شباب ليبيا يأملون في مستقبل جديد عبر صناديق الاقتراع
نشط شباب في مصراتة في غرب ليبيا في توزيع منشورات والتحدّث إلى الناخبين، قبل الانتخابات البلدية في مدينتهم التي تجري اليوم السبت، في حدث نادر في البلاد منذ الإطاحة بمعمر القذافي في فبراير/شباط 2011.
وتشمل الانتخابات 58 بلدية من أصل 142 في المجموع، وما يقرب من 190 ألف ناخب مسجلين (من أصل 7 ملايين نسمة)، وتثير حماسا بين الشباب الذين لم يشاركوا في أي انتخابات من قبل في حياتهم.
في ليبيا التي يقوضها عدم الاستقرار والانقسامات بين الغرب والشرق منذ الإطاحة بالقذافي، يسود هدوء حذر على الصعيد الأمني منذ فترة. ويجري التصويت، الأول على الصعيد الوطني منذ عقد من الزمن، في مدن في الشرق مثل الأبرق أو القبة، معقل رئيس البرلمان عقيلة صالح الداعم لقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر، وفي الجنوب مثل غدامس.
ولا تشمل الانتخابات طرابلس حيث حصلت انتخابات بلدية في السنوات الأخيرة، ولا بنغازي التي تعتبر معقلا لحفتر.
وفي مصراتة، المدينة الأقوى تسليحا في الغرب وثالث أكبر مدينة في ليبيا التي يبلغ عدد سكانها حوالي 400 ألف، انتشرت ملصقات المرشحين ولافتات المفوضية العليا للانتخابات التي تدعو إلى التصويت تحت شعار “صوت يبني بلديتك”.
وخلال الحملة، قامت المفوضية الوطنية العليا للانتخابات بنشر التوعية ومعلومات متعددة على شبكات التواصل الاجتماعي حول الترشيحات المطروحة وإجراءات التصويت، مع مقاطع فيديو ورسومات ورسوم بيانية. كما قامت بحشد العشرات من المتطوعين والكشافة.
وعند إشارات المرور والتقاطعات في مصراتة، وزّع متطوّعون منشورات، وكانوا يتبادلون بضع كلمات مع سائقي السيارات لتشجيعهم على الذهاب إلى صناديق الاقتراع.
بينما تواصل آخرون مع التجار، وكانوا يأخذون الوقت الكافي ليشرحوا لهم كيفية الوصول إلى برنامج بعض المرشحين، عن طريق مسح رمز الاستجابة السريعة الذي خُصّص لهذا الغرض.
وقال المتطوّع رضوان إرفيدة (21 عاما) “الانتخابات مفهوم جديد هنا. لكي يقبلها الناس، نحتاج إلى حملات توعية مثل هذه حتى يفهم الناس ما هي الانتخابات”.
وبالنسبة إلى محمد المهر، وهو متطوع آخر (25 عاما)، من الضروري استعادة الأمل في العملية الديمقراطية. وقال “نحاول من خلال هذه الانتخابات وتلك التي تليها أن نحيي أحلام الناس (…) وأن يعودوا إلى صناديق الاقتراع من جديد ويختاروا مرشحين يتوافقون مع رؤيتهم”.
“سئمنا رؤية كبار السن يحتكرون المجال السياسي”.
وبعد سقوط القذافي بعد 42 عاما من الحكم، نظّمت ليبيا أول انتخابات حرة في يوليو/تموز 2012 لاختيار 200 عضو للمؤتمر الوطني العام (البرلمان)، تلتها في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 أول انتخابات بلدية.
وعلى الرغم من نجاح هذه الاقتراعات، إلا أن الانتخابات البرلمانية التي جرت في يونيو/حزيران 2014 اتسمت بمشاركة منخفضة للغاية بسبب أعمال عنف في جميع أنحاء البلاد.
وفي أغسطس/آب 2014، وعقب أسابيع من القتال، استولى تحالف من مجموعات مسلّحة على طرابلس وشُكّلت حكومة بدعم من مصراتة، حتى تعيين فائز السراج رئيسا للحكومة في ديسمبر/كانون الأول 2015 بعد اتفاق دولي برعاية الأمم المتحدة.
وبين عامي 2019 و2021، أُجريت الانتخابات البلدية في عدد قليل من المدن بما في ذلك طرابلس وكان من المقرر أيضا إجراء تصويت برلماني وانتخابات رئاسية في نهاية العام 2021 من أجل إعادة توحيد البلاد، لكن تمّ تأجيل العملية مرّات عدّة بسبب الخلافات بين السلطات المتنافسة في الشرق والغرب.
وتدير ليبيا حاليا حكومتان، إحداهما بقيادة رئيس الوزراء عبدالحميد دبيبة، ومقرها في الغرب ومعترف بها من الأمم المتحدة، والأخرى يدعمها البرلمان ويهيمن عليها المشير خليفة حفتر، الرجل القوي الذي يسيطر على شرق وأجزاء واسعة من الجنوب.
وقال نوح زقوط (29 عاما)، في إشارة إلى عناصر المجموعات المسلحة الذين تمّ حشدهم من المعسكرين المتنافسين، “سئمنا رؤية كبار السن يحتكرون المجال السياسي لقد حان الوقت لمشاركة الشباب في أماكن أخرى غير ساحات القتال”.
وأضاف الصيدلي المرشح للانتخابات البلدية في مصراتة، أنه مقتنع بأن الشباب “يمتلكون المعرفة والمهارات اللازمة للمساهمة بشكل كبير في الحياة السياسية”.
وتابع أن الشباب الذين يطمحون إلى مناصب مهمة “يعانون من الكثير من الانتقادات، خصوصا من كبار السن الذين يعتبرونهم غير قادرين على قيادة المؤسسات”، لكن هذا هو بالضبط “ما دفع” زقوط إلى الترشح.