانونية الفورية عبر السفارة المحلية أو غرفة العمليات بوزارة الخارجية”.
ورجحت الصحيفة أن “هذا الوضع قد يصبح أكثر تفجرا مع تراجع حدة القتال في غزة وفتح القطاع الفلسطيني بحرية أمام جولات منظمات حقوق الإنسان والصحفيين الأجانب”.
وقالت “بناء على ذلك، تم تشكيل فريق موسع مشترك بين الوزارات، بقيادة وزارتي العدل والخارجية وإدارة القانون الدولي بمكتب المدعي العام العسكري”.
وأضافت “كما استعانت إسرائيل بخدمات قانونية من محامين محليين في عشرات دول العالم، لرصد التغييرات في التشريعات والأحكام في هذه الدول فيما يتعلق بإسرائيل وقوانين الحرب المحلية”.
كما “سيراقب المحامون النشاط المحلي الذي يتشكل ضد الجيش الإسرائيلي ومسؤولي الدولة، وإذا لزم الأمر، سيمثلون ويحمون الجنود والضباط في ذلك البلد”، وفق الصحيفة.
وذكرت أن ممثلين عن الموساد المخابرات الخارجية “الموساد” وجهاز الأمن العام “الشاباك” يشارك في الفريق المشترك بين الوزارات.
وأوضحت أن “الفريق سيصدر تقييمات دورية للوضع حسب تصنيفات المخاطر المنخفضة والمتوسطة والعالية، حيث يمكن اعتقال أو استجواب جندي في الجيش”.
ونقلت عن الجيش “مثلا في دولة مثل جنوب إفريقيا التي تقدمت أمام محكمة العدل الدولية بدعوى تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بغزة، صدرت مذكرات تحقيق بحق قادة وجنود إسرائيليين يحملون جنسية البلد، وبينهم ضابط كبير”.
وأضاف  “في البلدان التي ليست أعضاء بالمحكمة الجنائية الدولية، مثل الولايات المتحدة والصين والهند، هناك تشريعات محلية بشأن قانون الحرب. من الجيد أنهم غير ملزمين بتنفيذ أوامر اعتقال صادرة عن المحكمة الدولية، ولكن قد يكون لديهم تشريعات محلية”.
ولفتت الصحيفة إلى أنه “في مقال موسع نشرته صحيفة واشنطن بوست الأميركية، نُشر ما لا يقل عن 11 وثيقة صورها جنود من الجيش الإسرائيلي خلال العام الماضي داخل غزة”.
وأوضحت أن “مقاطع الفيديو تتضمن، بين أمور أخرى، انفجارات وتدمير مبان وعمليات تهجير جماعي ومبان محترقة واعتقال فلسطينيين تم تجريدهم من معظم ملابسهم وتصريحات تفيد بأن مهمة الجنود في غزة هي الغزو والتهجير والاستيطان”.
وأضافت أن “أسماء ووجوه جنود الجيش الذين يظهرون في المقال لم تتم التغطية عليها، لأنهم نشروا هذه المقاطع والصور على وسائل التواصل، مما يتسبب في أضرار جسيمة لإسرائيل وأضرار لأنفسهم، بينها خطر إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال”.
وخلص خبراء قانونيون، فحصوا مقاطع الفيديو، إلى أنه في الحالات الأكثر خطورة، يوثق الجنود فعليا أدلة على ارتكابهم انتهاكات محتملة للقانون الإنساني الدولي.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى