سياسة

قطر.. السباحة عكس التيار الإنساني


توحد الإعلام الدولي بكل وسائله وطرق اتصاله في مواجهة هذه الجائحة، فلا ترى غير صور التعاون بين البشر وغير صور التعاطف مع المصابين والدول الموبوءة، ولا تسمع غير أصوات التسامح والصلاة والدعاء للخير والتمنيات بالشفاء.

جميع وسائل الإعلام في العالم تبحث عن الأخبار والصور التي تقدم تلك القواسم البشرية المشتركة بين الغرب والشرق والشمال والجنوب، حتى الأخبار الفنية وملاحقة المشاهير تراجعت أهميتها. اليوم العالم يحتفي بالأخبار التي تبرز تلك القواسم البشرية الجميلة، فتظهر أخبار المساعدات بين الدول في أبهى صورها، إنما مسار البشرية كلها في اتجاه ومسار النظام القطري في اتجاه آخر، فما زال القائمون على هذا النظام في غيهم يعمهون.

اليوم يوم الإعلام الإنساني، الأخبار الرئيسية موحدة لغتها وخطابها الإعلامي موحد، إنما يقابله سعار إعلامي قطري تجاهنا سائراً عكس اتجاه البشرية، ليثبت أن النظام القطري في هذه المرحلة وفي هذه الظروف مصاب بمرض عضال مستعصٍ وخارج عن السيطرة وليس له علاج.

كل البشرية عطلت حروبها وجمّدتها وتوجهت بكامل طاقتها لمواجهة الحرب الكونية الممثلة في وباء “كورونا”، إلا قطر ما زالت مصرة ومتمسكة بحربها العبثية وتبذل قصارى جهدها لمحاربة المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات ومصر. الواقع أنها مع كامل طاقتها لا تزيد في محاولاتها التعيسة هذه عن محاولة الذبابة للخروج من الزجاج المقفل.

الأولويات عند البشر توحدت حتى الحروب تعطلت، تحالف الشرعية منح هدنة إنسانية في اليمن رغم علمه بأن الحوثي لا يعرف تقديراً لخطوة إنسانية كهذه وسيستغلها أسوأ استغلال، ولكنها السعودية التي تثبت أنها تتعالى دوماً وتتحلى بالإيثار، ولأنها تعرف أن يدها هي الطولى فتمنح الفرصة تلو الأخرى مراعاة للظروف التي يمر بها العالم أجمع.

الإعلام لدينا لا يجد مكاناً حتى لعدوتنا إيران، إلا أخبار مصابهم مع تمنياتنا للإنسان الإيراني بالشفاء العاجل، ولا تتوانى دولنا عن تقديم المساعدات، حتى الإعلام الإيراني لاهٍ في مصيبته، ولا يتشفى ولا يستغل الأخبار التي تخص الأحوال الصحية للعمالة في قطر التي تسيء لها ولسمعتها دولياً. الإعلام لدينا بكل وسائله يذكر هذه الأخبار ضمن مجموعة الأخبار من دون تعليق ودون وقوف عندها واستغلال سياسي لها، العالم كله يؤجل حروبه، “البنتاجون” عطل تحركات القوات الأمريكية لشهرين حماية لقواته وجعلها أولوية في الظرف الراهن.

روسيا والولايات المتحدة تتراجعان عن الضغط في حرب الأسعار البترولية وتقدمان مقترحات لم تقبلا بها قبل عدة أسابيع لحماية الأسواق النفطية من الانهيار لأن العالم كله له أولوياته الآن ومتفق عليها بلا استثناء.

الجهود العالمية المبذولة دولياً وعالمياً تعرض إعلامياً أبهى صور التعاون الإنساني والاتفاق على الأولويات يوحدها والتي تؤكد أنه مهما بلغت درجات الخصومة والعداوة بين البشر إلا أن القواسم الإنسانية تتغلب ولها قوة دفعها في اتجاه واحد.

الدول تدفع الأموال لمراكز الأبحاث الآن لحثها على إيجاد الحلول لهذه الجائحة، والمتبرعون يقدمون الهبات للمختبرات من أجل إيجاد العلاج أو المصل، أثرياء العالم يسخّرون أموالهم ومصانعهم لتقديم الخدمات عالمياً وليس لدولهم فقط، والدول العربية المقتدرة تقدم المساعدات المادية والعينية للآخر بغض النظر عن جنسه ولونه وعرقه وتعالج مجاناً، وتقدم المساعدات للدول الأخرى مادياً وعينياً، حتى الأموال والحسابات البنكية لم تعد لها فائدة تذكر وهي مكدسة في المصارف ما لم تسخر. الكل مدرك أنك وما تملك لا بد أن تُسخرا لمواجهة عدو البشرية الآن.

مرض النظام القطري ليس له علاج، فما زال يسبح في الاتجاه المعاكس ويسخّر إعلامه لقضيته الأزلية التي تؤرقه والضائعة وسط أمواج الأخبار المتعلقة بـ”كورونا”، ليشاهدها وحده ويستمتع بها وحده استمتاع المدمن، فيغيب عن الوعي ويعيش في عالمه الخيالي معتقداً أنه حقق انتصاراً.

النظام القطري الذي ما زال يدفع الملايين ويموّل أي ضغط يوجه للمملكة العربية السعودية، وما أكثر المستفيدين من هذه الدجاجة المريضة التي تبيض ذهباً، رئيس وزرائه يسخّر حسابه للطعن في المملكة بطريقة أقل وصف لها أنها مقرفة إنسانياً، لم يبقَ منحدر إلا وانساق له هذا النظام مع الأسف.

قال المتنبي:

لكل داء دواء يستطب به

إلا الحماقة أعيت من يداويها

صدقوني ستجد البشرية دواء لـ”كورونا” عاجلاً أم آجلاً، لكن الداء المستفحل في عقلية شخوص هذا النظام ليس له شفاء مع الأسف.

اللهم اشفنا وعافنا مما ابتليتهم به.

نقلا عن جريدة الشرق الأوسط

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى