سياسة

شعبية بايدن على “محك” التجديد النصفي

ماريا معلوف


جو بايدن هو اليوم من أكثر الرؤساء الأميركيين الأقل شعبية في البلاد. بدأ الرئيس الأميركي رئاسته بمعدلات تأييد عالية وثقة عامة واسعة في قدرته على مواجهة وباء كورونا، لكن انخفضت شعبيته، مما زاد من مخاوف الحزب الديمقراطي قبيل انتخابات التجديد النصفي، وسط محاولات للاحتفاظ بأغلبية مجلسي الكونغرس. فما هي الأسباب التي أدت إلى انخفاض شعبية الرئيس بايدن عقب توليه الرئاسة؟

من المتعارف عليه أن معدل التضخم بلغ أعلى مستوياته منذ 40 عاماً، كما أن مشكلات سلاسل الإمدادات “supply chain” عطلت النمو الصناعي، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار وزيادة معاناة المواطن الأمريكي، نتيجة ارتفاع تكاليف الغذاء والطاقة بنسبة 8 في المئة.

ومن ضمن أسباب ضعف شعبية بايدن؛ نظرة الناخب الأميركي لاقتصاد بلاده، وبالتالي، فإن الناخب الجمهوري يعتقد بالضرورة أن أداء بايدن الاقتصادي سيء.

خسر الرئيس بايدن  شعبيته بين أعضاء حزبه، وتراجع دعم الديمقراطيين له، وفي استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث، أظهر أن أقل من 50 في المئة من الديمقراطيين يُؤيدون بقوة الأداء الوظيفي لبايدن.

كذلك تراجعت شعبية بايدن، بشكل قوي بعد الانسحاب الكارثي من أفغانستان، حيث اهتزت الصورة العامة للرئيس وللولايات المتحدة في العالم على صعيد الخبرة والكفاءة.

وعلاوة على ذلك، فشلت الوساطة الدبلوماسية التي قادتها الإدارة الأميركية في منع الغزو الروسي لأوكرانيا، حيث شنت القوات الروسية هجوماً كبيراً على أوكرانيا، شمل إطلاق صواريخ على مدن وأهداف مدنية وعسكرية. وأخيراً، ربما تكون الحالة الذهنية للرئيس بايدن، فهو يقول أحياناً أشياء لا يفهم معناها، وهذا قد يكون سبباً رئيسياً في انخفاض شعبيته.

ووفقاً لاستطلاع للرأي أجراه مركز “غالوب”، فإن الرؤساء الذين تقل نسبة الموافقة على أدائهم عن 50 في المئة، تخسر أحزابهم في المتوسط 37 مقعداً في مجلس النواب خلال انتخابات التجديد النصفي.

يذكر أن شعبية بايدن تدنت إلى 41 في المئة، ومن بين المؤشرات التي تظهر الميل نحو الحزب الجمهوري، فوز المرشحين الجمهوريين في انتخابات 2021 في نيوجيرسي وفرجينيا ونيويورك. تلك النتائج وضعت الديمقراطيين أمام تحديات بقائهم في الحكم في المستقبل القريب.

بالإضافة إلى ذلك ، فإن العديد من الأميركيين مرتبكون بشأن نظام شبه الفوضى على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. لقد خسر بايدن الكثير عندما أرسل نائبة الرئيس كامالا هاريس إلى هناك، لأن زيارتها لم تفعل شيئًا لحل الوضع الفوضوي.

يشك العديد من الأمريكيين في الفوائد الاقتصادية للصفقة الخضراء الجديدة التي تحدث عنها بايدن والديمقراطيون. يخشى البعض أن يكون ذلك بمثابة ارتداد للاتهامات القديمة للديمقراطيين من قبل الجمهوريين بأن سياستهم هي سياسة الضرائب والإنفاق. بشكل عام ، أصبح الشعب الأميركي أقل تقبلاً لرسائل إدارة بايدن والديمقراطيين مما كان عليه في عام 2020.

وكشف استطلاع للرأي أجراه مركز “غالوب”، حول الانتماءات السياسية، في مطلع أكتوبر الماضي، أن 42 في المئة من الأمريكيين، قالوا إنهم ديمقراطيون أو ذوو ميول ديمقراطية، بانخفاض 7 في المئة عن مطلع عام 2021.

وفي المقابل، قال 47 في المئة إنهم جمهوريون أو ذوو ميول جمهورية، بزيادة 9 في المئة مقارنة بمطلع 2021. وتشير هذه النتائج إلى تحول كبير لصالح الحزب الجمهوري، فهي المرة الأولى التي يتقدم فيها الحزب الجمهوري بخمس نقاط على الديمقراطيين منذ 1995.

وبناءً على ذلك، يتعيَّن على بايدن تفهم إحباطات العديد من الأمريكيين، وتلبية إدارته لاحتياجاتهم الأساسية، من حيث التحكم في الأسعار المرتفعة، والسيطرة على وباء كورونا، وخفض معدلات الجريمة، ممَّا سيزيد شعبيته مرة أخرى ويعمل على احتفاظ حزب الرئيس بأغلبية الكونغرس.

ويُواجه الرئيس بايدن تحديات صعبة ومعقدة، داخلياً وخارجياً. ووسط تلك الأمور القاتمة، ذكر بعض المحللين أن العملية التي نفذتها القوات الخاصة الأميركية في سوريا، وأدت إلى مقتل زعيم تنظيم داعش الإرهابي إبراهيم القرشي، كان لها تأثير إيجابي لصالح الرئيس بايدن على صعيد الأمن القومي، خاصة بعد الانسحاب الفوضوي من أفغانستان.

ومن ثمَّ، هناك فرصة أمام بايدن لتصحيح المسار واستعادة شعبيته من خلال ايجاد أرضية مشتركة مع الجمهوريين بشأن بنود جدول الأعمال الرئيسية مثل الهجرة، على غرار مشروع قانون البنية التحتية من الحزبين، بدلاً من مضاعفة الخطاب الحزبي الانقسامي.

خلاصة الأمر، من المرجح أن تستمر شعبية بايدن في الانخفاض، ومن ثمَّ سيسيطر الجمهوريون على نتائج انتخابات نوفمبر المقبلة وربما الانتخابات الرئاسية في 2024، ما لم تحدث تحولات مفاجئة، وخصوصاً بعد بدء روسيا عملية عسكرية واسعة النطاق ضد أوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع في أسعار النفط وزيادة معدلات التضخم. فالاقتصاد يُشكل محور اساس بالنسبة للناخب الأميركي. أضف إلى ذلك، فشل المفاوضات في فيينا في التوصل إلى اتفاق لإجياء الاتفاق النووي، مما يشكل ضربة كبيرة للرئيس بايدن في الوقت الذي تتسم سياسته الخارجية بالضعف والهوان.

تابعونا على
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى