خطر داهم.. تحذير من خطة إعادة الإعمار في تركيا


حذر مهندسون معماريون ومدنيون من أن تؤدي خطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لإعادة الإعمار سريعا بعد الزلازل المدمرة. التي ضربت بلاده إلى وقوع كارثة أخرى، ما لم تتم إعادة النظر بعناية في التخطيط الحضري وسلامة المباني.

 وسط اتهامات للحكومة بأنها تتحمل نصيبا كبيرا من مسؤولية المأساة التي أودت بحياة أكثر من 40 ألف شخص في تركيا بسبب تراخيها في تنفيذ لوائح البناء لتحقيق أهداف انتخابية، فضلا عن تفشي الفساد في القطاع.

وبعد أيام من وقوع أسوأ زلزال بتركيا في التاريخ الحديث تعهد أردوغان بإعادة بناء المنطقة الجنوبية التي شهدت وقوع الكارثة. في غضون عام وهو تعهد تشير تقديرات متحفظة إلى أن تكلفته ستبلغ نحو 25 مليار دولار في حين تشير توقعات أخرى إلى أنها أعلى من ذلك بكثير.

وتقول السلطات إن أكثر من 380 ألف وحدة في 105794 مبنى بحاجة ماسة إلى الهدم أو انهارت، من أصل 2.5 مليون مبنى في جميع أنحاء المنطقة.

وجمعت الحكومة نحو 38 مليار دولار من الضرائب المرتبطة بالزلزال ويمكن أن توفر هذه الضريبة التي لا تزال سارية تمويلا سريعا لبدء جهود إعادة البناء. متعهدة بالتحقيق مع أي شخص يشتبه في مسؤوليته عن انهيار مبان واعتقلت العشرات حتى الآن.

وفي مواجهة الانتخابات المقررة في مايو تتعرض حكومة أردوغان لموجة من الانتقادات بسبب أسلوب تعاملها مع ما حدث من دمار وما يقول كثيرون من الأتراك إنه نتاج سياسات على مدى سنوات أدت إلى تدمير عشرات آلاف المباني بسهولة.

وقال أردوغان إن الحكومة ستغطي إيجارات من يغادرون المدن التي ضربها الزلزال، مضيفا “سنعيد بناء هذه المباني في غضون عام ونعيدها للمواطنين”. لكن الخبراء يعتقدون أنه بحاجة إلى تطبيق معايير السلامة من الزلازل بعناية وتشييد مبان أكثر أمانا في المنطقة التي تمتد على أحد خطوط الصدع الثلاثة التي تتقاطع مع تركيا.

وفي إسطنبول، قالت إيسين كويمين الرئيسة السابقة لغرفة المهندسين المعمارين في المدينة “إحلال المباني المهدمة ليس هو الضروري فحسب. لكن أيضا إعادة تخطيط المدن بناء على البيانات العلمية مثل عدم البناء على خطوط الصدع وتعلم الدروس من أخطاء الماضي”. مضيفة أن “التخطيط الجديد هو ما يجب أن يتصدر الأولويات وليس البناء الجديد”.

وقال خبراء إن الزلازل كشفت عن هشاشة البنية التحتية لتركيا لأنها دمرت المباني الحديثة والقديمة، بما في ذلك مستشفيات ومساجد وكنائس ومدارس. فيما يشعر البعض الآن بالقلق من أن الإطار الزمني الطموح للحكومة لا يترك سوى القليل من الوقت لإصلاح أخطاء الماضي.

وأكد نصرت سونا نائب رئيس غرفة المهندسين المدنيين “عندما يقولون نبدأ البناء في شهر، فإننا ننتهي منه في عام. وعدم الانتهاء من التخطيط للمدينة يعني صراحة أن الكارثة التي نمر بها لم يتم أخذها في الاعتبار”. مضيفا “يستغرق الأمر شهورا لوضع مخططات للمدينة… من الخطأ الفادح تجاهل تلك الخطط”.

على مدى 20 عاما في السلطة استغل أردوغان المشروعات العقارية الكبرى للحديث عن ازدهار تركيا

وقال وزير البيئة والتطوير العمراني مراد قوروم الأسبوع الماضي إن الحكومة ستدرس المسوحات الجيولوجية التفصيلية في خطط إعادة إعمار المدينة وإنه سيتم طرح عطاءات.

 وعلى مدى 20 عاما في السلطة استغل أردوغان المشروعات العقارية الكبرى للحديث عن ازدهار تركيا الآخذ في النمو. ووفرت أعمال بناء المباني العامة والخاصة مزيدا من الوظائف وزادت من المعروض في المساكن ودعمت نتائج التأييد له في استطلاعات الرأي.

وتشكل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تلوح في الأفق والتي ربما تتأخر بسبب الزلزال أكبر تحد سياسي لأردوغان حتى الآن بالنظر إلى أن أزمة تكلفة المعيشة. ألقت بثقلها على الأتراك قبل وقوع الكارثة بوقت طويل.

ويقول بعض المنتقدين إن الدولة فاقمت الأزمة بمنحها عقود بناء مربحة على مدى سنوات لشركات “صديقة” مقابل دعم سياسي ومالي.

وقالت بينار جيريتلي أوغلو، رئيسة غرفة مخططي المدن في إسطنبول، “لسوء الطالع، يستمر النظام الريعي وليس العلم في السيطرة على كل شيء”.

وعلى الرغم من عدم وجود بيانات محددة عن أكثر من 20 مليون مبنى في البلاد، قال وزير التطوير العمراني السابق محمد أوزهسكي عندما كان في منصبه في منتصف عام 2018 إن “أكثر من 50 في المئة من جميع المباني مخالفة للوائح الإسكان”.  

وتتهم المعارضة حكومة أردوغان بعدم إنفاذ لوائح البناء وبسوء إنفاق إيرادات الضرائب الخاصة التي يتم جبايتها منذ الزلزال الكبير الذي وقع في عام 1999 من أجل جعل المباني أكثر مقاومة للزلازل، لكن الرئيس التركي ينفي مرارا ما وصفه بأكاذيب المعارضة التي تستهدف عرقلة الاستثمار.

وفي عام 2018، أصدرت الحكومة عفوا عن المباني القائمة التي انتهكت قواعد البناء مقابل رسوم وهي ممارسة نُفذت أيضا في ظل حكومات سابقة قبل عام 1999.

وخلال تجمع حاشد في مدينة كهرمان مرعش عام 2019  تفاخر أردوغان بأن حكومته تمكنت من حل مشاكل أكثر من 144 ألف من السكان المحليين بفضل قواعد العفو عن البناء، فيما تبين أن أكثر المباني المتضررة من زلزال 6 فبراير هي تلك التي حصلت على إعفاء من قانون البناء.

ويرى مراقبون أن قوانين العفو خلقت مفهوما داخل المجتمع التركي يتمثل في أنه يمكن التسامح مع انتهاكات البناء وهو ما أدى إلى زيادة كبيرة في عدد البناءات غير المطابقة للمواصفات.  

عفو البناء

وكان التحالف الحاكم في تركيا بزعامة حزب أردوغان قد طلب في وقت سابق من البرلمان التركي مناقشة قانون “عفو البناء” الجديد، لكن جرى تأجيل النقاش بسبب كارثة الزلزال.

وقبل الانتخابات كثيرا ما تتردد عبارة “عفو البناء” وهي تشير إلى لائحة تقنن الإنشاءات التي جرى تشييدها بشكل غير قانوني. حيث يمنح هذا الإجراء التصاريح لهذه المباني مقابل دفع رسوم. فيما يقول المراقبون إن الحكومات التركية المتعاقبة تستخدم هذا الإجراء كوسيلة لكسب الأصوات قبل الانتخابات.

وأعلنت وكالة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد” وقوع زلزال جديد مساء اليوم الاثنين بقوة 6.4 درجات على مقياس ريختر في ولاية هطاي جنوبي تركيا.
وأفادت الوكالة عبر حسابها على الإنترنت بأن مركز الزلزال قضاء “دفنه” في الولاية ووقع في تمام الساعة 20:04 بالتوقيت المحلي.
وأشارت إلى أن الزلزال وقع على عمق 16.7 كيلومترا. وشعر به سكان الولايات المحيطة وشمالي سوريا. كما حذرت المواطنين وطالبت منهم الابتعاد عن السواحل كتدبير احترازي إزاء خطر ارتفاع مستوى البحر عقب زلزالي هطاي

Exit mobile version