سياسة

صحيفة التايمز: الأتراك لا يستطيعون التخلي عن ”الرفاهية الفرنسية“


حسب صحيفة ”التايمز“ البريطانية، الأتراك لا يستطيعون التخلي عن ”الرفاهية الفرنسية“، رغم دعوات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لمقاطعة البضائع الفرنسية، على خلفية أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد، صلى الله عليه وسلّم.

وقد تسببت الرسوم الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد، في سقوط ضحايا، ولكن الحرب الكلامية بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ونظيره التركي، لم تؤد إلى أضرار سياسية لكليهما.

وقد كان الدور العلوي من مطعم لابيتي ميزون الفرنسي الشهير في الجانب الأوروبي من مدينة إسطنبول التركية مزدحمًا خلال وجبة العشاء، حيث كان الزبائن الأثرياء يحتسون الشامبانيا، ويأكلون إسكارجوتس بورجوني الذي يتم زراعته في غرب تركيا“.

وتابعت الصحيفة: ”في الخارج، فإن السياح من العالم الإسلامي يصطفون أمام متاجر بيع الملابس والمنتجات الأخرى، ويدفعون آلاف الجنيهات على حقائب من متجر شانيل الفرنسي“.

كما قالت الصحيفة: أنه ”لم يكن هناك أي مؤشر على المقاطعة التي دعا إليها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الأسبوع الماضي، بعد الخلاف المحتدم الطويل مع الرئيس الفرنسي ماكرون، وقال أحد الضيوف الذين يتناولون العشاء: ”لا أحد يهتم بالمقاطعة هنا، الأمر كله يتعلق بالسياسة“.

وأردفت الصحيفة: ”الأمر أكبر من ذلك، فقد أدت اللهجة الغاضبة المدافعة عن حرية التعبير، والإسلاموفوبيا، والتعصب الثقافي، والرسوم الكاريكاتورية الساخرة، أو صدام الحضارات، وفقًا لما قاله ماكرون وأردوغان، إلى سقوط قتلى، على مدار الأسابيع الماضية، كلما تصاعد الغضب كلما ارتفع عدد الضحايا في فرنسا“.

واستطردت ”في الوقت الذي تنعي فيه فرنسا المدرس صامويل بارتي، الذي تم ذبحه في باريس على يد مراهق شيشاني، على خلفية عرضه للرسوم الكاريكاتورية المسيئة في فصله الدراسي، ثم الهجوم على كنيسة نيس، الذي أدى إلى مقتل 3 أشخاص بواسطة شاب تونسي الأصل، أطلق ماكرون حملة حماسية دفاعًا عن العلمانية، والحق في الإساءة، وسمح بشنّ حملات شاملة على منظمات إسلامية باسم محاربة التطرف“.

وقالت، إن أردوغان، شنّ من قصره في تركيا، هجومًا لاذعًا على ماكرون، وزعم بأن المسلمين يتعرضون لحملة مميتة.

ورأت: أن ”كلمات أردوغان لاقت بعض الدعم من حلفاء تركيا في الشرق الأوسط ومناطق أخرى، خاصة في باكستان، لكن معظم العالم الإسلامي لم يبال بدعوات الرئيس التركي، في ظل هوة الخلافات الواسعة بين أنقرة والعديد من الدول العربية والإسلامية، خاصة في منطقة الخليج العربي، في ظل الرفض الشديد لسياسات تركيا، التي تدعم الإسلام السياسي وجماعة الإخوان المسلمين، وتستخدم وكلاءها في المنطقة، لتعزيز أهداف أنقرة“.

واعتبرت الصحيفة البريطانية، أن الأمر لا يتعلق بالدين فقط، ففي الوقت الذي يتهم فيه ماكرون وأردوغان بعضهما بتأجيج الكراهية، فإن العديد من المحللين يرون أن هذه المعركة ليست صراع حضارات، بل هي صراع شخصي، انخرط فيه الرئيسان منذ شهور، حيث تبادلا الهجمات قبل أحداث فرنسا، على خلفية الصراعات في ليبيا وناغورني قره باغ، والمواجهة المحتدمة بين تركيا واليونان على حقوق الاستكشاف في شرق البحر المتوسط.

ونقلت عن أسلي أديانتسباس، الزميلة البارزة في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، قولها: ”يبدو أن ماكرون وأردوغان وجدا الخصم المثالي، حيث أصبح أردوغان وقودًا مفيدًا لمحاولات ماكرون في محاربة اليمين المتطرف في فرنسا، وممارسة نفوذه على التطرف الإسلامي والعديد من القضايا الجيوسياسية الأخرى“.

وأضافت: ”على الجانب الآخر، فإن المعركة مع ماكرون تسمح لأردوغان بالترويج لنفسه، على أنه صوت العالم الإسلامي، بينما يعاني الاقتصاد التركي من أزمة عنيفة، ويريد معظم القادة المسلمين تجنب النزاعات مع الغرب حول حرية التعبير والعلمانية“.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى