ليبيا.. مليشيات طرابلس تعلن الانشقاق في ظل وجود مرتزقة أردوغان
إن النفوذ المتزايد لمرتزقة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على الميدان، جعل قيادات الصف الأول للمليشيات الإخوانية بالعاصمة الليبية طرابلس في صدمة، وقد دفعت بالكثير منها إلى إعلان الانشقاق.
لقد أصبح الليبيون يعيشون مثل الغرباء في بلادهم، في الوقت الذي أصبح المرتزقة ينصبون الحواجز ويفتشونهم ويعتقلونهم، وأصبحت أيضا مليشيات ما يسمى بحكومة الوفاق غير الشرعية في طرابلس تتلقى الأوامر العسكرية مباشرة من هؤلاء المرتزقة، وحتى من العساكر الأتراك.
ليس ذلك فقط، لم تكتف مرتزقة أردوغان بالاستحواذ على القرار العسكري، بل أصبحت تقمع بنفسها الأصوات المنددة بالعدوان التركي على ليبيا، إذ تقوم باعتقال الشباب وتدخلهم إلى سجون مجهولة لا يعرفها الليبيون أنفسهم.
الجيش الليبي.. الملاذ
إن الاتصالات بين ضباط من المنطقة الغربية مع ضباط في الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مستأنفة، الأمر الذي يدل على أن أوراق فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي لما يسمى بحكومة الوفاق غير الشرعية في طرابلس، قد تبعثرت باتساع دائرة الرافضين للوجود التركي بليبيا.
وحسب ما أفادت مصادر مطلعة، فقد حصلت انشقاقات مؤخرا في صفوف مليشيات طرابلس، وانضمت إلى الجيش الوطني، وذلك بعد أن علموا بأن الأمور تسير إلى الأسوأ منذ التدخل التركي بالبلاد، لاسيما منذ حادثة القبض على ضباط في دورية شرطة طرابلس قبل أسبوعين، واحتجازهم والتحقيق معهم على أيدي سوريين بطرق مهينة.
إن الإهانات التي يتلقاها الضباط الليبيون في بلادهم قد أجبرتهم على رفع شكاوى إلى المجلس الرئاسي، لكن صمت السراج وحاشيته قد زاد من الاستياء، ويظهر جليا بأن الأمور تتجه نحو منعطف كارثي بالنسبة للمليشيات الإخوانية، في ظل أخبار تتحدث عن حدوث مناوشات، قبل يومين، بين ضباط ليبيين ومرتزقة تابعين لأردوغان كادت أن تتحول إلى قتال بالأسلحة.
وحسب ما ذكرت المصادر نفسها، فإن المسلحين الأجانب يتصرفون باستعلاء، ويهينون مليشيات طرابلس بشكل متعمد، فضلا عن الاستيلاء على القرار العسكري، مستندين بذلك إلى تعليمات الرئيس التركي، وإلى شعور داخلي بالتفوق، لاسيما بأنهم يتقاضون مرتبات تبلغ نحو 3 أضعاف راتب ضابط بالجيش أو الشرطة في ليبيا.
ومما زاد الأمر سوءا، فقد دخلت قبائل ليبية على الخط، معلنة رفضها للوجود التركي في طرابلس، الأمر الذي شجع الكثير من الضباط على الفرار والانضمام إلى الجيش الوطني، بعدما تأكدوا من أن أنقرة لا تريد سوى الخراب والفوضى وتحقيق مآربها الخاصة على حساب الليبيين.
الوجود التركي أخطر من كورونا
بالرغم من الخوف والقلق من تفشي فيروس كورونا الذي يجبر الليبيين على ملازمة بيوتهم، غير أن قناعة شبه مؤكدة بأن الوباء سيكون أقل فتكا بهم من التدخل التركي، وهذه القناعة هي نفسها تحملها قيادات عسكرية كثيرة في صفوف المليشيات، حيث يقول بعضها بأن الفيروس الفتاك منتشر بكثافة، بينما يتكتم السراج بخصوص الموضوع، ويحرص من خلال مستشاريه ورجاله المقربين على عدم تسريب أي خبر بشأن الموضوع إلى الرأي العام.
وفي نظرهم، فإن الفيروس الأخطر هو التدخل التركي، واستمرار تدفق الأسلحة التركية على ليبيا أمام مرأى المجتمع الدولي، بالرغم من وجود حظر دولي على توريد الأسلحة إلى هذا البلد منذ 2011، في سبب ينضاف إلى قائمة طويلة من عوامل استياء قيادات عسكرية من السراج وقرارها الانسحاب.
وقد تساءلت بعض التقارير الإعلامية: لماذا لا يتكتل الضباط المستاؤون ويعلنون التمرد على السراج، غير أن الإجابة سرعان ما جاءت من شهادات مسربة حيث تشير إلى أن الإمكانيات الضعيفة والحصار الذي تعيشه الأجهزة الأمنية في طرابلس تجعلها عاجزة عن اتخاذ موقف صارم تجاه ما يمارسه السراج.
لقد حاول المدّعي العام العسكري السابق المستشار مسعود رحومة، في 2018، فتح ملفّ يخص ارتباط شخصيات محسوبة على المجلس الرئاسي بالإرهاب، غير أن محاولته تلك قد تسببت في اختطافه من طرف مليشيات، في رسالة تهديد واضحة لكل من تسول له نفسه التفكير في مجرد التطرق للموضوع.
ونف الشيء قد حصل لضابط ليبي قبل نحو نصف عام، حيث أفادت تقارير إعلامية محلية بأنه قد حاول تشكيل جبهة متمردة ضد السراج، غير أنه اختفى بشكل مفاجئ ولم تعرف عنه أي معلومات منذ ذلك الوقت، في حين تقول مصادر مقربة من عائلته بأنه لقي حتفه في حادث سيارة في منطقة عين زوارة جنوبي طرابلس.
إن الاحتلال التركي متواصل في البلاد سواء عبر المرتزقة أو الأسلحة والغارات الجوية، وذلك وسط استياء شعبي متصاعد، ودعوات قد وصلت إلى حد مناشدة الجيش الوطني التدخل العاجل وحسم معركة طرابلس، من أجل إنقاذ السيادة الليبية.