مراقبون: زيارة الرئيس التونسي لفرنسا ضربة غير مباشرة إلى تركيا
باشر الرئيس التونسي قيس سعيد يوم أمس أول زيارة رسمية له إلى بلد أوروبي، وبالضبط إلى فرنسا، حيث تعتبر الشريك الاقتصادي الأول لتونس، وذلك بعد دعوة من الرئيس إيمانويل ماكرون، وفق ما أفادت به وكالة الأنباء الفرنسية،
ويشار إلى أن قيس سعيد ومنذ أن تم انتخابه في أكتوبر الماضي اكتفى فقط بزيارة البلد الجار الجزائر في فبراير الماضي، وهذا الأمر دأب عليه رؤساء تونس، في حين جاءت زيارة سعيد إلى باريس في الوقت الذي يعاد فيه رسم الاصطفافات الدولية بشأن ليبيا في ظل تطورات متلاحقة، ووجهت من جهتها فرنسا انتقاداً للتدخل التركي في ليبيا والذي وصفته بالعدواني وغير المقبول.
بينما اعتبر مراقبون بأن الزيارة هي بمثابة ضربة غير مباشرة إلى تركيا، وكانت الأخيرة قد حاولت فيما سبق توريط تونس في ليبيا، سواء بضغط مباشر أو من خلال حزب النهضة الإخواني، بينما حافظ سعيد على حياد بلاده.
هذا ورغم أنّ حديث الرئيس التونسي في الشأن الليبي يُتوقع أن تكون نتيجته متوازنا وغير محسوبة على فصيل بنفسه، إلا أنّ وجوده بشخصه في فرنسا في هذا التوقيت بالذات يحمل مؤشرات ويؤكد مساعي تونس في أن تصبح جزءاً من الحل، لا الصراع الذي أصبحت تركيا طرفاً رئيسياً فيه.
ومن جهته، فقد عاون البرلمان التونسي الرئيس سعيد في جهوده من أجل إبقاء تونس على الحياد، إذ تعرّض رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، لمساءلة النواب بعد تهنئته حكومة الوفاق بخصوص سيطرتها على قاعدة الوطية، وذلك في تعدّ واضحٍ على صلاحيات الرئيس التونسي المخوّل له، حسب الدستور، العلاقات الخارجية.
وقد جاءت كذلك زيارة قيس إلى باريس بعد مرور أيام من سقوط لائحة تطالب فرنسا بالاعتذار عن الحقبة الاستعمارية أثناء التصويت عليها في جلسة صاخبة في البرلمان، كان تقدّم بها ائتلاف الكرامة اليميني المحافظ، فيما ذكرت الرئاسة التونسية، في بيان مقتضب، إلى أنّ الزيارة ستمثل مناسبة لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين وتطويرها، كما سيبحث رئيس الدولة مع نظيره الفرنسي عدداً من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
ووفق ما نقلت أيضا وكالة الأنباء التونسية، فيتوقع أن تتضمن مباحثات سعيد مع ماكرون، الاستعدادات للقمة الفرنكفونية المقررة في 2021 بتونس وآثار أزمة كوفيد 19، وأيضا وضع الجالية التونسية بفرنسا، التي تضم حوالي مليون تونسي، فضلا عن مسألة تسهيل تنقل التونسيين، ولاسيما الطلبة والباحثين ورجال الأعمال في اتجاه فرنسا.
إلى ذلك، فإن سعيد يرافقه في زيارته وزيرا الشؤون الخارجية نور الدين الري والمالية محمد نزار يعيش، حسب الوكالة نفسها، ويُقدّر حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة لفرنسا في تونس، وفق إحصائيات رسمية نشرتها وكالة الأنباء التونسية، أكثر من 4 مليارات دينار عام 2019 (2ر1 مليار يورو)، بينما تشغل حوالي 1500 مؤسسة فرنسية في تونس أكثر من 143 ألف عامل، وفرنسا تعد السوق الأوروبية الأولى للسياحة التونسية.