سياسة

أحفاد عمر المختار وأبناء أردوغان


لا يهم ما إذا كان أردوغان يصدق ما يقوله من أكاذيب أو أنه يعلم تماماً حقيقة ما يفعل ولا يهرف بما يقوله سوى أملاً في خداعِ أكبر عدد ممكن من سامعيه، فالمهم أن منطقه متهافت عامة وبالغ التهافت في الآونة الأخيرة خاصة، فقد أعلن في تصريحات أخيرة أنه يقاتل الإرهاب والانقلابيين بينما الميليشيات التي تقاتل تحت رايته في ليبيا وغيرها لا تعرف سوى الإرهاب. وادعى أنه لا يطمح إلى احتلال أي شبر من أراضي ليبيا أو أي بلد آخر، وتاريخه يشهد على احتلاله أراضي سورية بادعاءات تفضح عدوانيته وتوسعيته. وادعى أن الدول التي تدعم من أسماهم بالإرهابيين، أي «الجيش الوطني الليبي»، طامعة في نفط ليبيا وخيراتها، بينما تحويلات البنك المركزي الليبي تشهد على استنزاف عائدات النفط الليبي لصالح وهم الخلافة العثمانية. وصرح بأن «أحفاد عمر المختار» يحاربون الإرهابيين الوافدين إلى بلادهم من كل حدب وصوب، وأن تركيا ستواصل دعم نضالهم، والشق الأول من عبارته صحيح لأن أحفاد عمر المختار بالفعل يحاربون الإرهابيين الوافدين إلى بلادهم، لكنهم تحديداً مَن جلبهم أردوغان من مرتزقة سوريين وأجانب لليبيا تحت سمع وبصر الجميع، وقد تكفل «أحفاد عمر المختار» في البيان الذي صدر عن قبيلة «المنفة» ووقّعه «مجلس حكماء بئر الأشهب» (مكان ولادة المجاهد عمر المختار) بالرد على هذه الصفاقة، حيث أكد أبناء القبيلة في البيان استنكارهم لتصريحاته بأشد العبارات وبأن طائراته هي التي تقتل أحفاد عمر المختار الذي لا يليق بمقامه أن يأتي ذكره على لسان هذا الشخص المختل الذي يرسل آلاف المرتزقة والإرهابيين للقتال في ليبيا لأنه لم يجد أحداً من أحفاد عمر المختار مستعداً للقتال من أجل مشروعه الظلامي، وأكد البيان تسخير كل الإمكانيات من رجال وعتاد لطرد الغزاة الأتراك «كما فعل أجدادنا من قبل»

غير أن أردوغان لم يكتف بقصف طائراته لأحفاد عمر المختار، وإنما أعطى الضوء الأخضر لأبنائه من الميليشيات الإرهابية كي يعيثوا فساداً في المدن التي دخلوها، وقد تعددت التقارير التي أشارت إلى عمليات النهب والتخريب التي مارستها هذه الميليشيات في المدن التي دخلتها وبالذات في ترهونة والأصابعة، وهي عمليات موثقة بالصور والشرائط الحية على النحو الذي أدى إلى استنكار دولي واسع، وقد أصدرت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في 7 يونيو بياناً أعرب عن الاستياء الشديد من الضرر الذي لحق بالسكان المدنيين جراء العنف الراهن الذي أدى في طرابلس الكبرى وترهونة إلى موجات جديدة من النزوح وتسبب في معاناة أكثر من 16000 ليبي. ولو كان ما تدعيه ميليشيات أردوغان من أنها «حررت» المدن المذكورة صحيح، فلماذا يفر سكانها؟ وأشار البيان إلى أن التقارير الواردة عن اكتشاف عدد من الجثث في مستشفى ترهونة تبعث على الانزعاج الشديد، وإلى تقارير أخرى عن نهب الممتلكات العامة والخاصة وتدميرها في ترهونة والأصابعة، فيما يعد أعمال انتقام وثأر من شأنها زيادة تآكل النسيج الاجتماعي الليبي. كما أبدى السفير الألماني انزعاج بلاده من التقارير عن عمليات قتل خارج نطاق القانون في ترهونة وانضمت بلاده إلى الدعوة لتحقيق مستقل على خلفية التقارير الخاصة بأنشطة الانتقام والنهب.

هذا ما يفعله أردوغان وأبناؤه من الإرهابيين بأحفاد عمر المختار، وهو ليس بالأمر الجديد، فقد سبق لذات الميليشيات الإرهابية أن فعلت الأمر نفسه في المدن السورية التي دخلتها، وفقاً لشهادات حية وتقارير موثقة بالصوت والصورة. والسؤال الآن هو: إلى متى سيقتصر رد الفعل الدولي إزاء هذه العربدة على كلمات الانزعاج والقلق؟

نقلا عن الاتحاد

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى