سياسة

أزمة الكهرباء في إيران: النفط والغاز لا يحلان المعضلة


تتمتع إيران بموارد وفيرة على صعيد الطاقة، لكنّ البلاد مضطرة لتقنين الكهرباء وقطع التغذية خلال النهار بسبب نقص الوقود لتشغيل محطات الطاقة، ما يفاقم سخط السكان ويُمعن في إضعاف الاقتصاد المنهك أصلا بسبب العقوبات.

“عندما تنقطع الكهرباء، لا يمكننا فعل أي شيء على الإطلاق”… بهذه العبارة يلخص الوضع في العاصمة الإيرانية علي، وهو موظف في أحد مقاهي طهران، حيث يمضي مع زملائه الوقت بالتدخين والدردشة بسبب انقطاع التيار.

ويضيف الشاب الثلاثيني لوكالة فرانس برس طالبا عدم الكشف عن اسمه الكامل في المقهى الغارق في الظلام “كل أجهزتنا تقريبا كهربائية، مثل آلة تحضير قهوة الإسبريسو هذه”.

ولتوفير الطاقة والتحوّط لحالات النقص، تفرض الحكومة تقنينا في التيار الكهربائي لمدة ساعتين خلال النهار منذ بداية الشهر الجاري، ما يؤدي إلى إبطاء عجلة الاقتصاد المتباطئ أصلا جراء العقوبات.

ويحصل التقنين وفق جدول زمني محدد وبالتناوب على مجمل الأراضي الإيرانية، في وضع غريب نظرا إلى كون إيران من البلدان العملاقة في مجال إنتاج الطاقة.

وتضم إيران ثاني أكبر احتياطي من الغاز الطبيعي في العالم، وفق إدارة معلومات الطاقة الأميركية (EIA)، كما تُعد البلاد أيضا سابع أكبر منتج للنفط الخام في العالم ولديها ثالث أكبر احتياطات بعد فنزويلا والمملكة العربية السعودية.

لكن شبكة الكهرباء الإيرانية تعاني نقص الاستثمار في البنية التحتية، “بسبب العقوبات الغربية بشكل رئيسي”، على ما يوضح الخبير الاقتصادي حسن فروزنفرد من طهران.

وتتفاقم هذه الصعوبات خلال فترات الذروة في استهلاك الكهرباء، خصوصا في الصيف مع الازدياد في تشغيل مكيفات الهواء، وكذلك في الشتاء للتدفئة.

ويبرر الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان هذا التقنين اليومي بـ”انخفاض احتياطات الوقود” المتوافرة لمحطات الطاقة وضرورة توفيرها مع اقتراب فصل الشتاء الذي تشهد خلاله إيران درجات حرارة جليدية في بعض الأحيان.

من جهتها، عزت الناطقة باسم الحكومة فاطمة مهاجراني هذا التقنين إلى ضرورة الحفاظ على الصحة العامة عبر الحد من تلوث الهواء المستشري في طهران، العاصمة المزدحمة التي يناهز عدد سكانها 10 ملايين نسمة.

وأكدت أن “انقطاع التيار الكهربائي يمكن أن يكون علاجا لإنتاج السم”، في إشارة إلى زيت الوقود المسبب بشكل خاص للتلوث والذي يغذي بعض محطات الطاقة.

وقالت منى (36 عاما) لوكالة فرانس برس إن “دفع جزء من المجتمع الثمن من صحته” بسبب إنتاج الكهرباء “أمر غير عادل”. وأثار انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في إيران غضب جزء من السكان في السنوات الأخيرة.

ولتوفير الكهرباء، فرضت السلطات على الموظفين الحكوميين في يوليو/تموز خفض ساعات عملهم إلى النصف خلال ذروة الحرارة.

وقال فروزنفرد “لا أعتقد أن الحكومة ستنجح في حل مشكلات الطاقة والتلوث على المدى القصير”، لافتا إلى أن الاستهلاك في إيران “أعلى من المتوسط العالمي” بسبب كلفته المنخفضة.

وأوضح الموظف الحكومي هاشم أورعي لصحيفة “هم ميهن” اليومية “سواء كان الأمر يتعلق بالغاز الطبيعي أو النفط أو الوقود، فإنهم جميعا في وضع حرج”، في إشارة إلى “أزمة الطاقة” في إيران.

وحصل ذلك نتيجة “سوء إدارة الطاقة” من الحكومات السابقة “واستمرار الحكومة الحالية” في هذا المسار، على ما يؤكد الخبير الآخر، عبدالله باباخاني، في الصحيفة نفسها.

وتصدر إيران غازها إلى باكستان وأرمينيا والهند وأذربيجان وسلطنة عمان، بينما تعتقد السلطات أن معالجة النقص في الكهرباء تتطلب من السكان تغيير عاداتهم.

وقال الرئيس الإيراني لبعض من مواطنيه الساخطين من الوضع “في منزلي أرتدي ملابس سميكة للتدفئة، ويمكن للآخرين أن يفعلوا الشيء نفسه!”، معتبرا أن إيران “ليس لديها خيار آخر سوى ترشيد استهلاك الطاقة”.

وفي فترة تقنين كهربائي في طهران، يتشكل طابور أمام متجر صغير ويقول سينا، وهو موظف يبلغ 24 عاما، للموجودين “يُسمح بدخول زبون واحد فقط في كل مرة لأن كاميرات المراقبة خارج الخدمة”، مبديا الخشية من السرقات في المؤسسة ويأسف لأن انقطاع التيار الكهربائي “يضر” بصغار التجار.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى