سياسة

رأي روحاني في لبنان والعراق


ليس صعباً أن تكتشف كمْ أن نظام إيران أصبح مكروهاً في العراق ولبنان، ولا علاقة للأمر بقناة “العربية” أو هاشتاقات الجيش الإلكتروني، كما ادعى المسؤولون في حكومة حسن روحاني الإيرانية، بل لا توجد في العراق شبكة للإنترنت ولا “سوشيال ميديا”؛ حيث قطعتها الحكومة إرضاء للإيرانيين الذين يعتقدون أن موجات التحريض تأتي من الفضاء الإلكتروني، النت مقطوعة ومنصات “السوشيال” ميتة، لكن الانتفاضة حية ومستمرة.

إيران تلوم السعودية وأمريكا وإسرائيل، مدّعية أن ملايين الناس الذين أغرقوا المدن العراقية واللبنانية الأسبوعين الماضيين بالاحتجاجات من صناعة هذه الحكومات، إيران تريد أن تصمّ آذانها عن احتجاجات الشارع بأنها سبب فقرهم وهيمنة المليشيات عليهم وفشل حكومتيهم، الحقيقة.. الاتهامات تطابق الواقع، فكل المليشيات المسلحة في العراق تتبع إيران أو تواليها، و”حزب الله” في لبنان أقوى من الجيش، وهو تابع لإيران. وقد اضطرت معظم حكومات العالم إلى الامتناع عن التعامل بسبب نفوذ إيران في هذين البلدين. السعودية هي التي رفدت الليرة اللبنانية بوضعها وديعة في بنكها المركزي، وإيران هي التي خسفت بسعر الليرة بسبب تسلط “حزب الله” على مؤسسات الدولة. هذه حقائق معروفة لا تحتاج إلى محطات تلفزيون أو هاشتاقات تدل الناس على مصدر شقائهم.

في العراق، اعتمد المشروع الإيراني على الاستيلاء على مؤسسات الدولة، في البرلمان والأحزاب والقوات المسلحة التي أجبرت على ضم مليشياته إليها. ساءت الحال بسبب ذلك، وانتفض الناس في العراق، وهم ليسوا سنّة ضد شيعة، ولا حزباً ضد آخر، ولا تقودهم بقايا البعث، ولم ترفع أعلام داعش السوداء، ولا يبدي الأمريكيون أي اهتمام بدعمهم. انتفاضة العراقيين وطنية سلمية خالصة، رغم محاولات الإعلام الإيراني أن يصفها بأنها مدفوعة من الخارج. طيفها الواسع ومطالباتها تدحض اتهاماتهم لها. سارت المظاهرات السلمية في بغداد والبصرة وكربلاء والنجف.. وغيرها، ومعظمها محافظات ذات أغلبية شيعية، ترفع مطالب يلتفّ حولها الجميع، بوقف الفساد، وتصحيح الأداء الحكومي، وإنهاء المليشيات المسلحة والنفوذ الإيراني.. مطالب تدعو إلى استقلال العراق وهويته، إيران تهدد بأنها مستعدة لهدم الهيكل على رأس 30 مليون عراقي إن هم وقفوا أمام مشروعها في إدارة الحكم والسيطرة على البلاد.

وفي لبنان للحراك خصائص مشابهة للعراق.. عناوين الاحتجاج ضد الفساد، وضد مافيا السياسة، وضد الطائفية الحكومية. لم تقتصر المظاهرات الضخمة على بيروت، بل عمّت طرابلس السنّية والنبطية وبعلبك الشيعيتين، وطالبت الأصوات المسيحية بإبعاد الوزراء المسيحيين المتهمين بالفساد، والسنّة أول من دعا لاستقالة سعد الحريري من رئاسة الوزراء، وكثير من رجال الدين الشيعة تجرأوا على الظهور على الملأ يعبرون عن رفضهم “حزب الله”. الوضع الاقتصادي السيئ استنفد صبر الناس وأخرجهم عن صمتهم.

بحساب السلاح، نعرف أن ميزان القوة ليس في صف المتظاهرين، لكن عزيمتهم وإصرارهم والتأييد الشعبي الهائل المساند لهم سيحقق التغيير، أو على الأقل تصويب الوضع.

نقلاً عن “الشرق الأوسط”

تابعونا على

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى