سياسة

داعش يتلاشى.. والدراويش يكتبون الفصل الأخير؟


حققت قوات الدراويش التابعة لولاية بونتلاند الصومالية نصرًا حاسمًا على تنظيم داعش الإرهابي، وسيطرت على آخر معاقله شمال شرقي البلاد.

وقالت مصادر مطلعة إن قوات الدراويش نجحت في السيطرة الكاملة على آخر معقل رئيسي لتنظيم “داعش” شمال شرقي البلاد، في جبال علمسكاد بمحافظة بري، بعد عملية عسكرية واسعة النطاق مدعومة استخباريًا وميدانيًا، أسفرت عن مقتل 40 عنصرًا من التنظيم.

وظل تنظيم “داعش” في الصومال على مدى سنوات يحتفظ بوجود محدود في جبال بونتلاند، متحديًا ضغوطًا مزدوجة من القوات المحلية وتنظيم “الشباب” المنافس.

ومع تصاعد الحملات الأمنية في مطلع عام 2025، دخلت الحرب على داعش منعطفًا حاسمًا انتهى بإعلان قوات “الدراويش” التابعة لولاية بونتلاند استعادة السيطرة على آخر معاقله الجبلية، في تطور يطرح تساؤلات عما إذا كان التطور الأخير نهاية للتنظيم في الصومال أم إعادة تموضع.

داعش في الصومال؟

وتنظيم داعش في الصومال هو فرع محلي تابع للتنظيم العالمي، تأسس عام 2015 على يد مجموعة منشقة عن حركة الشباب المتشددة المنتمية لتنظيم القاعدة.

واستفاد المنشقون من خلافات عقائدية وانقسامات قبلية داخل الشباب، فيما كان التنظيم يؤسس دولته المزعومة في سوريا والعراق.

وعلى الرغم من أن داعش-الصومال يُعد أقل عددًا وتسليحًا مقارنة بحركة الشباب، فقد حافظ على موطئ قدم في بعض مناطق الشمال الشرقي من الصومال، ولا سيما في جبال “جوليس” و”علمسكاد”، محتميًا بالتضاريس الوعرة في تنفيذ هجمات مباغتة ضد قوات الأمن المحلية.

ماذا بعد سقوط المعقل الأخير؟

رغم الأهمية الاستراتيجية لاستعادة جبال علمسكاد، إلا أن الحديث عن “نهاية داعش” يظل محفوفًا بالحذر، وذلك لأسباب، أبرزها التهديد المستمر للخلايا النائمة، حيث ما زال التنظيم يحتفظ بعدد من المقاتلين الذين فروا إلى مناطق أخرى نائية، وقد يلجأون إلى تكتيكات حرب العصابات والعمليات الانتحارية، وفق مصادر عسكرية بالمنطقة.

كما ترى المصادر أن قابلية التنظيم للتحول، حيث أثبت داعش مرونته في أكثر من ساحة (العراق، سوريا، الساحل الأفريقي)، وقد يتحول إلى خلايا صغيرة تنتظر فرص العودة.

وتمثل الهشاشة السياسية والأمنية في الصومال عمومًا، وفي بعض مناطق بونتلاند تحديدًا، بيئة خصبة لأي تنظيم متطرف.

غير أن ما يميز عملية “علمسكاد”، ليس فقط حجم الخسائر التي مُني بها التنظيم، بل قدرتها على ضرب “رمزية” المعقل الأخير، وهو ما يشكل ضربة نفسية وتنظيمية على حد سواء.

وبحسب مسؤولين في الصومال، مثل الضغط الأمني المستمر من قبل قوات بونتلاند المدعومة من القوات الأمريكية، والصراع الداخلي بين حركة الشباب وداعش استنزافًا للطرفين، حيث تقلصت الموارد المالية واللوجستية، بعد أن تم تضييق قنوات الدعم والتهريب من خارج البلاد، خاصة عبر اليمن وخليج عدن.

شراكة في المواجهة

لم تكن الحرب على تنظيم “داعش” في الصومال جهدًا محليًا فقط، بل جاءت ضمن تنسيق دولي متعدد المستويات.

ولعبت فيه الولايات المتحدة الأمريكية دورًا محوريًا، إلى جانب شركاء إقليميين ودوليين.

وشنَّت طائرات أمريكية مسيّرة تابعة للقيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا ضربات جوية دقيقة استهدفت مرارًا قيادات “داعش – الصومال” في جبال بونتلاند، أبرزها ضربات في 2021 و2024 و2025، فضلًا عن الدعم الاستخباراتي والتقني المتمثل في تقديم صور أقمار صناعية، وتحديد مواقع اتصالات عبر الأقمار الصناعية.

دراويش بونتلاند

ويرى مراقبون أن “دراويش بونتلاند” أثبتوا أن مكافحة الإرهاب لا تحتاج إلى جيوش ضخمة، بل إلى قوة صغيرة مدرّبة، مرنة، ومرتبطة بأرضها، وفي الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم نحو مقديشو وحركة الشباب، فإن المعركة الصامتة في الشمال الشرقي، بقيادة هذه القوة الضاربة، كانت الأنجح في القضاء على أحد أفرع داعش الأكثر خطورة بالقرن الأفريقي.

وتُعد قوات دراويش بونتلاند من أبرز الوحدات الأمنية والعسكرية التابعة لولاية بونتلاند، وقد تم تأسيسها كقوة خاصة مدرّبة على خوض المعارك ضد التنظيمات الإرهابية، لا سيما في البيئات الجبلية والصحراوية الوعرة.

وتتميّز هذه القوة بقدرتها العالية على تنفيذ عمليات استخباراتية دقيقة، واعتمادها على تكتيكات حرب العصابات والكر والفر، بالإضافة إلى خبرتها الطويلة في التعامل مع التضاريس الجبلية المعقّدة، وهو ما جعلها القوة الأبرز في بونتلاند لمواجهة الإرهاب، سواء ضد عناصر داعش أو بقايا تنظيم الشباب المتشدد.

تابعونا على

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى