سياسة

أزمة خماسية في لبنان


يعيش لبنان أزمة سياسية كبيرة، تتمثل في عدم وصول مختلف الأطراف السياسية إلى الاتفاق وتشكيل حكومة جديدة.

رغم المباحثات المستمرة منذ أشهرٍ طويلة، ويتزامن ذلك مع أزمة اقتصادية تفاقمت أكثر بعد انفجار مرفأ بيروت يوم الرابع من أغسطس/آب الماضي، وكذلك مع الظروف التي فرضها تفشي فيروس كورونا، وهو ما أدى إلى حصول انهيارٍ فعلي في البلاد خاصة بعد تدهور عملته التي تراجعت قيمة صرفها أمام العملات الأجنبية.

وبالتالي لدى لبنان اليوم تحدّيات كبيرة، قد يكون أسهلها تشكيل الحكومة مقارنة بالأزمة المالية، لا سيما أن المصارف والبنوك استولت على أرصدة المودعين وامتنعت منذ أكثر من سنة ونصف السنة عن منح عملائها النقد الأجنبي. إضافة إلى أن عائلات ضحايا مرفأ بيروت يطالبون بالعدالة، ومن المرجح أن تؤدي مثل هذه المطالبات إلى أزمةٍ جديدة بعد استقالة القاضي فادي صوان الذي كان يجري تحقيقات حول الأسباب التي أدت إلى حصول التفجير الذي راح ضحيته أكثر من مئتي قتيل ونحو 6500 جريح قبل أكثر من 6 أشهر.

ومع أن وزيرة العدل اللبنانية أوكلت مهمة التحقيق حول تفجير المرفأ للقاضي طارق بيطار، لكن من المستبعد أن يتمكن هو أيضاً من كشف خيوط التفجير المدمر، فسلفه صوان اضطر للاستقالة نتيجة تعرّضه لضغوطٍ من جهاتٍ سياسية وعسكرية لبنانية ترفض إجراء تحقيقاتٍ شفافة لمعرفة الفاعل أو أسباب الانفجار، الأمر الذي يعني أن التحقيق برمّته سيكون شكلياً وغالباً لن ينصف عائلات الضحايا، ما ينذر بتوترٍ إضافي مرتقب في لبنان.

وتُضاف لرباعي أزمة تشكيل الحكومة وتدهور الليرة وتفشي فيروس كورونا وانفجار مرفأ العاصمة، التهديدات الإسرائيلية المباشرة للبنان قبل أيام، فقد قال وزير الدفاع الإسرائيلي بيني جانتس الثلاثاء الماضي إن “النتائج ستكون مؤلمة” إذا ما تحوّلت تهديدات “حزب الله” إلى أفعال، وثمن ذلك سيكون “باهظاً”. ويمكن اعتبار تلك التصريحات مقدمة لأزمة أمنية قد يشهدها لبنان فيما لو حصلت مناوشات حدودية بين تل أبيب والحزب المدعوم من إيران.

بطبيعة الحال، لا يمكن أيضاً استبعاد نشوب حربٍ في الجنوب اللبناني في الفترة المقبلة إذا ما استمرت طهران باستخدام تلك المنطقة كثكنة عسكرية لتهديد تل أبيب، لكن مع ذلك قد يكون وصول الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن إلى أي اتفاقٍ مع طهران سبباً لمنع وقوع حربٍ مدمرة مرةً أخرى في لبنان، على اعتبار أن واشنطن ستأخذ بعين الاعتبار الوجود الإيراني في جنوب سوريا ولبنان كشروطٍ للعودة إلى الاتفاق النووي لضمان أمن حليفتها تل أبيب.

وريثما تقوم واشنطن وطهران بتصفية حساباتهما في سوريا ولبنان وكذلك العراق، يجب على مختلف الأطراف اللبنانية التوصل لحكومة جديدة من شأنها أن تتغلب على الأزمات الحالية في البلاد خاصة أنها على الأغلب ستحظى بدعمٍ عربي وغربي إن لم تكن تخضع لإملاءاتٍ إيرانية.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى