سياسة

قطر تحاول التغطية على خطاب الكراهية بتنظيم مؤتمر حوار الأديان


أسئلة كثيرة عن دور قطر في تأجيج خطاب الكراهية، أثارها المؤتمر الذي أعلن عنه مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، والذي كان من المزمع أن ينعقد يومي الثلاثاء والأربعاء في الدوحة،  وكيف أنّها تسعى من خلال مثل هذه الفعاليات، لتحسين صورتها التي باتت تعرف بها كأحد أبرز مروّجي خطاب الكراهية في العالم، ولاسيّما في علاقاتها المشبوهة مع التنظيمات الإرهابية كالقاعدة وداعش وجبهة النصرة وطالبان وبوكو حرام وغيرها، سواء تلك التي في أفغانستان والعراق وسوريا، أو في عدد من الدول الإفريقية، كليبيا ونيجيريا وغيرهما..

المؤتمر الذي ينظّمه مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، كان من المفترض أن يقوم على رفع شعارات الحوار والتآخي لتكون منافذه للتغلغل في المجتمعات، وتصدير المتشددين وتلميعهم عبر قنواتها الإخبارية، ولاسيّما شبكة الجزيرة التي أصبحت تعرف على نطاق واسع بأنّها تساهم بترويج خطاب الكراهية، وتصدير أفكار الإرهابيين وتلميع صورهم.

وذكر موقع إي دي إل.أورغ في تقرير للكاتب ديفيد أندرو وينبيرغ؛ وهو مدير الشؤون الدولية بواشنطن وخبير في التحريض على معاداة السامية في الخليج، أن الدوحة التي ترفع شعار حوار الأديان توصف بأنّها من أكثر الدول معاداة للسامية، مشيرا إلى أنّ لدى حكومة قطر سجلّاً طويلاً ومشاكل فيما يتعلق بتعزيز معاداة السامية أو تمكينها.

ولفت إلى أنّ شبكة الجزيرة القطرية، التي تصفها وزارة الخارجية الأميركية بأنها مملوكة للدولة، تحرض كذلك على معاداة السامية، ليس أقلها تمجيد الإرهابيين بانتظام كشهداء طالما أن المدنيين الذين يحاولون قتلهم يكونون إسرائيليين. وتروج الصحف بانتظام للرسوم الكاريكاتورية السياسية التي تغذي معاداة السامية في انتهاك للقانون القطري.

وكشف معهد الشرق الأوسط لبحوث وسائل الإعلام مؤخرًا أن الكتب المدرسية الحكومية في قطر لأطفال المدارس تحوي عددًا من التعاليم الإشكالية التي تحضّ على الكراهية ومعاداة السامية، كما ذكر أنّها تقوم بتعليم أن اليهودية ديانة باطلة ومحرفة وأن التوارة تعلم اليهود القتل والسرقة والخداع، فضلا عن التفوق العنصري.

ونوه الموقع في تقريره أنّ وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أجرى الشهر الماضي حوارا في قطر وتضمنت نتائجه مذكرة تفاهم بدعم المثل المشتركة والتسامح. يجب أن تكون هناك أولوية قصوى للحكومة في قطر على تغيير هذه الكتب التي تدعو لعدم التسامح وتحويل الاتفاقات الأميركية القطرية في هذا الشأن إلى أفعال.

وتقوم حكومة الدوحة، وفق الموقع المذكور، بترويج خطاب الكراهية ضد اليهود، وتصفهم بأبشع العبارات وتقوم بالتحريض ضدّهم، وتحميلهم جميع الأوزار، وذلك عبر أسلوب الشيطنة والتجريم، وضخّ الإشاعات التي تدعم مزاعمها بإلقاء اللوم على اليهود في كل صغيرة وكبيرة، بأسلوب دعائيّ بات نهجاً متّبعاً ومعتمداً من قبلها.

ويثير الشعار الذي يرفعه المؤتمر استغراب المعلقين، ويقوم بطرح مواضيع وقضايا سياسية أكثر من المواضيع التي تقرب بين المجتمعات، وذلك من منطلق بحث قطر عن الثغرات التي يمكن أن تتسلّل من خلالها إلى بعض الأماكن والدول، واستغلال الخلافات فيها، من أجل توظيفها بما يخدم أجنداتها في دعم الإرهاب وتمويله، عبر تنظيمات الإسلام السياسيّ المتقنّعة بأسماء وتوصيفات مختلفة عبر العالم.

ويعمل مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان، بحسب ما نقلته وكالة الأنباء القطرية عن الدكتور إبراهيم بن صالح النعيمي رئيس مجلس إدارة المركز، على الإسهام بخلق صورة إيجابية لدولة قطر باعتبارها منصة للتسامح وقبول الآخر على مستوى العالم، وذلك في مسعى محموم لغيير الصورة التي أصبحت قطر تعرف بها كداعمة للتنظيمات الإرهابية، ومروّجة لخطاب الكراهية.

وبحسب ما نقلت وكالة الأنباء القطرية، فإنّ المؤتمر الذي يختار عنوان الأديان وخطاب الكراهية بين الممارسة والنصوص، يستضيف أكثر من 500 مشارك من خارج قطر، يمثلون ما يزيد عن 200 مؤسسة وجامعة ومركز ديني وفكري وأكاديمي، من نحو 75 دولة حول العالم، بالإضافة إلى المشاركين والحضور من داخل قطر.

وتزعم الدوحة، وفق النعيمي، أن المؤتمر يهدف إلى معالجة مسألة خطاب الكراهية وأبعاده ومواقف الأديان منه، والدعوة الى المحبة والتسامح والتعاطف، بمشاركة علماء دين ومسؤولين سابقين وأكاديميين ورؤساء مؤسسات وأساتذة جامعيين وآخرين، يحاول تقديم القرضاوي كأحد المساهمين في حوار الأديان، وهو الذي يشتهر بأنّه أبرز المروّجين للكراهية والإرهاب، بحسب تقارير إعلامية، وفي خطب متعدد له.

ويمكن تلمّس العناوين العريضة للمؤتمر القطري الذي يحاضر فيه يوسف القرضاوي، الذي يعمل ضمن خطة الإسلام السياسي الذي تقوده قطر، بالتحالف مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي يظهر نفسه كراعٍ للإسلام السياسيّ في المنطقة والعالم، ويحرص على تطويع أنشطة التنظيمات المتطرفة لصالح أجنداته، عبر مساندته ودعمه الخفيّ والمباشر لها.

وفي هذا السياق نقل موقع أراب نيوز عن الصحفي عبد اللطيف الميناوي، قوله من باب التأكيد على دور قطر في دعم المتشددين والإرهابيين: الدليل على ذلك هو عندما تبنت القناة، في مرحلة من تاريخها، أسامة بن لادن وخطابه المتطرف الذي قسم العالم. هناك أيضًا دعاة للإرهاب والتمييز ممن لديهم برامج تلفزيونية لسنوات، مثل يوسف القرضاوي (الذي يدعو) إلى كراهية الآخر.

ويلفت محللون إلى أنّ قطر تعمل على دعم وتمويل المتطرفين من جهة، ومن جهة ثانية تدعي محاربة خطاب الكراهية، ومناهضة العنصرية، وتقوم بتمويل مؤتمرات تزعم مساهمتها في الحدّ من انتشار العنف والعنصرية والتعصّب، في محاولة منها لاستغلال ثروتها من أجل توسيع نفوذها في الجانبين، وتمثيل دور الإصلاح والتحديث والتسامح، والذي يتناقض مع أفعالها على أرض الواقع.

وتعمل الدوحة على تقديم نفسها كمركز إسلامي معتدل، في حين أنّها تتصدّر رأس الحربة في جبهة تنظيمات الإسلام السياسي، وتزعم محاربتها لما تصفه بالفهم الخاطئ لمقاصد الدين، وادعاء محاربة الوصاية على العقول، وما أفرزته الممارسات والأفكار العنصرية من تأجيج للكراهيات وناسفة وقائع التعيش وأفكار التسامح.

وفي الوقت الذي تنظم فيه قطر مؤتمرها لحوار الأديان، فإنّها تُنتقَد على ظروف العمالة الأجنبية على أراضيها، حيث ما يزال العمال يعانون من ظروف عمل قاسية، توصف بغير الإنسانية، وتفضح المزاعم القطرية بتهيئة بيئات عمل مناسبة، لأنّ أماكن العمل والإقامة للعمال لا تتوافر فيها أدنى الشروط الصحية للعيش الإنساني، تفتقر إلى التهوية، وهناك نقص بالأسرة ونقص بالغذاء، ناهيك عن المعاملة السيّئة التي يلاقيها العمال.

وفي لقاء متلفز على قناة دويتشه فيليه الإنكليزية واجه المذيع لولوة الخاطر؛ الناطق باسم وزارة الخارجية القطرية، بالاتهامات والانتقادات التي توجّه لقطر على خلفية ترويج خطاب الكراهية، ومن جهة ثانية استخفافها بحياة العمال الأجانب على أراضيها، وبدت الخاطر محرجة ومرتبكة وهي تحاول دفع الاتّهامات على بلادها، من دون أن تكون مقنعة بذلك، بحسب ما لفت محللون.

وفي اللقاء المتلفز نفسه سأل المذيع عمّا يمكن أن تسمي تفجير المدنيين في الحافلات، أجابت الخاطر بأنّ “هذا عنف غير مقبول ضد المدنيين. ليس هذا إرهابا، لأن لدينا الاحتلال الإسرائيلي الذي يقتل النساء والأطفال. وحين سؤالها عن سبب عدم وجود ديمقراطية أو انتخابات في قطر رغم أنها تعهدت بتحول ديمقراطي منذ عام 2000، أجابت بأنّ السبب يكمن في الدول المجاورة التي لم تكن لتقبل بمثل هذا وفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية. وبسؤالها عن اعتبار قطر لليهود بأنّهم أعداء مخادعون، كاذبون، خائنون، ولماذا تسمح قطر بخطاب الكراهية، ردّت بالقول إنّ هناك أصواتاً معادية للإسلام في أوروبا وإسرائيل.

كما يلفت معلقون إلى أنّ قطر تقوم بتكريس خطاب الكراهية وتشجّع عداء الآخرين، وتبتعد عن التسامح، في برامجها التعليمية، بالإضافة إلى شبكاتها الإعلامية التي تروّج لهذا الخطاب الذي يوصف بالعدواني، وتعمل على تنشئة أجيال تتشرّب العداء للآخر، وتعتبرهم أعداء يجب التنكيل بهم، أو استغلالهم وقتالهم حين الحاجة.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى