قطر.. تكميم الأفواه وصم الآذان
مقتل الصحفي “فهد بوهندي” الذي تم اعتقاله عام 2016 في سجون النظام القطري، هي قصة قصيرة لكنها لم تكن الأولى ولم تكن الأخيرة التي تكشف معها زيف شعارات النظام القطري عن دعم حرية الصحافة والصحفيين، لتبقى هذه الشعارات مجرد حبر على ورق في الخطاب السياسي القطري الموجه إلى الخارج مثل دعم الديمقراطية وغيرها، ولكن الواقع منفصل تماما عن الخطاب السياسي، حيث لا صوت “إلا صوت واحد ولا رأي إلا رأي واحد” وهو صوت النظام.
يتعامل النظام القطري مع الداخل القطري “بسياسة تكميم الأفواه، وصم الآذان”، حيث لا يتحدث إلا من يسير في فلك النظام القطري، ولا يسمع الشعب القطري إلا ما يريد النظام أن يسمعه الشعب، وبالتالي فإن أي محاولة للخروج من هذه الاستراتيجية التي أرسى قواعدها حمد بن خليفة منذ وصوله إلى الحكم يكون الحال كما هو حال “الشهيد فهد بوهندي” حتى وإن كانت هذه الأصوات لا تشكل خطرا على النظام وإنما تتحدث في موضوعات ليست سياسية وإنما موضوعات اجتماعية تستهدف فقط “إصلاح الشأن الداخلي” كما هو حال الصحفي فهد بوهندي الذي كانت كتاباته تدور في فلك الشأن الاجتماعي والإصلاح الداخلي الذي لا يرقى إلى تشكيل تهديد للنظام الحاكم.
أسس حمد بن خليفة قناة الجزيرة ليس لتكون “الرأي والرأي الآخر” فهذه مجرد شعارات تسويقية للقناة، وإنما قام بتأسيسها لأمرين؛ الأول هو أن تكون هذه القناة صوت لحمد بن خليفة، والأمر الآخر أن تلعب هذه القناة دوراً في تغييب الوعي الشعبي القطري، حيث يراهن حمد بن خليفة على صرف النظر عن الوضع الداخلي عبر تغييب الوعي الشعبي القطري والعمل على صرف النظر عن الوضع الداخلي عبر توجيهه إلى الخارج، وهو ما تقوم به قناة الجزيرة التي تقول إنها صوت الشعوب المضطهدة، لكن الواقع أنها تسير وفق خطة مرسومة من قبل النظام تستهدف الشعب القطري بالعمل على تغييب الوعي لديه عن قضاياه الداخلية والعمل على توجيهه نحو قضايا الخارج.
حرية الصحافة والصحفيين في العقلية السياسية القطرية هي مجرد أداة من أدوات النظام في استراتيجيته الفوضوية، فبينما يحجب الحقائق عن الشعب القطري، نجده يفرد برامج قناة الجزيرة لصناعة الشائعات وتقليب الحقائق من أجل استهداف الدول الأخرى، وبالتالي فإن علاقة الحقيقة مع النظام القطري هي “علاقة قطيعة” سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، العلاقة الجيدة للنظام القطري هي فقط مع “تزييف الحقائق وصناعة الشائعات” التي يعتاش منها النظام القطري سياسياً لتحقيق طموحاته الهادفة لصناعة الفوضى والعمل على تغذيتها.
المشكلة الرئيسية للنظام القطري أنه يعتقد أن السير على حبال التناقضات سوف يستمر طويلا وإلى الأبد، فمن جهة يتبنى خطاباً سياسياً يدعو للديمقراطية وحرية الصحافة والصحفيين، ومن جهة أخرى يتبنى واقعاً منفصلاً تماماً، حيث لا شكل من أشكال الديمقراطية في الداخل القطري، ولا صوت إلا صوت النظام الحاكم، وهي تناقضات لن تستمر طويلاً في ظل ثورة الإنترنت والتكنولوجيا وعصر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستمر النظام كما في التسعينيات في سياسة حجب الحقائق عن الشعب القطري، وهذه الاستمرارية من قبل النظام القطري في هذه الاستراتيجية سوف تقود إلى رفع مستوى الغضب الشعبي الداخلي مدفوعاً بعوامل منها الانفصال القطري عن الجسد العربي والعزلة عن جيرانها.
نقلا عن العين الإخبارية