سياسة

هل انطلقت المواجهة؟ أذرع الإخوان تواجه نزيفاً مالياً في السويد


تعيد السلطات السويدية هيكلة مؤسساتها ونفقاتها، سواء في التعليم أو المجتمع المدني، ما يضيق الخناق ماليا على الإخوان والإسلام السياسي.

وعلى سبيل المثال، كانت جمعية الدراسات الإسلامية “ابن رشد” قادرة على إدارة شؤونها وأنشطتها بشكل جيد استنادا إلى أموال دافعي الضرائب في السويد، ولكن هذا الأمر يقترب الآن من نهايته.

إذ فقدت الجمعية بالفعل الدعم الحكومي الذي كانت تتلقاه من مجلس التعليم الشعبي، وقررت بلدية ستوكهولم حرمانها من الدعم الذي كانت تتلقاه منها، فيما تتبنى الحكومة هيكلة إدارية لهيئة الطوائف الدينية للسيطرة على عمليات تمويل الجمعيات الدينية.

ووفق تقارير سويدية كانت استراتيجية الجمعيات الإسلاموية من البداية هي الحصول على أكبر قدر من التمويل الحكومي، وهو ما تلاقى مع رغبة حكومية سابقة في الحفاظ على علاقة مع الجمعيات كبوابة للجالية المسلمة.

وكان طريق المؤسسات الإسلامية الأقصر للأموال الحكومية في السويد هو إنشاء جمعيات تعليمية، فجمعية ابن رشد التعليمية تنشط في البلاد منذ عام 2001، وشاركت بشكل رئيسي في تقديم دورات للمهاجرين في الإسلام واللغة العربية.

وجرى تمويل الجمعية بنحو 25 مليون كرونة سويدية سنويا، على الرغم من أن عددا من الباحثين أثبتوا وجود صلات بين الجمعية والإخوان الإرهابية، لكن ابن رشد تنفي هذه الصلات.

ومع ذلك، خسرت جمعية ابن رشد قبل أسابيع المنح الحكومية التي يقدمها مجلس التعليم الشعبي، بسبب صغر حجم الجمعية وعدم قدرتها على دعم أنشطة تعليمية على نطاق جغرافي واسع، وكذلك على خلفية اتهامات متعلقة بنشر أفكار تتعارض مع المجتمع.

وعن قطع التمويل، قال وزير الاندماج والتوظيف مات برسون “المنظمات المعادية للنساء والمعادية للسامية لا مكان لها في الديمقراطية الليبرالية.. والآن يتم قطع التمويل عنها”.

بينما قالت ليندا ستريدسبيري كبيرة المسؤولين القانونيين في مجلس التعليم لقناة TV4 “ما تمكنا من رؤيته هو أنهم فشلوا في الامتثال للشروط الأساسية المتعلقة بالديمقراطية وحقوق الإنسان”.

ستوكهولم تدخل على الخط 

ووفق تقارير سويدية خاصة لقناة SVT قررت بلدية ستوكهولم قطع دعمها المالي لجمعية ابن رشد أيضا.

وقالت كارين وانغارد، مسؤولة الملف المالي في بلدية العاصمة السويدية، قبل يومين “سوف نتبع توصية مجلس التعليم، مما يعني أن ابن رشد لن تتلقى دعما من مدينة ستوكهولم بعد الآن”.

في ستوكهولم كانت ابن رشد تحصل على منحة قدرها 1.3 مليون كرونة سويدية، سنويا.

ووفق التقارير، إذا اتبع المزيد والمزيد من البلديات والأقاليم المستوى الوطني، فإن ابن رشد ستصبح قريبا دون أموال لتنفقها على أنشطتها.

وحتى وقت قريب، كانت ابن رشد تحصل على دعم حكومي مركزي من خلال مجلس التعليم الشعبي وكذلك من المقاطعات، وأخيرا من البلديات.

ضغوط متزايدة

وعلى مدار سنوات، حاصرت الاتهامات بوجود صلات مع جماعة الإخوان جمعية ابن رشد، ويعود السبب الرئيسي لذلك إلى أن مؤسسيها الأوائل كانوا مرتبطين بالرابطة الإسلامية المصنفة إخوانية في السويد.

ومع الخطوات التي اتخذها مجلس التعليم الشعبي وبلدية العاصمة بدأت الضغوط تتزايد على باقي بلديات السويد بالفعل، لاتخاذ خطوات مماثلة ضد ابن رشد.

إذ قال الكاتب أنطون بيرجستروم نورد في مقال في الصحافة السويدية، أمس “منذ عدة سنوات اقترحنا عدم منح ابن رشد دعما ماليا في بلدية أوميو، لأننا نعتقد أن الجمعية لا ترقى إلى مستوى متطلبات الديمقراطية المحلية”.

وتابع “استندت حجة الاشتراكيين الديمقراطيين للاستمرار في تمويل ابن رشد جزئياً في البلدية، على تلقي الجمعية تمويلا من مجلس التعليم الشعبي، وقد سقطت هذه الحجة الآن”.

ومضى قائلا “بعد سنوات عديدة من الفضائح عاد مجلس التعليم الشعبي أخيرًا إلى رشده، والآن حان الوقت للاشتراكيين الديمقراطيين في بلدية أوميو أن يفعلوا الشيء نفسه”، مضيفا “أوقفوا الإعانات لابن رشد الآن.. المنظمات الإسلاموية وكراهية النساء ليس لها مكان في الديمقراطية الليبرالية ويجب ألا تحصل على أموال من ضرائبنا”.

“إصلاح إداري”

يتلاقى ذلك مع تحركات على مستوى الحكومة للسيطرة على عمليات تمويل الطوائف الدينية، عبر مقترح للإصلاح الإداري يشمل دمج الهيئة المختصة بشؤون الشباب والمجتمع المدني مع الهيئة المسؤولة عن دعم الطوائف الدينية.

وبحسب الاقتراح لن تتغير مهام الهيئتين، لكن سيتم تنسيقها تحت هيئة شؤون المجتمع المدني.

وتعمل كل من الهيئتين على دعم المجتمع المدني والطوائف الدينية من خلال مراقبة توزيع الأموال الحكومية.

وقالت هيئة المجتمع المدني على موقعها الإلكتروني “في الوقت الحالي يواجه المجتمع تزايدا في الاستقطاب، حيث تقف الأديان والمعتقدات ضد بعضها بعضا، وتنتشر المعلومات المضللة، هنا تلعب الهيئة المختص بشؤون الشباب والمجتمع المدني، وهيئة دعم الطوائف الدينية دورا مهما يمكن تعزيزه عبر وجودهما في هيكل موحد”.

وفيما تتحدث تقارير صحفية سويدية عن عملية الدمج في إطار “الإصلاح الإداري” وتقليل النفقات في الميزانية الحكومية، يرى مراقبون أن الخطوة تأتي لإحكام السيطرة على تمويل الطوائف الدينية، وإغلاق المنافذ التي ينفذ منها المال الحكومي لجمعيات متطرفة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى