سياسة

لا عودة لنقطة الصفر


فهد ديباجي

 

قطر.. تلك الدولة التي سبق لها أن عاشت طفرة مالية وسياسية وإعلامية غير مسبوقة، هذه الطفرة جعلت لها طموحا أكبر من الحجم الحقيقي لدولة تعاني من صغر الحجم وشح في السكان والقوة العسكرية، طموح جعلها تسابق الزمن لصنع هالة إعلامية غير مسبوقة في الوطن العربي، هذا الطموح لم يقتصر على النواحي الإعلامية فقط، بل اتجه إلى النواحي السياسية والدبلوماسية، فقد حاولت بأن تفرض نفسها عربيا وعالميا من خلال استغلال الأوضاع السياسية والأمنية الناتجة عما يسمى بـ”الربيع العربي”.
ولأن قطر كانت تملك المال فقد صنعت لها جيشا من المليشيات والجماعات والمنظمات الإرهاربية ومولتهم بحجة حل النزاعات والقيام بدور الوساطات، لهذا ظلت تسير ودون رادع لها مع هذه المزايا في طريق اللاعودة بعد أن جعلها طموحها تتجاوز (المعقول) و(اللامعقول)، هذا الطموح جعل سلطانها بيد من يفتقد الحكمة، وأمنها بيد جيش من أعداء الأمة، وثرواتها في جيوب فاسدين، وعدالتها خاضعة للبغاة، وتعليمها تحت رحمة رموز التطرف والإرهاب، وإعلامها يقوده مجموعة من المرتزقة.
عندما قررت دول الرباعي العربي وضع قطر تحت المقاطعة إنما هي رسالة من قياداتها الحكيمة لمعرفة حقيقة هذا النظام، وإمكانية تراجعه عن دعم وتمويل الاٍرهاب ودفع الشر المحدق بها، هذه المقاطعة التي فضحت وعرت الكثير من أولئك المرتزقة والإرهابيين، وعرت رموز ذلك النظام التي لطالما وقفت مع أعدائنا ضد أوطاننا، كنا نحلم ونصبر عنها بذريعة الدين وحق الجوار، ولكن سياسية الصبر والحلم لم تعد تجدي لذلك تمت المقاطعة.
كانت لهذه المقاطعة نتائج عظيمة ومبهرة، منها زيادة الأمان وانكماش الاٍرهاب واندحار المليشيات في المنطقة، كذلك أصبح اللعب والهجوم القطري على المكشوف، بل وصل إلى حد الكذب والافتراء والتزوير والفبركات، وأدركت السلطات القطرية أنه قد كُشف أمرها وليس هناك شيء يخفى من الخداع والمؤامرة والحقد الدفين، فجاهر “نظام الحمدين” بمعصيته وخيانته وجرائمه وأخرج ما يخفيه من خبث التعاون والتوافق في الرؤى مع الإخوان وإيران وتركيا للإضرار بالسعودية والإساءة لها، مما يؤكد أن مخططاته كانت أبعد من عداوة وحب سلطة، وإنما لهدف تحقيق مشروع أسقطته هذه المقاطعة المباركة.
وعلى الرغم من أن المقاطعة أتت أكلها إلا أن قطر ما زالت تحاول أن تنخر بالوطن العربي الذي ما زالت بعض دوله تئن وتعاني من تدخلات تنظيم الحمدين، واليوم بات على قطر أن تفهم جيدا أن كل جريمة وكارثة كانت سببا فيها لن تمر دون حساب، وتنتظرها فواتير كثيرة يجب سدادها، بدءا من فواتير حلفائها في الشر والإرهاب، كذلك سيتوجب عليها تسديد فواتير الفتنة والدمار والثمن الباهض لاحتضان وتمويل الإرهاب.
لهذا.. فإن العودة إلى مرحلة الصفر أصحبت مستحيلة، فالمعركة لم تنته بعد، فقطر ما زالت تعول على أموالها رغم انكماشها، ومن ثم لن تقبل أي مصالحة عابرة مهما كانت الضغوط والوساطات ما لم تلتزم بجميع المطالب، وتوقع على ذلك في العلن، وبإشراف شهود وشركاء إقليميين ودوليين، وتشكيل لجنة دولية من الأمم المتحدة تعمل على التدقيق والمتابعة الدورية والتدقيق في كل ما يصدر عن النظام القطري، وتكون مهمتها تشديد الرقابة ورصد نشاطاتها واتخاذ قرار دولي في حال تجاوزها وإرغام الدوحة على تنفيذه لضمان عدم خيانتها، وضمان أن تعيش المنطقة بسلام، لا سيما أننا عرفنا أن الحروف والكلمات لا تكفي لشرح مواقف هذا النظام وعدائه لكل جيرانه والعرب.

تقلا عن العين الإخبارية

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى