سياسة

ليبيا: بعد تفويض حفتر.. هل تواصل تركيا إرسال المرتزقة والأسلحة؟


تواترت المواقف الدولية بشأن التطورات في ليبيا بعدما أعلن قائد الجيش الوطني الليبي خليفة حفتر، في خطاب ألقاه أول من أمس من مقره في بنغازي (شرقي ليبيا)، إيقاف العمل باتفاق الصخيرات السياسي المبرم عام 2015 واعتباره “جزءاً من الماضي”، وتفويض قيادة البلاد في هذه المرحلة إلى المؤسسة العسكرية التي يترأسها، حسب تعبيره.

وعلى خلاف المواقف الدولية التي شددت على ضرورة الحل السياسي للأزمة الليبية، جددت تركيا أمس تمسّكها بدعم حكومة الوفاق بقيداة فايز السراج، المنبثقة عن اتفاق الصخيرات في 2015.

وفي خطوة أقرب إلى إعلان فرض الوصاية على ليبيا، اعتبر المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية التركي، عمر جليك، أمس، أنّ حفتر سعى للقيام بما وصفها بـ”محاولة انقلابية”، مؤكداً استمرار أنقرة في دعم حكومة الوفاق الوطني التي قال إنّها “الحكومة الشرعية”.

وأعلن الحزب الحاكم في تركيا، أمس، وفق ما أوردت وكالة الأناضول للأنباء، أنّ أنقرة تتابع عن كثب التطورات الأخيرة في ليبيا، وأنّها تجري تقييماً لما استجد من أوضاع، قائلاً إنّ “حفتر يحاول تفويض عدد من السلطات لنفسه دون الاستناد إلى أي أساس قانوني”.

وتجاهل المتحدث باسم حزب أردوغان آلاف الليبيين الذين خرجوا في مسيرات تأييد للجيش الوطني الليبي وتنديداً بالتدخل العسكري التركي، في مظاهرات أحرقت فيها صور الرئيس التركي.

وألقت تركيا بثقلها العسكري في ليبيا دعماً لحكومة الوفاق المدعومة أيضاً بميليشيات متطرفة موالية لجماعة الإخوان المسلمين.

وزودت أنقرة ميليشيات الوفاق بشحنات من الأسلحة الثقيلة والخفيفة والذخيرة إلى جانب طائرات مسيرة وآلاف من المرتزقة من الفصائل السورية المتشددة الموالية لتركيا.

من جهتها، شددت مجموعة الأزمات الدولية لاحقاً على أنّ الاتفاق الليبي الذي وقع في الصخيرات المغربية في 2015، “لم يعد صالحاً”، مشيرة إلى “الكثير من الثغرات وإلى اعتماده مبدأ الإقصاء التمثيلي لكل الليبيين”.

وأوضحت، حسبما أوردت وكالة “فرانس برس”، أنّ حفتر وبحكم ما حققه من استقرار في شرق البلاد ودحره للجماعات الإرهابية وما يحظى به من شعبية، بات “رقماً صعباً لا يمكن تجاهله في معادلة الحل السياسي للأزمة الليبية”.

بدورها، قالت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة بالنيابة في ليبيا، ستيفانى ويليامز، إنّ الوضع في ليبيا “وصل إلى القاع ولكن مع استمرار وباء فيروس كورونا قد تلتزم أطراف النزاع الليبية بوقف إطلاق النار”، بحسب ما أوردت وكالة “رويترز” للأنباء.

وأضافت ويليامز، أنّ أولئك الذين حضروا مؤتمر برلين لم يلتزموا بحظر السلاح، فبعد خمسة أيام فقط من القمة غادرت تركيا سفينة شحن محملة بالأسلحة إلى طرابلس برفقة فرقاطتين تركيتين”.

وتابعت ويليامز: ما كان في السابق حرباً أهلية فى ليبيا تحول إلى حرب بالوكالة، تماماً كما هو الحال فى سوريا واليمن مع القوى الخارجية.

بدورها، قالت فرنسا، أمس، إنّ الصراع في ليبيا لا يمكن حلّه من خلال القرارات المنفردة وإنما من خلال حوار تدعمه الأمم المتحدة.

وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، أوليفييه جوفين، في بيان لم يشر بشكل مباشر إلى حفتر “لا يمكن التوصل إلى حل للصراع الليبي إلا من خلال الحوار بين الأطراف تحت رعاية الأمم المتحدة وليس من خلال القرارات المنفردة”.

وتابع “لا يوجد بديل للحل السياسي الشامل كجزء من النتائج التي توصل إليها مؤتمر برلين”، مضيفاً أنّ باريس مهتمة بوحدة ليبيا واستقرارها.

من جهتها، وصفت روسيا إعلان حفتر بـ “مفاجئ”، بحسب ما نقلته وكالة “آر آي إيه” الرسمية عن مصدر في وزارة الخارجية، وفق ما نقلت “بي بي سي”.

وقال المصدر إنّ الأمر الأكثر أهمية هو أن يطبق الليبيون أنفسهم القرارات السياسية التي تم التوصل إليها في مؤتمر برلين في كانون الثاني (يناير) الماضي بمساعدة المجتمع الدولي.

وأضاف: “نحن نؤيد استمرار العملية السياسية؛ إذ ليس هناك حل عسكري للصراع”.

وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية أحمد حافظ “تمسك مصر بالحل السياسي وبمبدأ البحث عن تسوية سياسية للصراع في ليبيا على الرغم من وجود خلافات بين الأطراف الليبية حول كيفية تنفيذ ذلك”.

وشدد حافظ على “أنّ مصر تسعى لتحقيق الاستقرار على الساحة الليبية مع الحفاظ على وحدة وسلامة أراضي ليبيا الشقيقة وذلك في إطار تعاونها الدائم مع الدول الشقيقة والصديقة المجاورة لليبيا والمهتمة بمصير الشعب الليبي”.

وأوضح حافظ أنّه في الوقت ذاته فإنّ “البحث عن حل سياسي لا يعني ولا يجب أن يؤدي إلى التهاون في مواجهة التيارات المتطرفة الإرهابية في ليبيا المدعومة من تركيا أو الدخول معها في مفاوضات حول مستقبل ليبيا”.

وأشاد بيان الخارجية المصرية كذلك بالجهود التي بذلها ولايزال الجيش الوطني الليبي في التصدي للجماعات الإرهابية، مشيراً إلى أنّ مصر تثني على ما حققه الجيش الليبي من استقرار نسبي في الأراضي الليبية، ما أدى إلى تراجع العمليات الإرهابية في هذا البلد وهو ما يعني بكل تأكيد انحسار الخطر الإرهابي الذي ينطلق من ليبيا ليهدد دول جواره القريبة والبعيدة”.

وفي سياق متصل بالتدخلات التركية وانتهاكها للاتفاقيات الدولية، بدأت أنقرة في إرسال مجموعات جديدة من مرتزقة أردوغان في سوريا إلى ليبيا، وحثت أجهزة الاستخبارات التركية قادة الميليشيات السورية الموالية لها على تشكيل قوائم لتوفير المزيد من المقاتلين بهدف إرسالهم إلى هناك للقتال، نقلاً عن مقال للكاتب راؤول ريدوندو، من صحيفة “أوكي دياريو” الإسبانية، وفق ما نقل موقع “العربية”.

وذكر الكاتب أنّ حالة من الضجر ثارت بين المرتزقة بسبب عدم قدرة تركيا على دفع مرتباتهم، ما أدى إلى انتفاض تلك الميليشيات ضد القادة الأتراك.

وفي التفاصيل، أفاد الكاتب أنّ أنقرة شرعت بعملية إرسال مجموعات جديدة من الميليشيات من منطقة في شمال سوريا على الحدود التركية، وذلك لإرسالهم إلى الحرب الأهلية الليبية.

ويقول الكاتب إنّ مصير هؤلاء الذين بلغ عددهم 2200 من المرتزقة هو القتال في الحرب الأهلية الليبية لخدمة التحالف الذي شكلته حكومة الوفاق الوطني، التي يقودها رئيس الوزراء فايز السراج، وتدعمها تركيا، في مواجهة الجيش الوطني الليبي بقيادة خليفة حفتر.

وحذر المرصد السوري لحقوق الإنسان، من ذلك موضحاً أنّ أجهزة الاستخبارات التركية حثت قادة الميليشيات السورية الموالية لها على تشكيل قوائم لمئات من المقاتلين بهدف إرسالهم إلى ليبيا للقتال في المستقبل القريب.

ووفقًاً لما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإنّ الاستخبارات التركية ضغطت على مختلف الفصائل لتشكل تكتلات من الميليشيات السورية الموالية لأنقرة لتوفير المزيد من المقاتلين لهذه الدفعة الجديدة من القوات، على الرغم من عزوف الفصائل بسبب وقف الدولة التركية دعمها المالي للأخيرة، ومنها فيلق الرحمن، والمكون من عناصر من الغوطة وحمص، في غرب سوريا.

وهكذا تواصل تركيا عملية نقل المرتزقة والمتطرفين لمحاربة الجيش الوطني الليبي التابع لحفتر، وفي غضون ذلك، كثفت هذه الميليشيات التي يدعمها مستشارون أتراك، الهجمات ضد المدنيين في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الليبي، وكذلك قصفت ممتلكاتهم واستهدفت المستشفيات وشاحنات الوقود والإمدادات الطبية، وقد ارتفع عدد وفيات مرتزقة أردوغان في ليبيا بالفعل إلى 190 قتيلاً، وضاعفت تركيا عدد رجال الميليشيات لتعويض خسائرهم في مواجهة الجيش الوطني الليبي.

وفي سياق متصل، نقل موقع “ذا إنفستجيتف جورنال” البريطاني، أنّ أردوغان، يقومون بنهب ممتلكات ومنازل الليبيين، رداً على عدم تسلّم رواتبهم.

وعرض الموقع تسجيل اعتراف أحد المرتزقة ويدعى “زين أحمد” عضو في ما يسمى بـ”جبهة أحرار الشرقية” أحد الفصائل المشبوهة والمتطرفة، بسبب تعاملها السيئ مع المدنيين.

وقال أحمد، الذي كشف خطط أردوغان في ليبيا، إنّه كان مقيماً في عفرين مع الفصيل منذ عملية تركيا “غصن الزيتون” عام 2018، معترفاً بأنّه سرق ممتلكات الليبيين حين جاء إلى ليبيا للقتال في صفوف قوات الوفاق. وأضاف “نهبت عندما كنت في ليبيا، لأنهم توقفوا عن الدفع لنا”.

واستدرك: “قالوا سيدفعون لنا 3000 دولار في الشهر، ولم يحدث ذلك قط، ففي الشهر الأول حصلنا على 2000 دولار، وفي الشهر الثاني أعطونا 1400 دولار، وفي الشهر الثالث لم نتقاض أجورنا على الإطلاق، لذا نهبنا المنازل، وأي شيء يمكن أن نجده من الذهب، أو أي شيء قيِّم يمكننا العثور عليه”.

وتابع: “لقد منحتنا تركيا وعداً بمنحنا الجنسية حين نقاتل في صفوف ميليشيات حكومة الوفاق لمدة 6 أشهر، وكان ذلك أكاذيب فقد قتل الكثير من المرتزقة في ليبيا لكنهم لم يمنحوهم أو يمنحوا أسرهم الجنسية التركية”.

ونقل الموقع عن “أحمد” قوله: “لقد منحت تركيا لأرملة مرتزق 8000 دولار، لكنها لم تحصل على الجنسية التركية، وظلت في مخيم داخل سوريا”.

وأردف قائلاً: إنّ “القادة الأتراك وصفوا معركتنا في ليبيا بـ”السهلة” لكننا لم نجدها كذلك، وقتل الكثير من المرتزقة، وبدأوا في الوقوع بالشوارع”.

وتابع “أحمد” قائلاً: “سقطت الجثث في الشارع ولم يلتقطها أحد، ومات الكثير من السوريين، ورأيت بنفسي أكثر من 12 قتيلاً في المعركة، ولم يكن الأمر كما اعتدنا عليه في سوريا، وكنا ننتقل إلى الخطوط الأمامية ونختبئ هناك”.

وعن الرافضين للقتال، أكد أنّه “عندما بدأ المسلحون السوريون في تحدي الأوامر، تأتي ميليشيات ليبية متحالفة مع حكومة الوفاق ويضربونهم، وذات مرة، عندما رفض سوري القتال 3 مرات متتالية، أطلق مسلح ليبي النار عليه في ساقه”.

وأجرت الصحفية الأمريكية سنيل لقاء مع رجل أعمال في طرابلس، يدعى هلال هشام، ولديه صديقان يمتلكان متاجر يرتادها المسلحون السوريون.

وقال هشام: “حاول أحد أصحاب المتاجر الاتصال بالشرطة عندما جاء السوريون في المرة الأولى، وكان من الواضح أنّ العناصر هي التي سرقت، لكن الشرطة تجاهلت الأمر”.

وتابع هشام: “هؤلاء المرتزقة متطرفون وإرهابيون ودواعش، والعديد من المدنيين في طرابلس، في انتظار دخول الجيش الوطني الليبي”.

وشهدت ليبيا، من جموع الليبيين، والكيانات السياسية، والعديد من القبائل، مطالبات للقيادة العامة للجيش بتسيير شؤون البلاد، مؤكدين رفضهم لحكومة الوفاق التي يترأسها فايز السراج والتي سمحت لتركيا بالتدخل في شؤون البلاد.

نقلا عن حفريات

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى