فتح تحقيقات بخصوص التبرعات القطرية المشبوهة لجامعات أميركية
قام الرئيس دونالد ترمب باستقبال أمير قطر بواشنطن في حفل عشاء فاخر أقامته وزارة الخزانة، وقد شملت قائمة الضيوف رئيس جامعة جورج تاون، وهي واحدة من 6 جامعات أميركية تدير فروعاً في قطر.
وقد تزامن هذا اللقاء مع قيام وزارة التعليم الأميركية بالتحقيق بهدوء في جامعة جورج تاون و3 جامعات أخرى هي تكساس إيه آند إم وكورنيل وروتجرز، نظرا لتلقيهم تمويل من قطر، والتي رصدت الأجهزة الرقابية أنها تعد أكبر مانح أجنبي للجامعات الأميركية.
كما تزعم الإدارة الأميركية بأن الجامعات لم تقم بإخطار المسؤولين الفدراليين بشأن هدايا وعقود معينة حصلوا عليها من مصادر أجنبية، حسب ما تنص عليه لوائح القانون الفيدرالي، وذلك وفق ما جاء في الرسائل التي حصلت وكالة أنباء أسوشييتيد برس على نسخة منها.
وقد طلب المحققون من الجامعات أن تقدم معلومات حول إيراداتها الأجنبية على مدار عدة سنوات، مع تحديد دول معينة قامت بالتبرع لكل جامعة منهم، لكن تضمنت جميع الرسائل اسم الصين وقطر، إذ أن العلاقات الأكاديمية مع الصين أصبحت مصدر توتر وسط حربها التجارية مع أميركا، أما فيما يخص قطر فيتعلق الأمر بارتباطها باتهامات بتمويل الإرهاب.
تبرعات لا تتناسب مع حجم المتبرع
وحسب تحليل أسوشييتد برس لبيانات فدرالية حول التبرعات للجامعات، فقد اكتشف بأن قطر على الرغم من صغر حجمها تبرعت خلال العقد الماضي، بأكثر من 1.4 مليار دولار إلى 28 جامعة، بينما جاءت إنجلترا في المركز الثاني حيث تبرعت بحوالي 900 مليون دولار فقط.
كما أن ما يقرب من 98% من تبرعات قطر تم تخصيصه لـ6 جامعات بعينها هي: تكساس إيه آند إم وجورج تاون وكورنيل وكارنيغي ميلون ونورثويسترن وفرجينيا كومنويلث، مع العلم أنه يوجد فرع لكل منها في قطر.
تتحمل مؤسسة قطر، التابعة للأسرة الحاكمة في قطر، تكاليف تشغيل فروع الجامعات الأميركية في الدوحة. فمثلا تتلقى جامعة فرجينيا كومنويلث حوالي 40 مليون دولار سنويًا لإدارة فرعها في المدينة التعليمية، وهي مجموعة من الجامعات بالقرب من العاصمة الدوحة، هذا وفق ما ورد في العقد الذي قدمته الجامعة إلى السلطات الأميركية.
وذكر جون كاربيري، المتحدث باسم جامعة كورنيل، بأن مسؤولو الجامعة يتعاونون مع المحققين وبأن الجامعة تتقدم بإقراراتها الضريبية متضمنة أي أنواع تمويل بشكل دوري.
في حين أكد بيان من جامعة روتجرز أن عدم الإبلاغ عن التبرعات كان مجرد سوء فهم من جانب الجامعة، وبأن المسؤولين يعملون على الامتثال للوائح، فيما لم تدل المتحدثة باسم جامعة روتجرز بمزيد من التفاصيل.
تنظيف هدايا تميم
قامت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات FDD، وهي مؤسسة فكرية في واشنطن، بدعوة الرئيس ترامب بأن يطالب الشيخ تميم بـتنظيف هدايا قطر للجامعات الأميركية. وقد أوضحت FDD بأن مؤسسة قطر تشتهر باستضافة دعاة بالغي التطرف في مسجدها الأنيق في المدينة التعليمية في قطر، والتي يتم نقل الوقائع والخطب والمحاضرات منها عبر القمر الصناعي مباشرة إلى حرم الجامعات الأميركية.
كما ذكرت FDD في بيانها: يجب على الرئيس ترمب أن يخبر أمير قطر أن أميركا ترحب باستثمارات حقيقية في النظام التعليمي الأميركي، وأن واشنطن ترفض أي محاولات للتأثير عبر التمويل (مشبوه الأغراض). وقد طلبت وكالة اسوشييتد برس من مؤسسة قطر التعليق على بيان .FDD
في حين أشار تحقيق اسوشييتد برس إلى أن المملكة العربية السعودية وغيرها من الدول المجاورة تواصل قطع علاقاتها مع قطر منذ عام 2017 وذلك بسبب اتهامات لقطر بدعم منظمات إرهابية مثل القاعدة وداعش، بينما تزعم قطر التزامها بمناهضة الإرهاب.
قطر وهواوي الصينية
وفق ما نشرته صحيفة ديلي كولر الأميركية، فتحقيقات وزارة التعليم الأميركية تشمل كشف صلات وروابط بين جامعتي جورج تاون وتكساس إيه آند إم من جانب، وبين قطر وشركة هواوي الصينية، التي تحوم حولها شبهات تجسس وخروقات للأمن القومي الأميركي.
وقد أرسلت وزارة التعليم الأميركية رسائل قاسية لرؤساء الجامعتين حيث قالت: عندما يبدو أن المؤسسة قد فشلت في الامتثال للقانون، يجوز لوزير التعليم أن يطلب من المدعي العام اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وإنفاذ القانون لضمان الامتثال وكذلك لاسترداد كافة المبالغ المخالفة، وكذلك تحمل جميع تكاليف التحقيقات والإنفاذ المرتبطة بها.
كما أضافت: وللوفاء بواجباتنا القانونية، فتحت الإدارة تحقيقًا إداريًا في مؤسساتكم وتطلب إتاحة كافة السجلات والبيانات في غضون 30 يومًا اعتبارا من تاريخ 13 يونيو.
إجراءات قانونية حاسمة
وقد حصلت كلتا الجامعتين على مئات الملايين من الدولارات نقدا من حكومات في الشرق الأوسط. كما طالبت وزارة التعليم بسجلات توضح ما إذا كانت الجامعات قد امتثلت للقانون من خلال التدقيق فيما إذا كان أي من الأموال، التي حصلت عليها جاءت من مصادر تشارك أو تقدم الدعم المادي لأشخاص أو كيانات ينتهكون قوانين مكافحة الإرهاب.
كما طلبت أن توضح السجلات ما قامت به الجامعتان من خطوات وإجراءات بهدف ضمان عدم وجود أي صلة بين الأموال المقدمة من أشخاص أو كيانات تساعد أو ترعى … أو ترتبط بطريقة أو بأخرى بأي شخص يكون اسمه مدرج على قوائم الإرهاب عالميًا، بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224. وفي نفس السياق، قام المحققون بتوجيه أسئلة لكلتا الجامعتين تتعلق بشكل خاص بالإرهاب والتبرعات القطرية.
مليارات الدولارات من قطر
ذكرت ديلي كولر بأن قطر قامت بضخ مليارات الدولارات في مجالات الترويج والتأثير السياسي، وذلك بهدف تحسين صورتها في الولايات المتحدة.
وقد شملت المساعي القطرية لتخصيص ميزانيات ضخمة لعدد من جماعات الضغط السياسي والمنظمات غير الربحية ومؤتمر منتدى الدوحة ومركز أبحاث معهد بروكينغز وقناة الجزيرة الإخبارية المملوكة للدولة في قطر، إلى جانب رصد تبرعات بلغت عدة مليارات الدولارات للجامعات الأميركية، وخاصة التي تتواجد في محيط العاصمة الأميركية.
كما تستهدف الدوحة جامعة جورج تاون، على وجه الخصوص بوصفها موقعا خصبا لأولئك الذين تأمل قطر في أنهم يؤثرون على مسارات السياسة الخارجية، لأن جورج تاون تتولى تدريب العديد من أعضاء السلك الدبلوماسي للالتحاق بوزارة الخارجية الأميركية في المستقبل. وقد تلقت هذه الجامعة وحدها ما يقرب من 333 مليون دولار من قطر منذ عام 2011.
تكساس إيه أند إم وألاعيب الدوحة
قامت وزارة التعليم الأميركية برصد بأن كلتا الجامعتين تربطهما علاقات بشركة Huawei Technologies، وقد طلبت وزارة التعليم تقديم بيانات وسجلات تتضمن جميع الاتصالات بين بروفيسور ثيودور موران وشركة هواوي للتكنولوجيا الصينية.
في حين يقوم بروفيسور موران بإلقاء محاضرات في كلية الدبلوماسيين بجامعة جورج تاون، وقد سبق أن خدم في مجلس الاستخبارات القومي الأميركي من 2007 إلى 2013 عندما أُجبر على الاستقالة بعد أن تم اكتشاف أنه كان يعمل في مجلس إدارة شركة هواوي، وهو المنصب الذي مازال يشغله حتى الآن.
كما تشير رسالة وزارة التعليم الأميركية إلى أن المال القطري، الذي حصلت عليه جامعة تكساس إيه آند إم الحكومية، يقود في نهاية المطاف إلى صلات مشبوهة بشركة هواوي، إذ تبين بأن قطر قامت بتمويل موقع استراتيجي لجامعة تكساس آند إم في الدوحة، بينما وقعت هواوي اتفاقية مع الحرم الجامعي الدولي، تقوم بموجبها هواوي بتمويل منح دراسية لتدريب طلاب كلية الهندسة بجامعة تكساس إيه آند إم في مصانع هواوي.
كما سعت جامعة تكساس إيه آند إم إلى تقديم مستوى غير عادي من الحماية لعلاقتها مع قطر، إذ قامت الجامعة الحكومية بتحذير وتنبيه قطر بدلاً من تلبية الطلب بدلا من أن تقوم بتقديم السجلات القانونية المطلوبة من المحامين عن ممولي الجامعة.
وبعد ذلك كلفت قطر شركة محاماة للتدخل في القضية ورفع دعوى ضد المدعي العام في تكساس، مما استدعى قيام الوكالة الفيدرالية بطلب تقديم كافة سجلات جامعة تكساس إيه آند إم بشأن جميع معاملاتها في كل ما يتعلق بتلك القضية.