سياسة

لم تضع الحرب أوزارها بعد


لا تزال الأفكار المتطرفة تنتشر لدى البعض رغم المساعي الحثيثة لتبيان خطورة وزيف ادعاءات منظريها.

 ورغم تصنيف جماعات الإسلام السياسي ضمن قوائم الإرهاب، فالأفكار التي تتغذى عليها هذه الجماعات لم تنتهِ بعد، حيث يتم تداولها في إطار المحاضرات والمواعظ الإسلامية على نطاق واسع.

إن مفاهيم التكفير وقتل المخالفين، ترتبط بجدارة بكل إرهابي، لكنها تنتشر في كتب كثيرة، وتوقع البعض في لبس في كيفية التعامل مع تلك الآراء، ما يجعل مراجعة هذه الكتب التي استغلتها التنظيمات الإرهابية أمراً لا بد منه، كونها أسهمت في توفير الأرض الخصبة للمتطرفين، وهذا شأن علماء الدين على مستوى العالم للنأي عن الاستقطاب السياسي والاستغلال الحزبي للديانات.

ينظر الباحثون في مسائل الإرهاب ويختلفون حول أسبابه، فمنهم من يرى الفقر والبطالة وفقدان الأمل أسباباً رئيسية، وآخرون يرون أن السبب هو غياب العقل النقدي والرغبة في التضحية أو ربما بواعث نفسية وعقلية، لكن بالتأكيد لا يمكن فهم الإرهاب بمعزل عن الأسباب التي أدت إلى تكوينه، وهي الحاضنة الفكرية التي تحتاج إلى دارسة معمقة، فبعض الأفكار والآراء وقود أولئك الإرهابيين المنضوين تحت ألوية التنظيمات الإرهابية.

لقد أدى حصر الرأي في أشخاص محددين طوال عقود خلت إلى تكون حالة من اليقين برأيهم وأفكارهم دون تمييز واختبار لتلك الأفكار، وكأنه إجماع مطلق رغم أنه بخلاف ذلك، حيث إنهم بشر يصيبون ويخطئون، وللأسف فإن بعض تلك الآراء المتشددة كانت المحرك الرئيسي للجماعات الإرهابية، وأدى ذلك إلى خلط بين معاداة الإرهاب ومعاداة الإسلام، حيث لا يزال المفهوم ملتبساً لدى جزء من القواعد الشعبية للمسلمين.

حاربت الدول الإرهاب عسكرياً بسبب ضرورة التحرك لمواجهته بشكل عاجل، وانتصرت عليه في معاقله رغم سيطرته على أراضٍ واسعة، إلا أن مراجعة الأفكار الضالة التي تضج بها المقررات والكتب والمراجع ضرورة حتمية وفق برنامج طويل، ومشروع تتبناه الدول دون تراجع حتى وإن خمدت نار التطرف، فما تحت الرماد جمر ينتظر الفرصة ليشتعل من جديد.

لقد لعب الإسلام السياسي دوراً كبيراً في تجهيل الشعوب، وتسبب في جرائم شنيعة على مر التاريخ، وتلطخت أيدي المتطرفين بدم الأبرياء؛ نساء وأطفالاً ومدنيين، وشوهت صورة الإنسانية في مشهد لا يمكن نسيانه إلى الأبد، وقد آن الأوان لمنطقتنا والعالم أن يستريح من مصيبة الإرهاب والأفكار المتطرفة بالتساوق مع تعزيز الوعي وزرع بذور التسامح والمحبة في نفوس الأفراد والمجتمعات، وبناء أجيال تتعايش مع الأفكار المختلفة في الحياة، وتسعى لتطويرها والإبداع في مجالاتها.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى