سياسة

مطالب العائلات بالعفو.. اختبار جديد لسياسات أنقرة تجاه الأكراد


دعت أمهات بعض مسلحي حزب العمال الكردستاني اليوم الأربعاء إلى العفو عن أبنائهن ووقف أعمال العنف الدامية المستمرة منذ عقود. وذلك أمام لجنة برلمانية تركية تشرف على نزع سلاح الجماعة المحظورة في محاولة لطي صفحة الماضي في اطار المصالحة واتفاق السلام.
وتحدثت الأم الكردية نزهات تيكي بلغة تركية ركيكة أمام أعضاء البرلمان نيابة عن مجموعة تسمى (أمهات السلام). وقالت “نحن الأمهات لا نريد البكاء بعد الآن. دعونا ندفن السلاح لا أبناءنا”.

وفي مايو/أيار، أعلن حزب العمال الكردستاني، الذي حمل السلاح ضد الدولة التركية في عام 1984، أنه سيلقي سلاحه ويحل نفسه. وفي الشهر الماضي، أحرق عدد من أعضائه أسلحتهم في احتفال رمزي بالمنطقة الجبلية بشمال العراق حيث يتمركزون الآن هناك.
وتسعى اللجنة البرلمانية التي أطلق عليها اسم (الهيئة الوطنية للتضامن والأخوة والديمقراطية) إلى تحديد مسار نحو سلام دائم، وهو ما سيكون له صدى في سوريا المجاورة أيضا.
وقالت تيكي “إذا أردنا إحراق المزيد من الأسلحة، فيجب إعطاء هؤلاء الناس فرصة. إذا كانوا سينزلون من الجبال ليُحكم عليهم بالسجن مدى الحياة، فكيف يمكننا إقناع الآخرين بحرق أسلحتهم”.

وقُتل أكثر من 40 ألفا خلال الصراع بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني على مدى أربعة عقود. وتعتبر كل من أنقرة .والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الحزب جماعة “إرهابية”.
وطلبت ريبيا كيران، وهي أم أخرى، من أعضاء البرلمان تبني قوانين تحمي أعضاء حزب العمال الكردستاني من أحكام السجن الطويلة. وقالت “إذا كنتم تريدون السلام، فدعوهم ينخرطوا في السياسة بدلا من حبسهم”.
وجاءت الدعوات للعفو بعد يوم واحد من استماع اللجنة إلى بعض قدامى المحاربين الأتراك .وأسر قتلى ومصابين، والذين دعوا إلى إخضاع أعضاء هذه الجماعة للمساءلة القانونية في إطار عملية السلام.

ويقول محللون إن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يراهن على هذا التحوّل التاريخي لإنهاء النزاع. وتقديم نفسه في الحملة الانتخابية المقبلة بوصفه “الرجل الذي جلب السلام .وأنهى حرباً عمرها أربعة عقود”، في لحظة قد تعيد رسم خريطة الاستقطاب السياسي في البلاد.
ورغم الأجواء الإيجابية، لا تزال تحديات كبيرة تواجه هذا المسار. فبعض الأجنحة داخل الحزب، وخاصة من المقاتلين المتشددين في جبال قنديل، قد لا تلتزم بسلاسة بالقرار. فيما يتخوف مراقبون من تدخلات خارجية قد تسعى إلى إفشال مشروع التسوية، خاصة في ظل صراعات إقليمية مفتوحة. وتداخل الملف الكردي في تركيا وسوريا والعراق.

ومع ذلك، تبدو الحكومة التركية مصممة على المضي قدماً، مستفيدة من الزخم الإقليمي. والتفاهمات مع سلطات إقليم كردستان العراق، والدعم الشعبي الواسع لفكرة إنهاء الصراع. خاصة بعد أن أثبتت السنوات الماضية أن الخيار العسكري وحده لا يكفي لتصفية الحزب أو طي صفحة النزاع.
وإذا ما نجحت تركيا في استكمال عملية نزع سلاح حزب العمال الكردستاني كما هو مخطط. وانهاء ملف المتمردين فإن البلاد ستكون أمام نقطة تحول تاريخية من شأنها أن تعيد صياغة العلاقة بين الدولة والمجتمع الكردي. وتفتح آفاقًا جديدة نحو استقرار سياسي وأمني طال انتظاره.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى