سياسة

سعد الدين إبراهيم يشرح خطة أردوغان لتحقيق الهيمنة العثمانية


ذكر أستاذ علم الاجتماع السياسي في الجامعة الأميركية بالقاهرة سعد الدين إبراهيم، بأن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قام باستغلال ضحايا حروب الشرق الأوسط والهاربين من الدول العربية، وأيضا تدفق اللاجئين والنازحين، ليجند المرتزقة.

وفي مقال نشرته صحيفة المصري اليوم، أضاف سعد الدين إبراهيم بأن الرئيس التركي وأعوانه من حزب العدالة والتنمية قد شرعوا في تكوين كتائب من المُحاربين المستعدين للذهاب والقتال في الوقت الذي يرغب فيه السُلطان أردوغان، معتبرا بأن أردوغان يشكل النسخة المستجدة من الدولة العثمانية، وبأن المرتزقة الذين يجندهم نظامه كمقدمة الجيوش العثمانية التي أطلق عليها الانكشارية.

من هنا جاءت الانكشارية

وتابع المتحدث ذاته: بعض قبائل الرُعاة من مجاهل شرق آسيا بدأت التحرك غرباً، حينما اشتد القحط عليها وعلى ماشيتها في أوائل القرن الرابع عشر، واحتلوا القُرى الزراعية والمُدن، ونهبوها في مسيرتهم الطويلة، بقيادة زعيم أكبر تِلك القبائل، المُلقب باسم أورخان. ولكنهم في نفس تِلك المسيرة غرباً صادفوا أقواماً تدين بالإسلام، فراق لهم ذلك الدين، فاعتنقوه في العهد الأول للزعيم أورخان المُسمى عُثمان، والذي ستحمل الإمارة الجديدة اسمه خلال القرون الأربعة التالية. ووفرت تقاليد البداوة من الخشونة والفروسية، مع تعاليم الإسلام ومقاصد رسالته، روحاً مُشابهة لتِلك التي سادت في صدر الإسلام، وأشعلت حماس عرب الجزيرة لفتح وغزو كل البُلدان المُحيطة بها.

مضيفا: خلال قرن واحد استطاع أحفاد وأبناء عُثمان أن يحولوا إمارتهم في غرب آسيا إلى مملكة، ثم مع قهر شعوب مجاورة وضم مزيد من أراضيهم، تحولت المملكة إلى إمبراطورية، احتاجت إلى أنظمة لإدارة شؤونها وتعظيم مواردها، فاستعار آل عُثمان من كل منَ سبقوهم في كل البلاد التي احتلوها.

وحسب سعد الدين إبراهيم، فمن ضمن ما استعاروه تقليداً عباسياً مملوكياً، بمقتضاه أخذ أبناء منَ يغلبونهم من الأطفال الذكور كرهائن، لتحاشي تمرد أو عصيان ذويهم مستقبلاً، وفي نفس الوقت تنشئة أولئك الأطفال كمسلمين أتقياء، وكفرسان أشداء، وأطلقوا عليهم اسم الانكشارية. وأصبحت تِلك الانكشارية مقدمة الجيوش العُثمانية في المعارك والحروب، خلال القرون التالية من 1400 إلى 1800 ميلادية.

ونظرا لمزايا الانكشارية، فقد تسابق بذلك أصحاب النفوذ السابقون واللاحقون في البُلدان المفتوحة على إلحاق أبنائهم بالانكشارية، حيث حصل أبناء أمراء البلقان ووسط وشمال أوروبا على النصيب الأكبر من المجندين، وسيفقدون الروح الجهادية فيما بعد لتحل محلها الروح الانتهازية.

 

استغلال قطر والتعاون مع طهران

وأوضح إبراهيم كذلك بأن أردوغان عثر على ما كان يرجوه في مشايخ قطر وثرواتهم الباهظة من النفط والغاز، وعُزلتهم الخليجية، إذ عرض عليهم الحماية مقابل تمويل الانكشارية الجديدة، التي نشر منها في اليمن، بهدف محاولة السيطرة على مضيق باب المندب لتهديد الملاحة وخنق قناة السويس وأيضا تهديد مصر.

وتابع القول بأن أردوغان تعاون مع نظام طهران لكسر الحصار الاقتصادي والدبلوماسي المفروض على إيران منذ الثورة على الشاه، والعصيان النووي في وجه أميركا.

وحسب مدير مركز ابن خلدون للدراسات فإن أردوغان استغل الصراع الداخلي على السُلطة في ليبيا، وذلك طمعاً في اقتسام حقول الغاز الضخمة التي اكتشفتها شركات التنقيب الإيطالية شرق وجنوب المتوسط، من خلال حليف ليبي، دون الاصطدام المباشر بإيطاليا ومصر واليونان وإسرائيل.

ضرب عصفورين بحجر

وقال أيضا إبراهيم بأن الرئيس التركي يظن بأنه سيضرب عصفورين بحجر واحد من خلال ورقة للمساومة بها على جزء من حقول الغاز والنفط من خلال حليف ليبي مضغوط من ناحية، وتهديد مصر من ناحية، والانتقام من نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي قام بإجهاض مُحاولة حُلفائه الإخوانجية في الاستيلاء على السُلطة في مصر.

إلى ذلك، اعتبر سعد الدين إبراهيم بأن أردوغان والانكشارية الجُدد، وفي مقدمتهم جماعة الإخوان المسلمين في مصر وشبكته الدولية المنتشرة في خمسين بلداً حول العالم يُحاربون من جهتهم معارك بقائهم الأخيرة، مضيفا: ولذلك ستستميت قياداتهم إلى آخر كوادر شبابهم وسنسمع مِراراً عن سقوط العشرات، وربما المئات من تِلك الكوادر، طمعاً في الجنة ولكننا لن نسمع عن استشهاد أحد من قيادات مكتب الإرشاد، الذين يُفضلون انتظار قدرهم وآخرتهم، وهم على أفرشتهم الوثيرة في الدوحة وإسطنبول، أو في باريس ولندن وليفربول.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى