سياسة

أردوغان يستعد للقاء قمة مع الأسد


يستعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على عجل لعقد لقاء قمة في أقرب وقت مع نظيره السوري بشار الأسد بعد أكثر من عشر سنوات من العداء والقطيعة دفعت خلالها تركيا بكل ثقلها للإطاحة بالنظام السوري بداية بتشكيل ودعم جماعات سورية معارضة بينها جماعات إسلامية متطرفة ومصنفة إرهابية وجماعات سياسية وفرت لهم الدعم المالي والغطاء السياسي وصولا إلى تدخل عسكري احتلت خلاله أنقرة أجزاء واسعة من شمال سوريا.

وقال أردوغان اليوم الخميس إنه قد يجتمع مع نظيره السوري في إطار عملية سلام جديدة وذلك بعد أن اجتمع وزيرا دفاع البلدين في موسكو الأسبوع الماضي في أرفع مستوى للمحادثات بين البلدين منذ بدء الأزمة السورية في 2011.

وأضاف أردوغان خلال كلمة بأنقرة أن الخطوة المقبلة من المقرر أن تكون عقد اجتماع ثلاثي يضم وزراء خارجية كل من تركيا وروسيا وسوريا لأول مرة من أجل المزيد من تعزيز التواصل.

وقال أ “لقد بدأنا عملية ثلاثية روسية تركية سورية… سنجمع وزراء خارجيتنا معا ثم بناء على التطورات سنجتمع معا على مستوى الزعماء”. وتدعم تركيا جماعات معارضة مسلحة في سوريا في الحرب الدائرة منذ أكثر من عقد بينما تدعم روسيا الحكومة السورية.

ودخل الصراع الذي قتل فيه مئات الآلاف وشرد الملايين وتورطت فيه قوى إقليمية ودولية عقده الثاني لكن المعارك أقل حدة عن ذي قبل.

وبمساعدة روسيا وإيران، تمكنت حكومة الأسد من استعادة السيطرة على أغلب المناطق في سوريا. ولا يزال مقاتلون من المعارضة المسلحة يسيطرون على جيب في الشمال الغربي بينما يسيطر مقاتلون أكراد تدعمهم الولايات المتحدة على مناطق قرب الحدود التركية.

وقال مسؤول تركي إن وزيري الدفاع التركي والسوري التقيا في موسكو في 28 ديسمبر الماضي وشملت النقاشات بينهما ملف اللاجئين ومسألة المسلحين الأكراد.

وبدا التقارب التركي السوري أمرا غير مطروح في مرحلة سابقة من الصراع. وحثت المعارضة السورية تركيا على إعادة التأكيد على دعمها لها. وسعت أنقرة لطمأنة المعارضة السورية حيث قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن تركيا لن تتخذ أي خطوات تتسبب في مشكلات لهم.

وكان بيان سابق صادر عن الكرملين قد قال عقب محادثة هاتفية بين الرئيسين التركي والروسي “تم بحث آفاق التسوية السورية وتم إعطاء تقييم إيجابي لاجتماع وزراء الدفاع الذي عقد في موسكو في ديسمبر 2022 بمشاركة رؤساء أجهزة المخابرات الروسية والتركية والسورية، وسط بوادر أمل بأن تطوير الاتصالات بهذا الشكل الثلاثي من شأنه أن يسهم في تحسين جذري للوضع في الجمهورية العربية السورية، بما في ذلك استعادة وحدة أراضيها وحل مشكلة اللاجئين ومهام مكافحة الهياكل الإرهابية الدولية”.

وتؤسس تصريحات أردوغان لمصالحة تاريخية بين تركيا ودمشق من شأنها أن ترسم مشهدا جديدا في شمال سوريا وهي المنطقة التي تتدخل فيها قوى تقف على طرف نقيض من الصراع المستمر منذ ما يزيد عن عشر سنوات.

ويدفع الرئيس التركي لطي صفحة عشر سنوات من العداء مع النظام السوري، لكن أي مصالحة مرتقبة ستترتب عليها انعطافة شاملة في المواقف بما يشمل تسوية ملفات خلافية يتقدمها الوجود العسكري التركي في شمال سوريا والذي تعتبره دمشق احتلالا واعتداء على السيادة السورية إلى جانب ملف المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري المدعومة من أنقرة وكذلك المعضلة الكردية وملف النازحين السوريين.

وإلى حد الآن تقول تركيا إنها لن تتخلى عن المعارضة السورية، لكن الأخيرة تشعر بأن أنقرة طعنتها في الظهر لكنها لا تفصح عن ذلك علنا وتبحث عن تسوية تضمن مشاركتها في السلطة وهو أمر غير مضمون وان حلت هذه المعضلة، تبقى ملفات أخرى شائكة لكنها تمثل في الوقت ذاته مفتاح إعادة التطبيع بين النظامين السوري والتركي.

وأمام الرئيس التركي أشهر قليلة لتسوية الخلاف مع دمشق قبل انتخابات رئاسية وتشريعية يخوضها برصيد ضعيف من الانجازات السياسية والاقتصادية ويراهن على تبريد جبهات المواجهة الخارجية والانتقال من العداء إلى التطبيع وقد خطى خطوات مهمة في هذا المسار مع كل من الإمارات والسعودية وإسرائيل وفتح قنوات تواصل مع مصر.

لكن بالمنطق السياسي وبالنظر للملفات الشائكة، من المتوقع أن يكون مسار تطبيع العلاقات وإرساء مصالحة تاريخية بين تركيا ودمشق، مسارا طويلا ومع ذلك فإن أردوغان يبدو على عجلة من أمره لتحقيق المصالحة قبل الانتخابات التي تجمع كل آراء المحللين على أنها ستكون مصيرية بالنسبة لمستقبل الرئيس التركي السياسي ومستقبل حزبه.

ويسعى أردوغان إلى تحقيق نصر دبلوماسي جديد بالدخول في تسوية مع النظام السوري وإعادة تنشيط العلاقات الدبلوماسية والتجارية وتعزيز العلاقات مع دمشق بعد أن أعادت الإمارات وعدة دول أخرى الدفء للعلاقات مع النظام السوري وهي نقطة التقاء مهمة تريد تركيا أن تنضم إليها.

كما أن لأنقرة حسابات أخرى تشمل كبح نفوذ المسلحين الأكراد السوريين وهو أمر ترغب فيه دمشق بشدة التي تسعى لاستعادة السيطرة كاملة على المناطق الخاضعة لسيطرة وحدات حماية الشعب الكردية والتي تضم حقول النفط.

وتواجه الحكومة السورية ازمة محروقات خانقة وانهيارات قياسية في قيمة الليرة ومن شأن استعادة سيطرتها على حقولها النفطية أن ينعش اقتصادها وأدناه أن يخفف من حدة أزمة الوقود.  

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى