مجتمع

مسجد الحسن الثاني جوهرة معمارية مغربية فوق مياه المحيط الأطلسي


“إذا زُرْت مدينة الدار البيضاء المغربية ولم تقم بجولة داخل مسجد الحسن الثاني الذي بُني نصفه فوق مياه المحيط الأطلسي، فقد ضاع منك الكثير”.. هكذا يقول سكان العاصمة الاقتصادية للمملكة، والذين يفتخرون بهذه المعلمة الدينية الشامخة التي أنشأنها الملك الراحل الحسن الثاني.

ويعتبر مسجد الحسن الثاني – والذي يشهد خلال رمضان إقبالا لافتا لأداء صلاة التراويح – من أكبر المساجد في العالم وأجملها. فهو جوهرة معمارية فريدة تمزج بين خصائص العمارة العربية الإسلامية والتقدم التقني الحديث.

ولا يملك الزائر لهذه المعلمة الدينية إلا أن يقف مشدوداً بكل جوارحه أمام جمالية المسجد. والذي جاء نتيجة للتعاون بين المهندس المعماري الفرنسي ميشيل بانسو. ومختلف الهيئات التي تُعنى بالصناعة التقليدية المغربية، تحت إشراف وتوجيهات الملك الراحل الحسن الثاني.

وعلى الرغم من أن من وضع تصميم المسجد فرنسي. إلا أن أدق تفاصيله مغربية بامتياز. فقد تأثر تصميم المسجد وزخرفته الجميلة بجامع “القرويين” بفاس. (عمره أكثر من ألف سنة)، كما استلهم روح مسجد “الكتبية” بمراكش، و”الخيرالدة” بإشبيلية.

جانب من مسجد الحسن الثاني
جانب من مسجد الحسن الثانيمتداولة

نصف على الماء.. وآخر على اليابس

بُني نصف مساحة مسجد الحسن الثاني فوق مياه المحيط الأطلسي على الشاطئ الغربي لمدينة الدار البيضاء، والنصف الآخر على اليابسة.

وتقول “مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء” عبر موقعها الرسمي. إن تاريخ فكرة إنشاء المسجد ترجع إلى الزيارة الرسمية التي قام بها الملك الراحل الحسن الثاني لمدينة الدار البيضاء .بعد وفاة والده الملك الراحل محمد الخامس. حيث تعهد بإقامة مسجد كبير على الماء.

وقال الملك الراحل حينها: “أريد أن يشيّد على حافة البحر صرحٌ عظيم لعبادة الله. مسجد تهدي مئذنته جميع السفن القادمة إلى الغرب إلى طريق الخلاص، الذي هو طريق الله. أريد أن أبني المسجد على الماء، كما أردت أن يكون المصلي فيه والداعي والذاكر والشاكر .والراكع والساجد محمولا على الأرض، ولكنه أينما نظر يجد سماء ربه وبحر ربه”.

أعطى الملك الراحل الحسن الثاني الضوء الأخضر لبناء المسجد سنة 1986. بينما تبرع 12 مليون مغربي لبناء هذا الصرح الإسلامي الكبير عبر اكتتاب استمر لمدة 40 يوماً.

وبحسب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية المغربية. بلغ مجموع التبرعات العامة للمغاربة نحو 30 مليون درهم (3 ملايين دولار).

تطلبت أعمال البناء لهذا المبنى المعماري الكبير موارد بشرية استثنائية. ذات مهارات مختلفة وقد تواصل العمل لمدة 50 مليون ساعة بمساهمة أكثر من 11.000 موظف. (من مهندسين معماريين وفنيين وعمّال وحرفيين). كما أتاح المشروع ما يقارب عن 80.000 فرصة عمل غير مباشرة. بحسب مصادر رسمية.

جانب من مسجد الحسن الثاني
جانب من مسجد الحسن الثانيمتداولة

أيقونة معمارية

يعتبر مسجد الحسن الثاني مفخرة للمغرب وأيقونة معمارية وتكنولوجية مميزة. ويضم هذا الصرح قاعة صلاة، تبلغ مساحتها نحو 20 ألف متر مربع. وتتسع لـ25 ألف شخص، يغطيها سقف مفتوح في جزء منه وأرضية دافئة، فيما خصصت للنساء شرفتان مساحتهما 3550 مربع. وبمقدور باحته الخارجية استيعاب ما يناهز 80 ألف شخص.

يتميز المسجد بمئذنة ذات طابع معمار مغربي – أندلسي يبلغ ارتفاعها 200 متر. مما يجعلها واحدة من أعلى المعالم الدينية في العالم. زودت المئذنة بمنارة يشع منها ضوء “ليزر” يبلغ مداه 30 كيلومتر، كما تستخدم في الوقت ذاته كمنارة للسفن القادمة إلى ميناء الدار البيضاء.

ويتوفر المسجد على تقنيات حديثة منها السطح التلقائي -يفتح ويغلق آليّاً- يزن 1100 طن ومساحته 3400 متر مربع، مغطى بخشب الأرز المنحوت والمطلي.

الطابق تحت الأرضي للمسجد مخصص للوضوء، حيث توجد نحو 1400 نافورة و600 صنبور. موزعة على قاعات مُزركشة.

باستثناء الأعمدة المصنوعة من الغرانيت الأبيض وثريات كبيرة من صنف “مورانو”. كانت جميع المواد المستخدمة في بناء المسجد محلية الصنع.

بلغة الأرقام، احتاجت زخرفة المسجد 25 ألف طن من الرخام والحجر الجيري والغرانيت. وقرابة 10 آلاف متر مربع من الزليج، و37 ألف متر مربع من الجبص. و53 ألف متر مربع من الخشب المنحوت، و980 مترا مربعا من النحاس و300 ثريا نحاسية، وغيرها.

جانب من مسجد الحسن الثاني
جانب من مسجد الحسن الثاني متداولة

مجمع ثقافي وقبلة للسياح

تشكل الأبنية الملحقة بمسجد الحسن الثاني مَجْمعا ثقافيا متكاملاً يبهر الزوار.

ولا يقتصر المسجد على كونه مكانا للصلاة فقط، بل خصص الجانب الشرقي منه لتعليم القرآن والعلوم الشرعية واللغوية. كما يضم المسجد مكتبة عمومية تقدم خدماتها للقراء إلى جانب متحف يضم أهم المواد والصناعات التقليدية التي استخدمت في بناء المسجد.

وتم تدشين المتحف سنة 2012، إلا أن تاريخه يعود إلى انطلاق أشغال بناء مسجد الحسن الثاني حين كان الصناع الحرفيون يقدمون إلى الملك الراحل الحسن الثاني عينات من تصاميمهم .تهمّ مختلف الفنون التقليدية (خشب مزخرف ومنحوت، زليج، رخام، نحاس..).

وتعرض هذه العينات الفنية داخل هذا المتحف الذي بني على مساحة تناهز 3160 متر مربع. بحسب “مؤسسة مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء”.

وعُرف مسجد الحسن الثاني، منذ وضع لبنته الأولى. زيارة شخصيات مهمة وفارقة في عالم السياسة والاقتصاد والرياضة والدين والفن.

ولا تكتمل الجولة السياحة بمدينة الدار البيضاء دون زيارة مسجد الحسن الثاني. إذ يزوره نحو 300 ألف سائح أجنبي سنويا، ويعدّ أيقونة المساجد المغربية.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى