لماذا ستقدم طهران على هجماتٍ إضافية؟


العلاقات الأمريكية ـ الإيرانية  لن تكون على ما يرام في عهد الرئيس الحالي جو بايدن.

 خاصة بعد أن اتهمت وزارة الخارجية الأمريكية إيران مرةً أخرى يوم الثلاثاء الماضي بلعب دورٍ خبيث في المنطقة يقوض استقرارها، علاوة على أن واشنطن فرضت عقوباتٍ قبل عدّة أيام على اثنين من أعضاء “الحرس الثوري الإيراني” لتورطهما في ارتكاب انتهاكاتٍ بحقوق الإنسان خلال احتجاجاتٍ شهدتها إيران في عامي 2019 و2020 الماضي.

إن انتهاكات حقوق الإنسان لا تعدّ بأمرٍ جديد لدى طهران، حيث تقوم السلطات الأمنية بين الحين والآخر بإعدام معارضيها الذين غالباً ما ينحدرون من خلفياتٍ عرقية غير فارسية، وهم في المجمل من الأكراد والعرب والبلوش، فضلاً على اختطاف معارضيها في الخارج عبر مافياتٍ مسلّحة ومن ثم نقلهم إلى أراضيها بالتعاون مع استخبارات إقليمية معروفة، إلى جانب الاحتجاز التعسفي الذي يقع ضحيته الآلاف من معارضي الحكومة الإيرانية ومنتقديها. 

كما أن طهران ترفض الاعتراف الدستوري بالأكراد والعرب والبلوش وغيرهم من سكان البلاد الذين ينتمون لقومياتٍ غير فارسية، وبالتالي تنتهك أبسط حقوق الإنسان التي ضمنتها المواثيق الأممية، حيث يعد الاعتراف بالهوية واللغة والثقافة حقوق أساسية لا يمكن تجاوزها، لكن السلطات الإيرانية لا تلتفت لمثل هذه القضايا، بل وتحاول القضاء على ذات الشعوب في دولٍ أخرى، إذ تواصل ميليشياتها المسلّحة هجماتها المتفرّقة على إقليم كردستان العراق، بالإضافة لتمركّزها في العراق وسوريا ولبنان واليمن. 

ومع أن واشنطن تتمسك بضرورة عدم امتلاك طهران لأسلحة نووية، إلا أن الأخيرة تحاول الضغط على الولايات المتحدة عبر تهديد الأمن الإقليمي من خلال هجمات أتباعها في دول المنطقة التي تتواجد بها، لكن هذا الأمر لا يعدو من كونه استخدام للإرهاب ولن يجديها نفعاً في الحصول على تنازلاتٍ أمريكية لا سيما وأن المجتمع الدولي تعرّف على مدى خطورة التهديدات التي تشكلها ميليشيات طهران في العالم العربي، وبالتالي لا يمكنه تخطيها. 

كذلك تبدو الولايات المتحدة جادة في إيجاد صياغة جديدة للاتفاق النووي مع إيران، لكن هذا الأمر يتطلب مفاوضات طويلة وشاقة بين الجانبين وهي أيضاً مرهونة باستمرار أو رفع العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران، وكذلك بدعم الأخيرة لتنظيماتٍ تعتبرها واشنطن “إرهابية” تحاول التأثير على مجرى أي مفاوضاتٍ بين واشنطن وطهران، وهو ما دعا أطراف دولية بارزة مثل باريس لإشراك دول تهدد تلك الميليشيات، لتكون طرفاً في أي مباحثاتٍ أمريكية ـ إيرانية، لتضمن استقرارها. 

وبكل الحالات، فإن الضغوط التي تمارسها واشنطن على طهران كالعقوباتٍ الاقتصادية المستمرة وإدراج بعض مسؤوليها على القائمة السوداء، سيرغم الحكومة الإيرانية في نهاية المطاف على القبول بوجود أطراف جديدة لتكون طرفاً في أي اتفاقٍ نووي مع طهران مستقبلاً، وحتى ذلك الحين ينبغي على الأطراف المناهضة للمشروع الإيراني في المنطقة اتخاذ الحيطة والحذر تحسباً لهجماتٍ مسلّحة محتملة. 

Exit mobile version